ما بدا إشاعة قبل أشهر تحول إلى خبر حقيقي يوم الجمعة الماضي، فقد أقيل يونس معمر، المدير العام للمكتب الوطني للكهرباء، وخلفه علي الفاسي الفهري، المدير العام للمكتب الوطني للماء الصالح للشرب، ابن أخت الوزير الأول عباس الفاسي، وزوج وزيرة الصحة ياسمينة بادو، وشقيق وزير الخارجية الحالي. وعلي الفاسي الفهري يرأس في نفس الوقت نادي الفتح الرباطي لكرة القدم. مراقب لمسار يونس معمر قال إن رحيل يونس معمر من المكتب الوطني للكهرباء كان منتظرا، فهو لم يكن على تفاهم مع وزيرة الطاقة الحالية، إذ كان حريصا على نوع من الاستقلالية إزاء سلطة الوصاية، وإن تعلق الأمر بقطاع حساس مثل الكهرباء، بل إن التوتر امتد إلى العلاقة بين معمر ووالي الدارالبيضاء. محدثنا يدعو إلى العودة إلى بدايات تولي معمر شؤون المكتب، فقد عبر صراحة آنذاك عن الرغبة في توفير الكهرباء، عبر محطة للطاقة النووية، بل إنه تعدى ذلك إلى التصريح بوجود الدراسات التي تخدم ذلك الهدف وحدد المكان الذي يفترض أن يحتضن المركب النووي لتوليد الطاقة الكهربائية.. تصريحات يبدو أنها أثارت حفيظة وزير الطاقة السابق، الذي لم يفوت أيه فرصة من أجل نفي وجود أي طموح لدى المغرب إلى التوفر على مركب للطاقة النووية في الوقت الحالي. غير أن العديد من التعليقات التي تتناول إقالة معمر اعتبرت أن مغادرته للمكتب الوطني للكهرباء لها علاقة بانقطاعات الكهرباء، التي عرفها المغرب في الآونة الأخيرة، حيث أثارت احتجاجات الصناعيين، خاصة وأنه لم يجر إعلامهم قبل اللجوء إلى قطع الإمداد بالكهرباء، ففي الدارالبيضاء اعتبرت « ليدك» أنها لم تخطر بالانقطاعات، الشيء الذي رد عليه المكتب الوطني للكهرباء بالتشديد على أنه أخبر الوزارة الوصية التي يفترص فيها إخبار الموزعين. وزيرة الطاقة والمعادن دأبت على التذكير بأن التوزان بين العرض والطلب بالكاد يجري تأمينه منذ 2007، في ظل الارتفاع السنوي للاستهلاك ب8 في المائة، بحيث شددت على احتمال أن يكون العرض غير كاف في فترات الذروة بسبب حادث تقني، غير أنه يبدو أن الانقطاعات الأخيرة، وتلك التي عرفتها الصويرة خلال مهرجان «كناوة» السنوي، قد شكلت مبررا لإقالة يونس معمر. وقد دأب معمر على التأكيد على هشاشة الوضعية المالية للمكتب، الناجمة عما اعتبره مجهودات تقنية ومالية بذلت لتحسين أداء المؤسسة العمومية. ويشير بعض الملاحظين إلى أن الانقطاعات التي همت مدنا مغربية لا يمكن أن تخفي بعض المشاريع المهمة التي أطلقها المكتب في السنتين ونصف السنة التي استغرقها تولي معمر أمور المكتب، من قبيل إطلاق طلب عروض لإنشاء محطة لتوليد الكهرباء بآسفي، والتوجه نحو تشكيل باقة الطاقة من خلال استغلال الطاقة الريحية والدور الذي يلعبه المكتب في العديد من البلدان الإفريقية..