يعرض أمام لجنة الخارجية والدفاع الوطني بمجلس النواب مشروع قانون جديد تحت رقم 1201 يتعلق بفئة العسكريين، هو الأول من نوعه منذ الاستقلال. لكن ما يلفت الانتباه في هذا المشروع هو كونه يمنح حصانة للعسكريين أثناء مزاولة مهامهم، إذ تنص المادة السابعة منه على أن العسكريين بالقوات المسلحة الملكية الذين يقومون بمهمتهم تنفيذا للأوامر العسكرية في إطار عملية عسكرية داخل التراب الوطني، لا يتعرضون للمساءلة جنائيا. كان يمكن أن يكون هذا المشروع شبه عادي لو أنه طرح في مرحلة أخرى غير هذه المرحلة التي تتميز بكون البلاد تخضع فيها لدستور جديد يربط بين المسؤولية والمحاسبة، أكد الملك محمد السادس على ضرورة تأويله تأويلا ديمقراطيا؛ لكنه (المشروع) يبدو نشازا ويتعارض مع التوجه العام الذي تسير فيه البلاد، لأنه يميز فئة معينة ويمنحها نوعا من الامتياز. لقد قطع المغرب خطوات في مضمار حقوق الإنسان وتجريم التعذيب، وطوى صفحة الماضي وشكل هيئة للإنصاف والمصالحة من أجل جبر ضرر الماضي الأسود الذي عاشته البلاد وعدم تكرار ما حصل ومحاربة الإفلات من العقاب؛ لكن المشروع المعروض أمام البرلمان يعيدنا إلى الوراء ويعيد إثارة نفس النقاشات التي بدا أن المغرب قد حسم فيها حينما فتح صفحات الماضي بكل جرأة في العهد الجديد. الخطير في الأمر هو أن هذه الحصانة قد تفهم غدا على أنها «شيك على بياض» لهذه الفئة التي يكن لها المغاربة كامل التقدير ويُكبرون فيها حرصها على أمن واستقرار ووحدة البلاد، غير أن المؤسسة العسكرية مع ذلك لا يجب أن تكون فوق المساءلة، إلا إذا كان المشرع ينظر أليها على أنها محصنة ضد الأخطاء أو التجاوزات، لأن هذه الأخطاء -في غياب المساءلة- قد تتكرر ولا تكون قابلة للتصحيح، وقد يصبح المغرب من جديد أمام إعادة تكرار سوابق الماضي التي طوى صفحتها بصعوبة بعدما خلفت الكثير من الجروح.