فاجأ سعد الدين العثماني، وزير الخارجية والتعاون، النواب البرلمانيين حينما دعا بلغة حازمة الحكومة الإسبانية إلى تعويض سكان الريف عن حرب الغازات السامة، التي خاضتها في المنطقة في عشرينيات القرن الماضي. العثماني، الذي كان يتحدث في جلسة للأسئلة الشفوية بمجلس النواب مساء أول أمس الاثنين، لم يتوقف عند هذا الحد، بل أكد أن ما حدث خلال الفترة الاستعمارية تتحمل مسؤوليته إسبانيا. ولذلك، يضيف العثماني، ينبغي على إسبانيا أن تعترف بالمظالم والتجاوزات التي اقترفتها في الريف. ووجه العثماني كلامه إلى الفريق الاشتراكي الذي طرح السؤال قائلا: «أريد أن أؤكد أن كل الحكومات المتعاقبة كان لها موقف واحد موحد، لأن هذا السؤال يعلو حول أي اختلافات، سياسية أو حزبية أو موقعية. نؤكد مرة أخرى على ضرورة الدفاع عن هذا الملف»، مبرزا أن ما وقع أثناء الفترة الاستعمارية هو من مسؤولية المستعمر، وبالتالي نحن نطالب الجانب الإسباني بفتح حوار مع الحكومة المغربية ومع الجهات الأخرى المختصة، ويجب أن يكون هذا الحوار هادئا ومسؤولا في إطار الاتفاق الاستراتيجي العام للعلاقات بين المغرب وإسبانيا يقوم على عدم تخلي المغرب والمغاربة عن حقوقهم في هذا الملف، ولا أظن أن الإسبان يمانعون، وسنتابع هذا الملف، وهو من بين الملفات التي ستكون على الطاولة وتحث إسبانيا عل الاعتراف وجبر الضرر المعنوي والمادي وقراءة الماضي بما ينفع الحاضر والمستقبل». في السياق نفسه، قدم الفريق الاشتراكي بمجلس النواب سؤالا قويا على لسان عبد الحق أمغار، النائب البرلماني عن منطقة الريف، قائلا في هذا الصدد: «يجب تصفية ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان من طرف الدولة الإسبانية في الريف». وأوضح أمغار أن إسبانيا لم تكتف فقط باحتلال سبتة ومليلية بقدر ما تنكرت لماضيها الاستعماري المليء بالانتهاكات». وأكد أمغار أن السلطات الاستعمارية الإسبانية استعملت أسلحة كيماوية محرمة دوليا ضد سكان الريف، بعد اندحار القوات الإسبانية في معركة أنوال الشهيرة. لكن الإشكال لم يعد فقط سياسيا وحقوقيا، يقول أمغار، بل تعداه لما هو أخطر، حيث لا يزال سكان المنطقة يعانون من انتشار مرض السرطان، بشكل مضاعف عن المعدل الوطني. كما أن الأرض متضررة جراء ذلك، متسائلا بصيغة استنكارية عما فعلته الحكومة بعد مرور 84 سنة على ارتكاب المستعمر الإسباني جرائمه بالريف. وبالرغم، يستطرد أمغار، من تأسيس جمعيات وعقد لقاءات حول هذا الموضوع، فإن ذلك كان بدون جدوى، منتقدا بشدة زيارة وزير الداخلية الإسباني على خلفية تصريحاته المقدسة للجنود الذين قضوا في المعارك ضد الريف.