قال محمد الأمين الصبيحي، وزير الثقافة، إن وضعية الشأن الثقافي جد هشة وتعرف ترديا على جميع الأصعدة والمستويات، مؤكدا أن الخدمات الثقافية للوزارة التي يتحمل حقيبتها ما زالت لم ترقَ بعد إلى المستوى المطلوب، مشيرا إلى أن وزارته وضعت خارطة طريق للإنقاذ وبناء «المغرب الثقافي». وكشف الصبيحي، عضو الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، أول أمس في القنيطرة، خلال اجتماع موسع للجنة الدائمة للثقافة والاتصال التابعة للحزب نفسه، والذي نظم حول موضوع «الإستراتيجية الثقافية لمغرب الإصلاحات»، أنه رغم تفاؤله وتشبته بالأمل، فإن الإحباط ينال منه في مناسبات عدة بسبب حجم المشاكل التي يعرفها هذا القطاع، وزاد متحسرا «ماكاينش شي حاجة كاتفرّحْ.. فينْ ما كانْدير يدي تنلقى مشكل.. رغم المجهودات المبذولة للتغلب على الصعاب». وأوضح وزير الثقافة أن الأمية المتفشية في المغرب تشكل حاجزا أمام الإبداع والثقافة، مشيرا إلى أن عدم تربية الناشئة على الحس الفني والإبداعي وحرمانها من تعلم مختلف الأصناف الثقافية، يكرس الواقع المر للثقافة. وأبرز أن المشكل ليس مقتصرا فقط على قلة الإمكانيات، بل إن الأمر يتجاوز ذلك، ليطرح إشكالية غياب مناضلي الثقافة، القادرين على حمل مشعل الرقي بهذا القطاع عبر التدبير الحكيم للمنشآت الثقافية. وانتقد الصبيحي، بشدة، الحالة التي توجد عليها معظم المؤسسات المحسوبة على وزارته، وقال إن شكلها وفضاءاتها وطريقة تشييدها لا تمتّ للثقافة بصلة، وأضاف ساخرا «في بعض الأحيان، قد لا تفرق بينها وبين المقاطعة التابعة لوزارة الداخلية: بنايات لا هوية لها.. اللهم إن هذا لَمنكر»، داعيا إلى تحسين الصورة المادية للمؤسسات الثقافية للوزارة وإلى البحث عن ميكانيزمات جديدة لنشر الثقافة وإعادة النظر في كل النصوص التنظيمية. وشدد القيادي في حزب الكتاب على أن أي مشروع تنموي يبقى غير قابل للتحقيق ما لم يكن مندرجا ضمن مشروع مجتمعي واضح المعالم يجسّد القيّم الثقافية التي يتبناها المجتمع، مؤكدا، في هذا الإطار، ضرورة إعطاء الثقافة مكانة مركزية في المشروع التنموي، باعتبارها استثمارا وقطاعا منتجا. وأعلن محمد الأمين الصبيحي أن وزارته انخرطت في تفكير عميق لبلورة وصياغة ميثاق وطني يشكل إطارا مرجعيا للقانون التنظيمي الخاص بالمجلس الوطني للثقافة واللغات، الذي نص عليه الدستور الجديد، كما أنها انكبّت، في الآونة الأخيرة، على بلورة برنامج قطاعي سيشكل، في نظره، مدخلا لإستراتيجية «المغرب الثقافي»، التي ستجسد الرؤية الشاملة لوزارة الثقافة في إطار مخطط خماسي 2012-2016. وذكر الصبيحي أن البرنامح المذكور اعتمد خمسة محاور أساسية، تتمثل في نهج سياسة للقرب في المجال الثقافي، تقوم على مفهوم واسع للقرب المجالي والاجتماعي والثقافي ودعم ومواكبة الإبداع والمبدعين والعناية وأوضاعهم وصيانة وحماية وتثمين التراث الثقافي المادي واللا مادي وتنشيط الدبلوماسية الثقافية والتعاون الدولي في المجال الثقافي واعتماد الحكامة الجيدة في تدبير الشأن الثقافي.