أعلن موقع التسريبات الشهير «ويكيليكس»، أول أمس الخميس، عن بدئه في نشر قرابة 2.4 مليون رسالة بريد إلكترونية، خاصة بسياسيين ودوائر حكومية وشركات في سوريا يعود تاريخها إلى ما بين غشت 2006 ومارس من السنة الماضية. وكشفت أولى هذه الوثائق المنشورة أنّ النظام السوري قام باستيراد نظام «تيترا»، أحد منتجات شركة «مينميتشانيكا» الإيطالية الرائدة في عالم الاتصالات، حيث يسمح هذا البرنامج باعتراض أي جهاز ميكانيكي، حتى المروحيات، ويجيز تفكيك المعلومات المشفّرة. وتشير وثيقة ويكليكس إلى أن العقد المبرم بين الشركة الإيطالية ودمشق يعود الى عام 2008، حيث تم التوقيع على اتفاق بقيمة 40 مليون يورو مع شركة يونانية، استخدمتها الحكومة السورية كوسيط بينها وبين الشركة الإيطالية، مضيفة أنه في شهر مايو2011، أي بعد مرور شهرين على بدء الأحداث في سوريا، طلب السوريون توسيع تحديث المشروع بنسبة 25% من الشركة اليونانية، وذلك بعد وصول آخر شحنة متفق عليها، إلى دمشق، وتحتوي على 500 جهاز من نوع VS3000. كما أشارت الوثائق الى وصول رسالة مؤرخة في الثاني من فبراير عام 2012، تُعلن وصول فريق من مهندسين إيطاليين لتدريب التقنيين السوريين على طريقة استخدام مختلف مكونات برنامج «تيترا». وستنشر باقي الوثائق على مدى الشهرين المقبلين في موقع ويكيليكس وصحف عربية ودولية ووكالات أخبار، وتتكون من مليونين و434 ألفا و899 رسالة إلكترونية، أرسلت واستقبلت من 678 ألفا و752 عنوانا بريديا إلكترونيا، واستخدمت في الرسائل عدة لغات بينها أربعمائة ألف رسالة باللغة العربية و68 ألفا بالروسية. وقال مؤسس موقع ويكيليكس جوليان أسانج في بيان إن «المواد محرجة لسوريا ولكنها في الوقت نفسه محرجة لخصومها وتساعدنا ليس على انتقاد مجموعة أو أخرى فحسب، بل على فهم مصالحها وأعمالها وأفكارها»، وأضاف أنه بهذا الفهم يمكن أن يكون هناك أمل في حل الصراع. وأوضح بيان ويكيليكس أن رسائل البريد الإلكتروني، التي أطلق عليها «الملفات السورية»، سوف تلقي الضوء على الأعمال الداخلية للحكومة والاقتصاد السوري «وستكشف أيضا كيف أن الغرب والشركات الغربية تقول شيئا وتفعل شيئا آخر». وأضاف البيان أن المعلومات تتضمن مراسلات خاصة بين رموز بارزة في حزب البعث وتسجيلات لمعاملات مالية تم تحويلها من وزارات سورية إلى دول أخرى. وفي نفس السياق، صرّحت سارة هاريسون، المتحدثة باسم الموقع، خلال مؤتمر صحافي في لندن، بأن ويكيليكس بدأ بنشر ملفات سوريا، وهناك أكثر من مليوني بريد إلكتروني لشخصيات سياسية سورية ووزارات ومؤسسات تعود الى الفترة الممتدة بين غشت 2006 ومارس 2012، مشيرة إلى أن المسؤولين عن الموقع واثقون من أن الوثائق أصلية، وتضم مئات العناوين، ومن بينها مؤسسة شؤون الرئاسة في سوريا، كما تبين العلاقة المتقاطعة بين الحكومة السورية والشركات الغربية، رافضة في نفس الوقت إعطاء أية تفاصيل عن فحوى الرسائل الإلكترونية المعتزم نشرها لاحقا. وأضافت أن المعلومات التي سينشرها الموقع تتراوح بين رسائل شخصية «حميمة» لكبار قادة حزب البعث السوري، إلى تحويلات مالية من الوزارات السورية إلى دول أخرى، وأيضا نفاق بعض الشركات الغربية تجاه سوريا، و»كيف أنها تقول شيئا وتقوم بنقيضه تماما». ومن المنتظر أن تكشف الوثائق، التي سيتم الإفراج عنها خلال الشهرين القادمين، عن تفاصيل العلاقات السرية القائمة بين نظام حزب البعث في سوريا، وحلفائه في كل من الصين وروسيا وإيران، وأسرار التعاون الاقتصادي والعسكري بين هذه الدول، من أجل دعم نظام الأسد في وجه العقوبات المفروضة عليه من طرف الدول الغربية، نتيجة لتقاربه مع إيران ودعمه لحركات المقاومة في الشرق الأوسط، مثل حزب الله في لبنان وحركة حماس في غزة. كما ينتظر أن ينشر موقع التسريبات الشهير مجموعة من الرسائل التي توضح العلاقة بين المعارضة السورية، ومجموعة من الدول الغربية والعربية التي تدعمها، سواء عبر مدها بالسلاح لمواجهة نظام حزب البعث الحاكم، أو من خلال الأموال التي تتلقاها المعارضة من هذه الدول من أجل دفع رواتب أعضائها، وتأمين احتياجات سكان المناطق التي تسيطر عليها داخل الأراضي السورية. وتأتي وثائق «ويكيليكس» بعد ثلاثة أشهر من نشر رسائل إلكترونية مسربة منسوبة للرئيس السوري بشار الأسد، كشفت الكثير عن عائلته والبذخ الذي تعيشه، في الوقت الذي يعاني فيه أفراد الشعب السوري من ظروف معيشية جد صعبة، جراء المواجهات التي تعرفها البلاد منذ 16 شهرا، بسبب الانتفاضة الشعبية المطالبة بالحرية وإسقاط نظام البعث الحاكم في سوريا منذ عدة عقود. واشتهر موقع «ويكيليكس» عقب نشره وثائق سرية أمريكية تخص حربيها في أفغانستان والعراق، ما أثار غضب إدارة واشنطن العارم، كما قام بنشر قرابة 250 ألف وثيقة دبلوماسية أمريكية، الأمر الذي أحرج الولاياتالمتحدة وحكومات أخرى. يشار إلى أن أسانج البالغ من العمر 41 عاماً، واللاجئ حاليا في سفارة الإكوادور، يواجه قراراً من القضاء البريطاني بتسليمه إلى السويد، التي تطالب بمحاكمته في قضية اغتصاب واعتداء جنسي مفترض، بناء على شكاية سابقة كانت قد تقدمت بها سيدتان ضده إلى المحكمة. ويخشى أسانج الأسترالي الجنسية، اللاجئ حالياً في سفارة الإكوادور، أن يتم تسليمه بعد ذلك إلى الولاياتالمتحدة، لمحاكمته بتهمة التجسس، وذلك بعد أن نشر موقعه أكثر من 250 ألف برقية دبلوماسية أمريكية، أحرجت الإدارة الأمريكية مع العديد من حلفائها في العالم، وجعلت صورة دبلوماسييها تسوء بشدة.
انشقاق عميد في الجيش من أقرباء بشار الأسد تأكد رسميا انشقاق العميد مناف طلاس، القريب من عائلة الرئيس السوري بشار الأسد، عن الجيش السوري منذ ثلاثة أيام وخروجه مع أفراد عائلته من سوريا. وقال مصدر قريب من السلطات السورية أمس الجمعة: «لقد انشق العميد مناف طلاس منذ ثلاثة أيام وغادر سوريا على ما يبدو». وينتمي طلاس إلى الطائفة السنية، وهو نجل وزير الدفاع السوري السابق مصطفى طلاس، الذي خدم لفترة طويلة في عهد الرئيس حافظ الاسد، والد الرئيس الحالي. وهو أهم الضباط السوريين، الذين انشقوا منذ بدء حركة الاحتجاجات في منتصف مارس 2011. وأعلن وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أن العميد المنشق في طريقه إلى باريس. وأوضح المصدر القريب من السلطات أن زوجة طلاس وشقيقته ناهد عجه، أرملة الملياردير وتاجر السلاح السعودي أكرم عجه، موجودتان في باريس. ويتحدر طلاس من الرستن في محافظة حمص (وسط)، المدينة الخارجة عن سيطرة النظام منذ أشهر طويلة، والتي تعتبر معقلا للجيش السوري الحر. وقد كان صديق طفولة لبشار الأسد، بحكم العلاقة الوثيقة بين العائلتين. وكان مناف طلاس قائد اللواء 105 في الحرس الجمهوري، إلا انه أقصي من مهامه منذ حوالي السنة بعد أن فقد النظام ثقته به. وقال المصدر القريب من السلطات إن مناف طلاس قام بمحاولات مصالحة بين السلطة والمعارضين في الرستن ودرعا (جنوب)، لم تحقق نجاحا. وأضاف أنه تخلى عن بزته العسكرية منذ بضعة أشهر وبات يتنقل بملابس مدنية، وكان يقيم في دمشق، وأطلق لحيته وشعره. وقال مصدر آخر في دمشق إن الطلاق بين مناف طلاس والنظام حصل خلال العملية العسكرية على حي بابا عمرو في مدينة حمص في فبراير ومارس الماضيين، عندما رفض قيادة الوحدة التي هاجمت الحي ثم أسقطته. ومنذ ذلك الوقت، طلب منه الرئيس السوري ملازمة المنزل. وأشار المصدر إلى أن ما زاد من غضب مناف طلاس هو رفض الرئيس السوري ترقيته إلى رتبة لواء في قرار الترقيات السنوي، الذي يصدر مطلع شهر يوليو من كل سنة. وقال مقربون من العميد طلاس إن كل عائلته أصبحت في الخارج، وكذلك شقيقه رجل الأعمال فراس طلاس، المستقر في دبي والذي نشر في مطلع الحركة الاحتجاجية تعليقات مؤيدة لها على مدونته على شبكة الأنترنت. ويتولى أحد أبناء عم مناف طلاس، وهو عبد الرزاق طلاس، قيادة «كتيبة الفاروق» التابعة للجيش السوري الحر. وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن، ردا على سؤال لوكالة «فرانس برس»: «إذا تأكد انشقاق مناف طلاس، سيشكل ذلك ضربة قاسية للنظام والمقربين منه».