يأمل الجزائريون، مثل المغاربة تماما، أن تفتح الحدود بين البلدين وتتقوى الروابط المشتركة بين شعبين توحّدا في المحن وضد الاستعمار، غير أن ما أسفرت عنه الانتخابات البرلمانية في بلدهم أزعجهم وجعلهم يخشون من استمرار الوضع القائم على حاله. رحلة بأجرة موظف.. في كل سنة، تشد فاطمة، المواطنة الجزائرية، الرحال إلى مدينة السعيدية لزيارة أقاربها هناك، فهي موظفة حكومية ولا تقوى على أن تنضم إلى العابرين برا باستمرار، اتقاء لعواقب المشاركة في رحلة «تهريب البشر» عبر الحدود، غير محسوبة العواقب. قالت فاطمة: «المغرب بلد جميل، نحبه كثيرا، وآتي كل سنة لزيارة شقيقة زوجي، التي تقطن في ضواحي السعيدية.. تكلفني الرحلة الكثير، فسعر التذكرة بين المغرب والجزائر وحدها تتراوح بين 34 ألفا و48 ألف دينار جزائري، أي ما بين 2800 و4000 درهم مغربية، وهو ما يعادل راتب موظف شهري.. إضافة إلى مصاريف التنقل عبر البر». أطفال فاطمة لا يعرفون عمتهم ولا أبناءها إلا من خلال الصور ومن خلال التواصل عبر الهاتف، لأن تكاليف سفرهم مكلّفة بالنسبة إليها، كما أنه لم يسبق لزوجها، بدوره، أن زار شقيقته منذ سنوات، لانشغاله بالعمل، وهو ما دفعها إلى «النيابة» عنه في الزيارة.. مواطنون ومواطنات جزائريون يعانون ألم فراق ذويهم في المغرب، ولقلة ذات اليد، هناك من قضوا نحبهم ولم يحضر أقاربهم جنازاتهم.. وهناك من أقاموا مراسيم زفاف ولم تشاركهم عائلاتهم الكبيرة فرحتهم الكبرى.. وهناك من يقاسون آلام الأمراض ولم يجدوا إلى جانبهم من يواسونهم، لأن الظروف فرضت عليهم «الفراق».. تحكي فاطمة عن جزائري كان يسكن في مدينة مغنية، التي تبعد عن وجدة بحوالي 17 كيلومترا، توفي ولم تحضر ابنته، التي تسكن في وجدة، جنازته، كما لم تزره وهو مريض يعاني من تبعات مرض مزمن، فبعد تطليقه والدتها، ظلت الفتاة تعيش معها وكان يزورها، بين الفينة والأخرى، ولمّا أقعده المرض، لم تجد الابنة من وسيلة لعيادة والدها، الذي كانت تكتفي بالاتصال به هاتفيا، لأنها لا تملك مالا يكفيها للسفر جوا، كما ترددت في الدخول في «مغامرة» السفر برا. نرغب في السياحة إذا كان كل من لديهم أقارب، سواء في المغرب أو في الجزائر، يطالبون بفتح الحدود من أجل زيارة أقاربهم، فإن هناك مواطنين جزائريين يرون أن إنهاء هذا المشكل سيعود بالنفع على المنطقة. يرى محمد، وهو مواطن جزائري يزور المغرب بين الفينة والأخرى بهدف السياحة، أن فتح الحدود بين المغرب والجزائر صار «أكثر من ضروري»، لأن «ما يوحّد الشعبين الشقيقين أكثر مما يفرّقهما: الدين واللغة والمصير المشترك والتضحيات في الماضي.. كل هذه المعطيات تجعل الموضوع أكبر وأعمقَ من المشاكل السياسية بين قيادات البلدين». وحول إيجابيات وسلبيات فتح الحدود، قال محمد، الذي يعمل في شركة خاصة في العاصمة الجزائر: «هناك إيجابيات تتمثل، أساسا، في تقوية التبادلات التجارية بين البلدين في ظل الصعوبات الاقتصادية والأزمة الاقتصادية العالمية، والبلدان ليسا بعيدين عن نتائجها، إضافة إلى تقوية المجال السياحي، مما يسمح بفتح آفاق واسعة، خاصة مع التطور الملاحَظ في البنى التحتية لكلا البلدين.. وأشير هنا الى الطريق السيار من الحدود التونسية إلى غاية العيون، وهو ما يسمح لكل مواطني المغرب العربي بالتنقل بكل سهولة، خاصة في ظل ارتفاع تذكرة السفر عبر الخطوط الجوية، خاصة على الحدود بين وجدة وتلمسان، فقد أدى إغلاقها الى تباعد العائلات وعدم السماح بالزيارات العائلية، حيث هناك الكثير من الجزائريين المتزوجين من مغربيات والعكس. لم يغفل محمد الحديث عن سلبيات فتح الحدود، لكنه يرى أن ذلك عادي، وتتمثل هذه السلبيات في ظاهرة التهريب، وقال محمد في هذا الصدد: «يمكن حصر الجانب السلبي في ظاهرة التهريب عبر الحدود، والتي تبقى ظاهرة عالمية يمكن محاربتها إذا كانت هناك إرادة قوية من طرف الأجهزة المعنية بالأمر لدى كلا الطرفين. وهنا ألفت النظر إلى أن الطرف الجزائري أكثر تضررا من المغربي في هذا الجانب، خاصة في ما يخص تهريب المخدرات من المغرب إلى الجزائر أو تهريب السلع المدعمة من طرف الدولة والسلع المستوردة والخاضعة لنظام ضريبي منخفض وكذلك البنزين من الجزائر إلى المغرب». وعبّر محمد عن أمله في تحقق حلم فتح الحدود قريبا من أجل بناء مغرب عربي قوي. رأي مخالف لعبد العزيز، مواطن جزائري، رأي مختلف عن رأي محمد، فهو يرغب في أن يظل الوضع على هو عليه حاليا، وأن يصادق المغرب على جميع الاتفاقيات التي صادقت عليها الجزائر، بل وعلى أكثر من ذلك. اكتفى عبد العزيز بالقول: «لا لفتح الحدود دون أن يعوض المغرب الجزائر عن سنة 1975، ولا بد من أن يوافق المغرب على تقرير المصير بالنسبة إلى الصحراويين».. ويعارض محمد هذا الموقف، حيث يقول إن مشكل الصحراء يجب أن «يبقى جانبا»، وما دام في يد الأممالمتحدة فينبغي أن تتواصل المجهودات من أجل فتح الحدود، في نظره. «عندما نصبح جاهزين 100 % من الناحية الاقتصادية والتجارية، وقتها، يمكن الحديث عن فتح الحدود»، يقول سعيد، موظف جزائري، والذي يقول، بحكم عمله في مجال التسويق، إن أول انعكاس سيكون هو «إغراق» السوق الجزائرية بالمنتوجات المغربية وبمنتوجات بلدان أخرى تتميز، في نظره، بالجودة. ودعا سعيد الجزائر إلى مواجهة الحقائق قائلا: «إن المغرب هو أكثر إنتاجا وتنظيما، ويعتبر الأفضل على جميع المستويات، خصوصا في مجال الزراعة». وستظل مشكلة التهريب في نظر سعيد قائمة، سواء فُتحت الحدود أو بقيت مغلقة، لأن هناك تجارة في المخدرات والوقود وعدد من السلع، لكن هذا يتطلب رؤية اقتصادية بحتة يراعى فيها الواقع، بتعبيره. وقال سعيد إن الخاسر الأكبر من إغلاق الحدود هي الجزائر، لأنها تحرم مواطنيها من السياحة في المغرب، حيث إنه بإمكان سكان العاصمة الجزائرية أن يذهبوا إلى السعيدية برا، عبر مغنية، من أجل الاستمتاع بشاطئ السعيدية، عوض التوجه إلى تونس، فالمغرب يعتبر، في رأي سعيد، نقطة جذب سياحية بامتياز ويمكنه أن يكون متنفَّسا نموذجيا للجزائريين.
كرونولوجيا الحدود المغربية الجزائرية تبلغ الحدود البرية بين الجزائر والمغرب 1559 كيلومترا. في 28 ماي 1992، تمت المصادقة من طرف مجلس النواب المغربي على معاهدة سنة 1972 بشأن تحديد الحدود مع الجزائر. أشهر معبر هو «زوج بغال»، الذي يفصل بين وجدة ومغنية، والذي يمر منه، بين الفينة والأخرى، بشكل قانوني بعض الأجانب، خصوصا الخليجيين، بعدما يتم الترخيص لذلك من سلطة البلدين. 1994: إغلاق الحدود البرية بين المغرب والجزائر عقب هجوم إرهابي على فندق «أطلس اسني» في مدينة مراكش، تورطت فيه عناصر من أصل جزائري. 2004: السلطات المغربية ترفع التأشيرة على الجزائريين 2005: السلطات الجزائرية ترفع بدورها التأشيرة. ماي 2005: صحف جزائرية تتحدث عن فتح الحدود بين البلدين في غشت 2005. 4 أبريل 2007: بوعلام مراكش، رئيس الكونفدرالية الجزائرية لأرباب العمل، يطالب بإلغاء قرار إغلاق الحدود ويؤكد أنه يكبد اقتصاد البلدين خسائر كبيرة بملايين الدولارات. 22 مارس 2008: وزير الداخلية الجزائري يزيد زرهوني يؤكد أن «الجزائر ليست مستعجلة لإعادة فتح الحدود» 30 يوليوز 2008: الملك محمد السادس يطالب في خطاب العرش بتسخير طاقات «الشعبين الشقيقين، المغربي والجزائري، لرفع التحديات الحقيقية للتنمية والتكامل، بدل هدرها في متاهات نزاع موروث عن عهد متجاوز يعود إلى القرن الماضي». 11 نونبر 2008: «الحركة الإنسانية المغربية من أجل السلام واللا عنف «تدعو إلى مسيرة شعبية عالمية من أجل فتح الحدود بين المغرب والجزائر في سنة 2009. فبراير 2009: فتحت الحدود بين المغرب والجزائر لتسهيل مرور قافلة مساعدات بريطانية متوجهة لمساعدة أسر غزة، والتي كان يقودها البرلماني البريطاني جورج غالاوي، ومرت قافلة المساعدات، المكونة من 99 شاحنة، الحدود المغربية -الجزائرية محملة بالملابس والأدوية ولعب الأطفال. يناير 2012: سعد الدين العثماني، وزير الشؤون الخارجية والتعاون، يقوم بزيارة إلى الجزائر (يومي 23 و 24 ) على رأس وفد هام من وزارة الشؤون الخارجية والتعاون، ويلتقي الرئيس الجزائري السيد عبد العزيز بوتفليقة. 23 يناير 2012: وزير الخارجية الجزائري مراد مدلسي يصرح، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره المغربي سعد الدين العثماني (في الجزائر)، بأن حكومته تنظر إلى «تطور العلاقات مع المغرب كأولوية. فالجزائر تميل إلى بحث مسألة إعادة فتح الحدودي سياق أوسع». 29 يناير 2012: وزير الداخلية الجزائري دحو ولد قابلية يقول إن «إعادة فتح الحدود بين الجزائر والمغرب احتمال حقيقي بالنظر إلى دفء العلاقات بين الجانبين، الذي طبع الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية المغربي». فبراير: 2012: وكيل وزارة الخارجية الأمريكي المكلف بمنطقة المغرب العربي، راي ماكسويل، يصرح بأن بلاده تشجع أي تقارب بين المغرب والجزائر والبحث عن أي حل يوصل إلى فتح الحدود بين البلدين. فبراير 2012: المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد تدعو إلى فتح الحدود البرية بين الجزائر والمغرب، حيث قالت في مقابلة تلفزيونية إن حرية تنقل الأشخاص وفتح الحدود من شأنه تعزيز الاندماج الاقتصاديبين دول اتحاد المغرب العربي، ووعدت بإقناع المسؤولين الجزائريين بهذا الأمر. فبراير 2012: وزيرة الخارجية الأمريكة هيلاري كلينتون تعرب، إثر زيارتها للمغرب، عن أملها في إعادة فتح الحدود البرية بين المغرب والجزائر، من أجل تعزيز التعاون الاقتصادي الثنائي. فبراير 2012: سعد الدين العثماني، وزير الخارجية والتعاون، يعلن عن تفاؤله لفتح الحدود بين المغرب والجزائر، وفق تصريح صحافي أدلى به بعد اجتماع مع نظيره البريطاني وليام هوغ. 17 فبراير 2012: وزير الشؤون الخارجية الجزائري مراد مدلسي يؤكد في الرباط أنه «لا بد من فتح الحدود بين الجزائر والمغرب»، في ندوة صحافية مشتركة مع سعد الدين العثماني، وزير الشؤون الخارجية والتعاون، عقب جلسة مباحثات بينهما. مارس 2012: رئيس الوزراء الجزائري أحمد اويحيى يؤكد أن الحدود البرية بين المغرب والجزائر ستفتح «حتما»، في حوار نشرته صحيفة جزائرية. وقال اويحيى: «حاليا، تسير الأمور بشكل جيد على أساس زيارات متبادلة ولقاءات في الجهتين تمهّد لإعادة الدفء إلى العلاقات... لذلك ستفتح الحدود حتما».