في جو ممطر، على غير عادة المدينة في هذا الوقت من العام، اختتمت، مساء الأحد، 27 ماي الجاري، الدورة الخامسة والستون لمهرجان كان السينمائي الدولي بحفل الإعلان عن الفائزين بجوائز هذا العام، وخاصة منها «السعفة الذهبية» التي تتوّج بها لجنة التحكيم (يرأسها هذه السنة المخرج الإيطالي ناني موريتي) أحسن فيلم، في اعتقادها، ضمن المسابقة الرسمية. هكذا فاز ب«السعفة الذهبية» فيلم «حب»، من إخراج النمساوي ميكائيل هانيك (بطولة الممثلين الفرنسيين جان لوي ترانتينيان وإيمانويل ريفا وإيزابيل هوبير)، وهي المرة الثانية التي ينال فيها المخرج هذه الجائزة، بعد فوزه بها منذ ثلاث سنوات (2009) عن فيلمه «الشريط الأبيض»، ملتحقا بالمخرجين الخمسة الذين سبق لهم أن حظوا بهذا الامتياز، وهم الأمريكي فرانسيس فورد كوبولا (عن فيلميه «المحادثة» 1974-، و«القيامة الآن»1979-) والياباني شوهاي إيمامورا («أنشودة ناراياما» -1983 و«ثعبان البحر»1997-) والصربي (اليوغوسلافي سابقا) إمير كوستوريتسا («بابا في رحلة عمل» 1985-، و»تحت الأرض» 1995-) والدانماركي بيل أوغست («بيل الغازي» - 1988 و»أفضل النوايا» 1992-) والبلجيكيان لوك وجان بيير داردين («روزيتا» 1999-، و«الطفل» 2005-)، علما أن سعفتي 1979 و1997 وُزِّعتا مناصفة بين كل من الألماني فولكر شلوندورف، عن فيلمه «الطبلة»، والإيراني عباس كياروستامي، عن فيلمه «طعم الكرز». وقد سعى هانيك، الذي فاز فيلمان سابقان له بجوائز أخرى ضمن المهرجان (جائزة لجنة التحكيم بفيلم «عازفة البيانو» 2001- وجائزة الإخراج لفيلم «مختبىء» 2005-) في فيلمه الجديد إلى تبديد الفكرة التي انتشرت عنه بين مشاهدي أفلامه بكونه يبني عالمه على العنف، فاختار قصة حب بين زوج وزوجة تجاوزا الثمانين، يعملان أستاذين للموسيقى.. تصاب الزوجة في حادث، فتتعرض العلاقة الحميمية لامتحان صعب، لا يمكن تجاوزه بسهولة. وذهبت الجائزة الكبرى للمهرجان إلى الفيلم الإيطالي «ريّاليتي» (الواقع) وهو من إخراج ماتيّو غاروني (صاحب فيلم «غومورا» 2008-)، في ما بدا أنه نوع من «المغازلة» يصدر من رئيس لجنة التحكيم تجاه مواطنه، بحكم أن الفيلم لا يرقى، من ناحية بنائه كما أسلوبِه، إلى مستوى الجائزة، رغم طموحه إلى أن يتناول بطريقة تراجيكوميدية برامج تلفزة الواقع. ويمكن قول الشيء نفسه عن «جائزة الإخراج»، التي نالها المخرج المكسيكي كارلوس ريغاداس عن فيلمه «بعد الظلمات.. النور»، حيث لا يرقى الفيلم إلى مستوى أفلامه الروائية الثلاثة السابقة، وخاصة منها «النور الثابت» (2007) ويعجز، من خلال الأسلوب التغريبي الذي اعتمده، على المستوى التقني بالخصوص، عن إيصال حكايته التي يقول إنها تتعلق بأزمة العلاقة الزوجية في مجتمع قائم على الصراع بين عالمين: عالم المدينة وعالم القرية (عالم الغنى وعالم الفقر). ولم يحصل أحد أقوى الأفلام المشاركة ضمن المسابقة الرسمية، وهو فيلم «في ما وراء الهضاب» للمخرج الروماني كريستيان مونجيو، على جائزة الإخراج التي يستحقها فعلا، لكنه حصل بدل ذلك على جائزتين: أفضل سيناريو وأفضل أداء نسائي (تقاسمته الممثلتان كوسمينا ستراتان وكريستينا فلوتور)، فيما حصل الممثل الدانماركي مادس ميكلسنن على جائزة أحسن أداء رجالي، عن دوره في فيلم «القنص» لتوماس فرتنبرغ، ونال فيلم «نصيب الملائكة»، للبريطاني كين لوتش، جائزة لجنة التحكيم الخاصة، وهو يروي حكاية شاب «منحرف» يحكم عليه بالقيام بأعمال يدوية لصالح المدينة، بدل السجن، بسبب وقوفه على عتبة الأبوة، لكنه يكتشف بنفسه قدرة على تذوق الويسكي والتمييز بين أنواعه المختلفة، وهي قدرة ستقوده بالتدريج نحو تنظيم عملية نصب غير مسبوقة.. وكل ذلك في إطار تراجيكوميدي، ينتهي بانتصار الكوميديا و»النهاية السعيدة» في آخر المطاف.