مباشرة بعد قرار الزيادة في أسعار المحروقات، الذي أثار موجة من الغضب العارم في صفوف المغاربة، دخلت الحكومة في حيص بيص وهي تبحث عن مبررات لهذا القرار الصادم؛ والنتيجة أن وزراء حزب العدالة والتنمية قدموا تبريرات مضحكة ضاعفت من صدمة المغاربة، حيث صرح نجيب بوليف، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالشؤون العامة والحكامة، بأن الزيادة في أسعار المحروقات لا تستهدف الفئة الفقيرة، لأن الذين لديهم سيارة هم إما من الفئة المتوسطة أو من الفئة الغنية، وهذا أغرب تبرير يقدمه وزير لقرار حكومي ربما في جميع الحكومات التي تعاقبت على المغرب، لأنه لا أحد يفهم كيف أن زيادة درهم في الغازوال ودرهمين في البنزين لن تمس بالقدرة الشرائية للمواطنين، مع أنه يعرف جيدا أن هذه الزيادة تجر معها زيادات أخرى في أسعار المواد الاستهلاكية الرئيسية في البلاد. كما أن السيد الوزير لا يجهل بأننا لا نتوفر على طبقة متوسطة في المغرب، إلا إذا كان يعتبر أن موظفا يتقاضى 4000 درهم، مثلا، ويملك سيارة منتميا إلى الطبقة الوسطى. أما زميلنا السابق في مهنة المتاعب السيد مصطفى الخلفي فقد قدم تبريرا يصعب على العقل السليم أن يفك خطوطه عندما قال: «إن هذه الزيادة في صالح الفئات المعوزة»! الحكومة فقدت البوصلة وأصبحت تتخذ قرارات عشوائية، فهي غير قادرة على اتخاذ قرارات جريئة لصالح الفئات الاجتماعية الفقيرة في البلاد، والسبب أنها عاجزة عن مواجهة الكبار ومطاردة الملايير المنهوبة ومحاربة ظاهرة التهرب الضريبي، وتريد أن تحل مشكلة صندوق المقاصة بالضغط على الطبقات الفقيرة لأنها الحلقة الأضعف في مسلسل الإنتاج ولا تملك السلطة المضادة، لكن هذا هو الغلط بالنسبة إلى حكومة تعرف أن مثل هذه القرارات غير مأمونة العواقب على الشارع المغربي، علما بأنها تفهم لغة الشارع لأنها جربته في الانتخابات ووصلت إلى السلطة بفضل احتجاجات المغاربة، قبل أن تنقلب عليهم اليوم.