في جلسة مساءلة دعي إليها على عجل، اضطر كل من إدريس الأزمي الإدريسي، الوزير المنتدب لدى وزير الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية، ومصطفى الخلفي، وزير الاتصال الناطق باسم الحكومة، إلى مواجهة عاصفة من الانتقادات الحادة لم يتوان نواب حزب العدالة والتنمية عن توجيهها لقرار الحكومة الزيادة في أسعار المحروقات. وحسب مصادر برلمانية، فقد سادت طيلة صباح أول أمس الإثنين أجواء من الغضب في صفوف الفريق النيابي للعدالة والتنمية، الذي كان يستعد لاستضافة عزيز أخنوش، وزير الفلاحة والصيد البحري، في إطار اللقاءات الدورية التي يعقدها مع وزراء الحكومة، مشيرة إلى أن الفريق الذي «أخذ على حين غرة» بقرار الزيادة الأخيرة في أسعار المحروقات، طالب قبل لقائه بأخنوش الحكومة بتقديم المعطيات والتوضيحات اللازمة بخصوص قرار قد يؤدي الحزب ثمنه غاليا من شعبيته. ووفق عبد الله بوانو، عضو الفريق النيابي، فإن عنصر المفاجأة وحساسية القرار استدعيا طلب المزيد من التوضيحات من الحكومة، وهو ما تم من خلال الاتصال بوزيري الحزب المكلفين بالميزانية والاتصال، اللذين استجابا للاستدعاء، مقرا من جهة أخرى بسيادة أجواء من الغضب في أوساط الفريق وتساؤلات قوية حول حيثيات اتخاذ قرار الزيادة. إلى ذلك، انصبت تدخلات 20 نائبا إسلاميا، خلال الاجتماع الذي دام ساعة ونصف بعد انتهاء جلسة الأسئلة الشفوية، بالأساس حول الأسباب التي دفعت حكومة بنكيران إلى اتخاذ قرار الزيادة، حيث عاب المتدخلون على الحكومة عدم إشراكهم في القرار وطابع الفجائية الذي اتسم به، معتبرين إياه «محرجا» للحزب في علاقته بالمواطنين، و«إثقالا اقتصاديا غير شعبي يستهدف المواطن البسيط في معيشته». وفيما حذر بعض المتدخلين من آثار قرار الزيادة، مطالبين الأزمي والخلفي بالكشف عن الإجراءات المصاحبة، أثار متدخلون آخرون تساؤلات عن قرار الزيادة في علاقة باستفادة ثلاث مناطق من دعم المحروقات، وهي المنطقة الشرقية والشمالية والأقاليم الجنوبية التي تعرف نشاطا متزايدا لتهريب المحروقات أصبح يمتد إلى مناطق أخرى. من جهته، حاول الوزير المكلف بالميزانية امتصاص غضب برلماني حزبه وبعث رسائل تطمين إليهم، من خلال عرض أولي ركز فيه على توضيح الإجراءات المصاحبة لقرار الزيادة والتي تروم حماية الفئات الفقيرة، وإجراءات أخرى ينتظر أن يكشف عنها رئيس الحكومة خلال جلسة المساءلة أمام مجلس المستشارين. الأزمي ورفيقه في الحزب الخلفي أكدا للفريق النيابي أن الحكومة لن تمس بالدعم الموجه للمواطنين والمخصص للدقيق والسكر. مصادر من الفريق كشفت أن التوضيحات التي قدمها الأزمي كانت كافية لتهدئة مخاوف نواب العدالة والتنمية وامتصاص غضبهم على الأقل في اللحظة السياسية الراهنة في انتظار ما ستؤول إليه الأمور على الساحة الاجتماعية. وفي هذا السياق، قال بوانو ل«المساء» إن «المعطيات التي قدمت اقتنعنا بها، لكن ما يهمنا الآن هو أن إجراء الزيادة في المحروقات ليس إجراء معزولا، بعد أن تبين أن الحكومة اتخذت إجراءات عدة لحماية الفقراء»، مشيرا إلى الاعتمادات المالية التي رصدتها لصندوق التماسك الاجتماعي ومنح الطلبة وحذف رسم التلفزيون، ودعم أدوية الأمراض المزمنة، مستبعدا أن يكون لقرار الزيادة أي تأثير على شعبية الحزب. وقال: «من خلال المعطيات المتوفرة لنا اليوم لا أظن أن قرار الزيادة سيؤثر على شعبية الحزب، وإنما سيكون تأثيرا عابرا، في حال استفادة الفئات الموجهة إليها الإجراءات المصاحبة التي اتخذتها الحكومة»، مطالبا رئيس الحكومة ب«الخروج لتوضيح المعطيات للشعب»، وهو الخروج الذي يتوقع أن يكون خلال جلسة مساءلة بنكيران المنعقدة مساء أمس الثلاثاء.