لا أشتري منتجات مصدرها المستوطنات، ولن أشتريها أبدا. في نظري هذه بضاعة سلب، ومثل كل بضاعة مسروقة أخرى، أجتهد ألا أشتريها. والآن ربما أيضا الجنوب إفريقيون والدانماركيون لن يشتروا، حاليا حكوماتهم فقط طلبت تأشير البضائع القادمة من هناك كي لا يضل مستهلكوها. ومثلما لم تكن حاجة في الماضي إلى تأشير منتجات من المستوطنات البريطانية كإنتاج بريطاني، لا حاجة إلى تأشير منتجات من المستعمرة الإسرائيلية كإنتاج إسرائيلي؛ فمن يريد أن يدعم مشروع الاستيطان الإسرائيلي فليشترِ، ومن يعارضه فليقاطع. بسيط جدا، ضروري جدا. إسرائيل، المقاطِعة لشواطئ تركيا وحماس، كان ينبغي لها أن تكون أول من يفهم هذا. وبدلا من ذلك هتافات النجدة و»محادثات التوبيخ». في هذه الأثناء ليس للدانماركيين، فهم لطفاء، ولكن للجنوب إفريقيين، الأقل لطفا في نظرنا. «خطوة ذات طابع عنصري»، هكذا وصف القرار الناطق بلسان وزارة الخارجية، وهو يقصد الدولة التي خاضت الحرب الأكثر جسارة ضد العنصرية في التاريخ البشري. نعم، جنوب إفريقيا الجديدة يمكنها أن تعلم إسرائيل درسا في الحرب ضد العنصرية؛ نعم، إسرائيل يمكنها أن تعلم العالم درسا في العنصرية. ثبت مرة أخرى أن ليست للوقاحة الإسرائيلية حدود: إسرائيل، من بين كل الدول، تتهم جنوب إفريقيا، من بين كل الدول، بالعنصرية. فهل يوجد شيء أكثر سخافة من هذا؟ ليس صدفة أن ظهر خلال الأسبوع الفارط سفير جنوب إفريقيا في إسرائيل، إسماعيل كُبدية، مرتبكا عند الاستقبال بمناسبة يوم استقلال الكاميرون، من المطاردة السخيفة التي أجرتها، حسب المنشورات، وزارة الخارجية الإسرائيلية لاستدعائه إلى الحديث الذي وصف مسبقا بكونه حديث توبيخ. ليس صعبا أن نتخيل كم من أحاديث التوبيخ كان سفراء إسرائيل في العالم يجدر أن يُستدعوا إليها، إذا كان تأشير المنتجات من المستوطنات هو سبب التوبيخ والاتهام بالعنصرية من جانب حكومة إسرائيل، غير العنصرية على نحو ظاهر. تأشير المنتجات من المستوطنات كان يجب منذ زمن بعيد أن يكون موضوعا مُسلما به، كمرشد للمستهلك الفهيم والمشارك. ومقاطعة بضائع المستوطنات أيضا كان يجب أن تكون منذ زمن بعيد، كضمير لمحترمي القانون؛ فلا يدور الحديث فقط عن موقف سياسي أو أخلاقي، بل عن احترام للقانون الدولي. منتج المستوطنات هو منتج غير قانوني، مثل المستوطنات نفسها. ومثلما يوجد في العالم اليوم جمهور مستهلكين يزداد باستمرار لا يشتري منتجات تُنتج في «ورشات العرق» في جنوب شرق آسيا، أو «الماس الدموي» من إفريقيا، بسبب مصدرها وبسبب الظروف التي تنتج فيها، هكذا يمكن توقع أن يكون هناك مستهلكون يقاطعون منتجات المستوطنات التي تُنتج في أرض محتلة، في ظل استغلال قوة عمل الفلسطينيين الرخيصة، التي ليس لها الكثير من الاحتمالات غير العمل في المستوطنات. كما أن أصوات المزايدة من أصحاب المصانع والمزارعين الإسرائيليين في الأراضي المحتلة، ممن يهتمون جدا بعمالهم الفلسطينيين ويدعون أن المقاطعة قد تحرمهم مصدر رزقهم، هي محاولة سخيفة للتضليل؛ فلو أُزيلت المستوطنات والاحتلال، وأُعيدت الأراضي التي أُقيمت عليها هذه المصانع إلى أصحابها، لكانت مصادر رزق توفر لهم الكرامة أكثر بكثير. المقاطعة لمنتجات المستوطنات هي مقاطعة عادلة، لا يوجد سبيل آخر لوصفها، وتأشير المنتجات هو مطلب الحد الأدنى الذي ينبغي لكل حكومة في العالم أن تطرحه كخدمة لمواطنيها. وبالذات عدم تأشير المنتجات من شأنه أن يؤدي إلى مقاطعة جارفة لكل المنتجات من إنتاج أزرق أبيض: فكيف سيعرف المشتري الدانماركي أو الجنوب إفريقي إذا كان الأفوكادو الذي يشتريه لم يُزرع في حقول مغزية؟ من يريد بضاعة منتجة بشكل غير قانوني فليشترِ كعك «بيغل آند بيغل» وشفاطات «ليبسكي»، ومعجون «أهافا»، والفطر من تقوع أو الخمر من مخمر بسغوت (أو مخامر هضبة الجولان). من يريد أن يعزز مشروع الاستيطان ويرسخه أكثر فأكثر فليشتر له من كل هذا، وحلال عليه. أما من يريد أن يتخذ خطوة احتجاج بالحد الأدنى ضد هذا المشروع الإجرامي، فمدعو إلى أن يقاطعه وألا يشتري من منتجاته. أنا من جانبي سأواصل قراءة الأحرف الصغيرة على كل منتج. ومن حق مواطني العالم أيضا أن يفعلوا ذلك. حق؟ بل واجب.