كشف الصحفي المصري صلاح الإمام في تحقيق صحفي مطول نشرته الصحف المصرية وتناقلته المواقع الإخبارية العربية عن قصة الجاسوس الإسرائيلي نبيل النحاس الذي أعدمته السلطات القضائية المصرية مباشرة بعد نصر أكتوبر 1973، ووصف سقوطه وقتها في أيدي المخابرات المصرية ب«الصدمة التي أصابت الموساد الإسرائيلي باعتبار نبيل النحاس حول مهنة التجسس إلى أستاذية في التخفي والتمويه والبحث عن مصادر المعلومات». المثير في تحقيق الصحفي المصري صلاح الإمام، سرده لسيرة الجاسوس الإسرائيلي من جذور أسرته ببلدة حاصبيا في الجنوب اللبناني على نهر الحاصباني، ثم إلى انتقال أسرة والده إلى كفرشيما في منطقة الشويفات جنوبيبيروت، ومن هناك إلى مصر، حيث أقام والده بالسويس، وتزوج من مصرية أنجبت له نبيل النحاس عام 1936، حتى انضمامه إلى إحدى وكالات الأنباء العالمية كمراسل مقابل راتب كبير مغر، وكانت أولى المهام التي أوكلت إليه السفر إلى منطقة الصحراء المغربية، لكي ينقل أخبار الصراع السري الدائر بين المملكة المغربية وموريتانيا، بشأن النفوذ على المنطقة المحصورة بينهما. وفي أحد فنادق الدارالبيضاء، تعرف إليه رجل مغربي يهودي، عرف منه وجهته فعرض عليه مساعدته لدخول المكان الذي يقصده بالصحراء عن طريق أعوان له في أقصى جنوب المغرب، وفي منزل اليهودي المغربي الذي تحيطه الحدائق والزهور، كانت تنتظره مفاجأة من نوع خاص، إنها مليكة، تلك اليهودية المغربية ذات الجمال الفتان الذي لم تره عينه من قبل، والتي بسببها نسى مهمته التي أتى المغرب من أجلها، فأحكمت مليكة شباكها حوله، وحولته إلى خادم طائع منقاد لرأيها، من دون أن يشك ولو للحظة في كونها يهودية تسعى لاصطياده في خطة محبوكة وماهرة. وفي خضم افتتانه بمليكة المغربية، اقترحت عليه السفر والاستقرار معها بباريس، وهناك عرفته على باسكينر ضابط الموساد الإسرائيلي الذي درس شخصيته دراسة دقيقة فتولى أمره وتعهده ليصنع منه جاسوساً ملماً بفنون الجاسوسية، ولما أيقنت مليكة أنه سقط في براثنها نبهته بطريق غير مباشر إلى ضرورة إدراك حقيقة لا بد من أن يعيها، وهي أنها يهودية تدين بالولاء لإسرائيل حتى وإن كانت مغربية المولد والجنسية ولغتها عربية فرنسية، وأمام هذا المستجد المدروس أبقى الضابط باسكينر مليكة إلى جوار الجاسوس الجديد، فوجودها مهم للغاية في تلك المرحلة الأولى من الإعداد والتدريب، بالإضافة إلى أن خضوعه كان مرهوناً بوجودها، إلى جانب آلاف الدولارات التي ملأت جيوبه فأسكرته، وأنسته عروبته وقوميته، فهي تمنحه النعيم ليلاً بينما يدربه باسكينر وزملاؤه نهارا. يقول الصحفي المصري صلاح الإمام: «في 24 نوفمبر(تشرين الثاني) 1973، بعد عشرة أيام من عودته من روما، اقتحمت المخابرات المصرية شقته في القاهرة، وضبطت أدوات التجسس كاملة، فلم يستطع الإنكار وانهار باكياً أمام المحققين، وأدلى باعترافات تفصيلية ملأت مئات الصفحات، وهو لا يصدق أنه سقط بعد 13 عاماً كاملة في مهنة التجسس التي أجادها واحترفها بعد أن احتل مرتبة الصدارة لدى المخابرات الإسرائيلية في المنطقة، وقام بدور حيوي في نقل أسرار عسكرية وحيوية إلى إسرائيل قبل نكسة يونيو 1967».