دعا مصطفى المعتصم، الأمين العام لحزب البديل الحضاري المنحل، الصحافيين إلى الحضور خلال جلسة 24 دجنبر الجاري من أجل الاستماع إلى روايته حول الاتهامات الموجهة إليه، ووصف، خلال حوار مع مجلة «لوجورنال» الصادرة هذا الأسبوع، ما تضمنته المحاضر من اتهامات ضده بأنها «أكاذيب»، وقال إنه بعد أربعة أيام على الندوة الصحافية التي عقدها وزير الداخلية، والتي تضمنت الاتهامات الرسمية ضد «خلية بلعيرج» تم اقتياده يوم الأحد 24 فبراير، في وقت متأخر من الليل، من أجل التوقيع على حوالي 30 محضرا، وقال: «لم أتمكن من قراءة سوى واحد منها بصعوبة كبيرة لأنهم رفضوا أن أضع نظاراتي». وأكد أن «المحاضر الموجودة في المحكمة تمت إضافة الكثير من الأكاذيب إليها، وتم حذف كثير من الحقائق منها، مثل أسباب مغادرتنا للاختيار الإسلامي، واتصالي بأحمد حرزني، وهناك أشياء أخرى لن أتحدث عنها سوى أثناء المحاكمة». وروى المعتصم لأول مرة تفاصيل اعتقاله، وربط ذلك برفض حزبه المنحل الانضمام إلى حركة لكل الديمقراطيين التي أسسها فؤاد عالي الهمة، وتحدث عن عبد القادر بلعيرج المتهم الرئيسي في القضية، وكيف تعرف عليه، وحقيقة اتصاله بأحمد حرزني لتحذيره من عمليات مفترضة في المغرب. وقال إنه منذ انتخابات شتنبر 2007، اشتغلت بعض الأيدي في الظل، لإعادة تشكيل الحقل السياسي المغربي وأكد أن مناضلي البديل الحضاري سبق أن تلقوا عرضا للانضمام إلى حركة لكل الديمقراطيين، التي أسسها فؤاد عالي الهمة، وقال: «من المثير أن الاعتقال جرى في اليوم الموالي لانعقاد المجلس الوطني للبديل الحضاري الذي رفض هذا العرض». وبخصوص قصة اعتقاله قال «كنت عائدا إلى بيتي في حي الرياض، في يوم الأحد 17 فبراير 2008، بعد انتهاء أشغال المجلس الوطني لحزب البديل الحضاري، في المحمدية، فلاحظت أمامي سيارة يوجد بها خمسة أفراد، في البداية لم أهتم كثيرا، ولكن في اليوم الموالي اتصلت بي صحافية وسألتني عن سبب منعي من مغادرة التراب الوطني، فأجبت وأنا متفاجئ بأنه ليس لي أي علم بهذا الموضوع»، وأضاف: «فاتصلت بديوان محيي الدين أمزازي، مدير الشؤون الداخلية بوزارة الداخلية، لأستفسره، فتمت طمأنتي بأن الأمور عادية، وأن المعلومات حول منعي من مغادرة التراب الوطني غير صحيحة»، وأكثر من ذلك تم إخباره بأنه كاتب عام لحزب سياسي مرخص به، وأنه لو كان هناك مشكل لاتصلت به السلطات مباشرة، ولكن مباشرة بعد هذا الاتصال تزايدت التحركات حول بيته، مما جعله يخبر مسؤولين سياسيين وفاعلين حقوقيين. وفي حدود الساعة الخامسة مساء من نفس اليوم، تم اعتقاله، وقال: «بعدما أوصلت ابنتي إلى محطة القطار الرباط أكدال، قامت مجموعة من السيارات بقطع الطريق علي أمام فندق «إبيس»، بطريقة تشبه أفلام هوليود، وتم وضعي في سيارة فولسفاكن باسات، وتم اقتيادي إلى منزلي، مرفوقا ب15 سيارة، مما أثار حفيظة السكان، وبعد ذلك اقتحم حوالي 20 شخصا منزلي بدون أمر بالتفتيش، وأخذوا كل شيء: كتب، جهاز كمبيوتر محمول، هاتف محمول، وحتى كمبيوتر أطفالي أخذوه» كل هذه الأشياء تمت الإشارة إليها في المحضر، يقول المعتصم «لكن هناك أشياء أخرى لم تتم الإشارة إليها، مثل عشرات الوثائق المتعلقة بأبحاث طلبتي، وصور عائلتي، وكشف نقط أطفالي»، وبعد ساعة من البحث أخذوه أمام جيرانه، «كما لو كنت مجرما، وعندما طلبت إخباري بالمكان الذي سينقلوني إليه من أجل إخبار عائلتي رفضوا». وبخصوص عبد القادر بلعيرج، أكد المعتصم أنه التقاه مرة واحدة في غشت 1992 في طنجة، أي منذ 16 سنة. «كان لقاء وديا للتعارف، ومنذ ذلك التاريخ لم أره مرة أخرى، إلى درجة أنني لم أتعرف عليه في المحكمة»، يؤكد المعتصم. حول «الاختيار الإسلامي»، قال المعتصم إنه «في سنة 1993 ظهرت توجهات وتيارات داخله أدت إلى تجميد هذا التنظيم الذي كان يعمل في السر. ولذلك قررت أنا ومحمد الأمين الركالة، ومصطفى المسعودي أن نخرج من هذه الوضعية، من أجل التوجه نحو حركة سياسية في إطار الشفافية، والمشروعية. وفي هذه الفترة كانت هناك إشارات نحو الانتقال إلى التناوب التوافقي، وفي ظل عدم التفاهم داخل الاختيار الإسلامي واجهنا المكتب الوطني بأن «أرٍض الله واسعة»، وهكذا خرجت رفقة بعد الأصدقاء، وأسسنا جمعية البديل الحضاري، التي تحولت في يوليوز 2002، إلى حزب سياسي». وبخصوص إخباره لأحمد حرزني، رئيس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، بشأن أسلحة دخلت المغرب، قال إن القضية تعود إلى يوليوز 2003، حين تلقى مكالمة هاتفية من شخص من إيطاليا «قدم نفسه لي بأنه من قدماء نشطاء الشبيبة الإسلامية، وقد حصل على هاتفي من خلال جريدة «الجسر» التي كانت تصدرها جمعية البديل الحضاري» يؤكد معتصم، مضيفا أن «هذا الشخص حذرني من أن تفجيرات ستحصل في المغرب في أماكن استراتيجية، فاقترحت عليه أن يتصل على وجه السرعة بسفير المغرب في روما»، وبعد هذه المكالمة، يؤكد معتصم أنه اتصل بأحمد حرزني الذي لم يكن في المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان آنذاك، ونقل له فحوى المكالمة. يقول: «كنت أعرف أنه سينقل الرسالة بسرعة إلى المعنيين، حتى تتخذ المصالح الأمنية احتياطاتها» وبخصوص الاتهامات الموجهة إليه بشأن التواطؤ في عمليات سطو من أجل تمويل مشروع ثوري، قال المعتصم إنه يتحدى الأجهزة الأمنية المغربية، العربية، الفرنسية والأمريكية أن تقدم الدليل على ذلك، وقال إنه يؤمن بالمصالحة من أجل دعم الوحدة الوطنية، وأن حزبه يعتقد أن «جلالة الملك كان له دور أساسي في نجاح الانتقال الديمقراطي». وحول ما إذا كان ذلك مجرد سيناريو معد سلفا، أجاب: «الآن يمكننا أن نقرأ في الصحف أن هناك أشخاصا فاسدين، يمكنهم الكذب على الملك، من خلال الغش في المشاريع التي يطلقها، فلماذا لا يكذبون علينا في المحاضر، ونحن بين أيديهم،رهن الاعتقال. لقد اتهمت أيضا بأنني دعوت إلى قتل مواطن مغربي ديانته يهودية، وأنا أوجه دعوة إلى المواطنين من ديانة يهودية لحضور محاكمتي، لأخذ رأيي في هذا الموضوع، وقال: «أتمنى أن يلبي كل من شمعون ليفي، أبراهام السرفاتي، وسيون أسيدون دعوتي». وحول سبب رفضه التحدث مع قاضي التحقيق في سلا، أجاب: «هذا ليس قاضي تحقيق إنما قاضي تدمير، لأنه تم المس بحقوقنا وحقوق دفاعنا، وتم رفض تمكين دفاعنا من المحاضر». وقال: إن القاضي عبد القادر الشنتوف رفض تمكين الدفاع من المحاضر بسبب وجود أسرار الدولة بها، وأن القاضي قال لهم إن سفارة الجزائر رصدت مليون دولار لمن يأتيها بالمحاضر، ورفض حضور وزير الداخلية وأحمد حرزني كشهود. ويعلق المعتصم: «إذن هذا يبين أنه قاضي لم تكن نيته حسنة»، ويستغرب كيف تم تسريب المحاضر فيما بعد للصحافة بهدف دعم الرواية الرسمية. وحول ظروف اعتقاله قال المعتصم إن «تعامل الفرقة الوطنية للشرطة القضائية كان سلسلة من المس بالكرامة الانسانية»، وقال إنه منذ اختطافه تعرض للسب والتهديد، معصوب العينين ومقيد اليدين، وكانت تستمر التحقيقات معه إلى الفجر، وكان هناك ثلاثة إلى أربعة حراس يقفون حول السرير الذي كان يتمدد عليه من أجل منعه من النوم، دون الحديث عن فقدان النظافة، والطعام الملوث.