استمرار توقيف أجور 18 أستاذا يفجر غضب حقوقيين ويضع وزارة التربية في قفص الاتهام    إلقاء قنبلتين ضوئيتين باتجاه منزل نتنياهو        طقس الأحد.. نزول أمطار مع هبوب رياح بعدد من مناطق المملكة    عمور و السعدي يقصان شريط النسخة السابعة لمهرجان الزربية الواوزكيتية    لقاء بالداخلة يناقش مبادرة الحكم الذاتي    مقتل 65 فلسطينيا في قصف إسرائيلي    بيع هيكل ديناصور عملاق بستة ملايين يورو قرب باريس    مراهقون يعبثون بالأمن الطرقي بواسطة دراجات نارية مستأجرة في شوارع طنجة    ترامب يعين "كارولين ليفيت" متحدثة باسم البيت الأبيض في إدارته الجديدة    وزير الصحة: نصف المغاربة عاشوا ويعيشون اضطرابات نفسية    جمعية فنون تقدم أحدث إعمالها الفنية و التراثية أغنية " لالة منانة" من أداء المجموعة الموسيقية لأكاديمية ميزينوكس    وزير الداخلية يدعو الولاة والعمال إلى التصدي للنقل "غير القانوني" عبر التطبيقات الرقمية    أكبر الشركات العالمية تواصل إبداء اهتمامها بالطريق السيار الكهربائي الداخلة-الدار البيضاء    صحيفة بريطانية تستعرض الوقائع التي تجعل من المغرب الوجهة السياحية الأولى في إفريقيا    بالصور.. ارتفاع كمية المؤثرات العقلية التي تم حجزها بميناء طنجة المتوسط إلى أزيد من 188 ألف قرص مهلوس    المنتخب المغربي يُحقق الفوز الخامس توالياً في تصفيات كأس إفريقيا 2025    الجامعة الملكية للملاكمة تنتخب بالإجماع عبد الجواد بلحاج رئيسا لولاية جديدة    فرقة "يوبا للابد المسرحي " تطير عاليا بنجوم ريفية في تقديم عرضها الأول لمسرحية " هروب في ضوء القمر    ندوة حول موضوع الفلسفة والحرب: مآزق العيش المشترك    حصة تدريبية خفيفة تزيل عياء "الأسود"    أسباب اندلاع أحداث شغب في القليعة    الرايحي يقنع موكوينا قبل مواجهة الرجاء في "الديربي"    انعقاد الاجتماع الإقليمي للمدن المبدعة لليونيسكو بتطوان من 19 إلى 22 نونبر الجاري    حريق ياتي على العديد من المحلات التجارية في سوق الجوطية بالناظور    المغرب يعزز جهوده لإغاثة فالينسيا عبر إرسال دفعة جديدة من الشاحنات ومعدات الشفط    تراجع طفيف في ثمن البنزين في محطات الوقود    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    منظمات مغربية تدين تحيّز الإعلام الهولندي للاسرائيليين في أحداث أمستردام    عمر حجيرة: لا ترضيات في التعديل الحكومي    تعهدات في مؤتمر وزاري في جدة بمقاومة مضادات الميكروبات بحلول عام 2030 (فيديو)    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    من أصول مغربية.. وزيرة هولندية تهدد بالاستقالة بعد أحداث أمستردام    المحامون يتوصلون إلى توافقات مع وزارة العدل    إنعقاد المؤتمر الدولي بالداخلة حول "المبادرة المغربية للحكم الذاتي:نموذج للحكامة الترابية بإفريقيا الأطلسية".    جائزة المغرب للشباب تحتفي بالتميز    السكوري يكشف تشكيل لجنة حكومية تدرس منح دعم للكسابة في العالم القروي لمواجهة فقدان الشغل    المرتجي: التراث اللامادي بين المغرب وهولندا أفق جديد للتعاون الثقافي    ‪أمن دبي يقبض على محتال برازيلي        حشرات في غيبوبة .. "فطر شرير" يسيطر على الذباب    منع جمع وتسويق "المحارة الصغيرة" بالناظور بسبب سموم بحرية    أنفوغرافيك | أرقام مخيفة.. 69% من المغاربة يفكرون في تغيير وظائفهم    صانع المحتوى "بول جايك" يهزم أسطورة الملاكمة "مايك تايسون" في نزال أسطوري    السوق البريطاني يعزز الموسم السياحي لاكادير في عام 2024        دراسة تكشف العلاقة بين الحر وأمراض القلب    الأمم المتحدة.. تعيين عمر هلال رئيسا مشاركا لمنتدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي حول العلوم والتكنولوجيا والابتكار    مغاربة يتضامنون مع فلسطين ويطالبون ترامب بوقف الغطرسة الإسرائيلية    "باحة الاستراحة".. برنامج كوميدي يجمع بين الضحك والتوعية    "طاقة المغرب" تحقق نتيجة صافية لحصة المجموعة ب 756 مليون درهم متم شتنبر    مقابلة مثالية للنجم ابراهيم دياز …    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    وكالة الأدوية الأوروبية توافق على علاج ضد ألزهايمر بعد أشهر من منعه    ارتفاع كبير في الإصابات بالحصبة حول العالم في 2023    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الهاتف «الذكي» والمترشّح «النقّال»...
نشر في المساء يوم 22 - 06 - 2012

يميل كثير من الباحثين (الذين نتمنى أن يعثروا على شيء ما في القريب العاجل، وقبل حلول شهر رمضان) إلى القول بأن وزير التربية الوطنية الحالي ربما يكون جانب جادّة الصواب حين أصدر تعليماته لموظفيه حيثما وُجدوا فوق تراب الوطن بضرورة محاربة الغش (أو «النقيل»، كما تسمّيه لغتنا الدارجة) في امتحانات الباكلوريا لهذه السنة بصرامة غير معهودة من قبل؛ مع تركيز حربهم، بالدرجة الأولى، على الهواتف المحمولة التي يأبى «المترشحون» (كما صار يطلق عليهم) إلا أن يوظفوها لغير غايتها الأصلية، أي التواصل، ويجعلوا منها أداة للغش دون منازع.
وتتمثل مجانبة الصواب هنا في أن «النقيل»، وكما ينبغي التذكير بذلك، صار علامة من العلامات الدالة على التقدم والتطور والارتباط بالعصر. ومن ثمة، فكل دعوة إلى محاربته لا يمكنها أن تصدر إلا عن الجهل بهذه الحقيقة المؤكدة من قبل عقول منغلقة محافظة تنتمي إلى الماضي وتعجز عن فهم الحاضر والمستقبل معا.
لقد كانت أجيالنا (المتخلفة، كما ينبغي التذكير) تعتمد إما على «الحفظ» أو على اعتصار الفكر في اجتياز امتحاناتها، وفي الحالتين معا لا تعمل سوى على استنزاف عقولها وجعلها «حافية» قبل الأوان. أما الأجيال الجديدة فتعتمد على التكنولوجيات المعاصرة بما يترك عقولها «جديدة» كأنها خرجت لتوها من المصنع: تطلب من التلميذ أو الطالب إعداد بحث فيذهب مباشرة إلى الأنترنيت ويطبع «البحث»، وتخضعه لامتحان فيربط الهاتف المحمول بفمه وأذنه بعد أن ينسق مع أحد أصدقائه أو معارفه ويدبج لك ما شئت من الأوراق، دون كلل، ودون تفكير أيضا.
الأدهى من ذلك أن قرار محاربة «النقيل» لا يستهدف «المترشحين» وحدهم، كما يتبدى من الظاهر، وإنما هو يستهدف، من ورائهم، شبكة الأنترنيت والشركات المصنِّعة للهواتف المحمولة وأجهزة النسخ وشركات الاتصالات...، إلى غير ذلك؛ بما يطرح السؤال حول قدرة الوزارة المحترمة على الدخول في حرب مفتوحة -وفي هذا الوقت الحرج بالذات- مع شركات قوية عملاقة، معظمها متعدد الجنسيات. وهي شركات حديثة وعصرية تماما، أي مساندة ل«النقيل»، بل يقال، والله أعلم، إن منها من يحقق أرقام معاملات مرتفعة عند قرب الامتحانات أو عند حلولها، حيث تعلن شركات أجهزة النسخ عن تخفيضات هامة بمناسبة الامتحانات (شبيهة بتخفيضات شركات الثلاجات عند حلول «العيد الكبير»)، كما تعلن شركات الاتصالات عن مضاعفة رصيد منخرطيها مرات عديدة وعن تمتيعهم بالعشرات من الرسائل النصية المجانية بالمناسبة نفسها (لا ينبغي أن ننسى أن الاسم الأصلي للهاتف المحمول هو الهاتف «النقّال»).
يضاف إلى ذلك أن قرارا من هذا النوع يتناسى أن بلادنا وقّعت على مجموعة من الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان؛ وفي هذه الحالة، لا مناص لنا من الاعتراف بأن «النقيل» حق مشروع لكل المواطنين يدخل ضمن حقوقهم الأساسية المعترف بها على صعيد كوكبنا والمجموعة الشمسية معا، وذلك إلى حد أن هناك من ذهب إلى تعديل تعريف شهير ل«المعلم الأول» أرسطو يقول فيه إن «الإنسان حيوان ضاحك» بتعريف عصري ومعاصر يقول إن «الإنسان حيوان نقّال». بذلك، فإن محاربة «النقيل» تمثل اعتداء على حق من الحقوق التي يثبت بها التلميذ (أو «المترشح» كما صار يدعى) العصري مواطنته.
لا نستغرب، إذن، إذا قام هؤلاء «المترشحون» (أي الذين رشحوا أنفسهم ولم يرشحهم أحد: الجميع «مبرّي» منهم) بالاحتجاج على الحيلولة بينهم وبين «سلوك حضاري» تعوّدوا عليه منذ أزيد من عشر سنوات (مع دخولنا عصر «مدرسة الجودة» ثم «مدرسة النجاح»)، مهددين بالانتحار إن لم يسمح لهم باستقبال الأجوبة عن طريق هواتفهم المحمولة المتطورة، أو «الهواتف الذكية»، كما صار يطلق عليها، في إشارة تاريخية هامة إلى أن «الذكاء» ينبغي البحث عنه، من الآن فصاعدا، في الآلات لا في بني البشر (ومنهم «المترشحون») الذين صاروا مجرد «نقّالين».
والله أعلم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.