حينما قرر عمدة الدارالبيضاء محمد ساجد وأغلبيته المسيرة سنة 2004 منح شركة «مدينة بيس» حق التدبير المفوض لقطاع النقل الحضري في المدينة، كان يعتبر أن هذه الخطوة هي المنقذ الوحيد لوضعية النقل في العاصمة الاقتصادية، وكان يصر دوما على أن البيضاء لن تخرج من أزمة النقل إلا إذا خاضت تجربة التدبير المفوض، لكن مع توالي الشهور والسنوات بدأ يظهر أن هذه الشركة لن تكون قادرة حتى على تدبير أمورها الداخلية، فما بالك بتدبير قطاع متشعب كالنقل الحضري؛ بل الأدهى من ذلك أنه منذ العرض الأول لحافلات المدينة في ليلة رمضانية في سنة 2004، ظهر أن المواطن البيضاوي لن يمتطي سوى «خردة» حافلات مهترئة جيء بها من باريس، فليست هناك حافلات جديدة كما ادعت شركة «مدينة بيس»، وكانت تلك أول ضربة لدفتر التحملات. ولأن الأزمة بدأت تظهر بقوة في شركة «مدينة بيس»، فإنه لم يكن ثمة بد من دخول صندوق الإيداع والتدبير على الخط في محاولة لإعادة التوازن إليها، إلا أن ذلك لم يكن كافيا، فتدخلت الدولة في 2010 لضخ حوالي 20 مليار سنتيم في ميزانية الشركة، لكن ذلك لم يكن بدوره كافيا، لتعاود الدولة التدخل من جديد، قبل 3 أيام، لتقرر هذه المرة منح هذه الشركة أزيد من 30 مليار سنتيم، وذلك لإنقاذها من الفشل الذي أصبح يهددها. لا يمكن بهذه الطريقة أن يحل مشكل النقل الحضري، فعوض أن تتدخل الدولة لضخ الملايير من السنتيمات من أموال الشعب في صندوق شركة تتكلف بتدبير النقل، كان الأولى أن تتخذ السلطات المفوِّضة القرار الجريء بفسخ العقد نهائيا مع هذه الشركة، المفوَّض إليها، والتفكير الجدي في طريقة أخرى لتدبير القطاع، لأنه لا يعقل أن تغرف السلطات الأموال في كل مرة من ضرائب المواطنين وتقدمها إلى هذه الشركة فوق طبق من ذهب. يا للعبث.