هدم باراك أوباما حواجز العنصرية والمنطق والتكهنات في سعيه البطولي للوصول إلى البيت الأبيض بإعادة تعريفه للخارطة الانتخابية وحتى شكل الاقتراع الرئاسي في الولاياتالمتحدة. وقد بدأ سيناتور ايلينوي حملته منذ سنتين بهدف محاربة مساوىء السياسة الأمريكية الحديثة، من الصراعات الحزبية إلى الانقسامات التي ظهرت في كل مكان في ولايتي الرئيس المنتهية ولايته جورج بوش. وكان عدد من المراقبين يرون أن هذا السناتور الديموقراطي الشاب الذي كان قد انتخب عضوا في مجلس الشيوخ قبل أقل من عامين، لا يتمتع باي فرصة للفوز بالرئاسة. لكن أوباما راهن على أن أمريكا مستعدة لتتبع من يمكن أن يغير طريقة قيادة البلاد. وشعار «التغيير» الذي كرره مثل لازمة طوال الحملة، كان له الأثر المطلوب بينما كانت شعبية الرئيس المنتهية ولايته تتراجع إلى مستويات لا سابق لها. وبذلك نجح أول أسود يصل إلى البيت الأبيض في أن ينسج حوله وفي كل طبقات المجتمع حركة صلبة أكثر بكثير مما كان يمكن لأي محلل أن يتوقعه. والرئيس الجديد هو أول ديموقراطي يحصل على أكثر من خمسين بالمئة من الأصوات في اقتراع رئاسي منذ انتخاب جيمي كارتر في 1976. وقال بول ليفينسون أستاذ العلوم السياسية في جامعة فوردام في نيويورك إن أوباما «أعاد ابتكار السياسة»، مشيرا إلى «ثورة عميقة بالدرجة نفسها لانتخاب فرانكلين روزفلت في 1932 أو جون كينيدي في 1960». ويريد أوباما أن يكون توافقيا بعيدا عن الفروق الاجتماعية التي تفصل بين الأميركيين. وقال ليست هناك لا أمريكا سوداء وأميركا بيضاء ولا أميركا لاتينية أو آسيوية، بل هناك الولاياتالمتحدة الأميركية.. ولسنا إلا واحد». وجاءت هذه الدعوة إلى الوحدة مناقضة لاستراتيجية المعسكر الجمهوري الذي مال في عهد بوش إلى تقسيم الناخبين بشأن مواضيع اجتماع مثل الزواج بين مثليي الجنس أو الإجهاض. وقال ديفيد أكسلرود المسؤول عن استراتيجية أوباما للتلفزيون «تمكنا من تجاوز عدد من الأمور التي كان يعتبرها الناس حواجز لا يمكن تخطيها في السياسة». لكن الرئيس المقبل يدين إلى حد كبير بفوزه لمدير حملته ديفيد بلاف الذي لعب دورا حاسما في هزيمة هيلاري كلينتون خلال الانتخابات التمهيدية وفي استبدال قدامى الحزب الديموقراطي النافذين بشبكة فاعلة جدا من الناشطين على الارض. وبعد ذلك شجعه على القيام بحملته في جميع أنحاء البلاد ليتأكد من أن فوزه لن يسقط بسبب ولاية واحدة كما حدث مع آل غور في فلوريدا في 2000 وجون كيري في أوهايو في 2004. وكان أحد الأسئلة التي طرحتها هيلاري كلينتون خلال الانتخابات التمهيدية يتعلق بقدرة السناتور الفتي في الحياة السياسية على مقابلة «السياسة الهجومية للمعسكر الجمهوري». إلا أنه في أوج الأزمة المالية والاقتصادية لم تحقق هذه الهجمات أهدافها. لكن هل يعني ذلك أن هذه الأزمة جاءت في الوقت المناسب؟ وينفي دان شي أستاذ العلوم السياسية في جامعة اليغيني في بنسلفانيا ذلك. ويقول «عندما يكون ثمانون بالمئة من الناس مقتنعين بأن البلاد تسير في الاتجاه السيء وأن شعبية الرئيس بلغت أقل من ثلاثين بالمئة، يدفع الحزب الحاكم الثمن».