تعرف الدورة ال65 من مهرجان «كان» السينمائي، الذي بدأت فعالياته أمس الأربعاء، عرض 54 فيلماً في العروض الرسمية، وتمثل هذه الأفلام 26 بلداً، وقد وضعت جميعها تحت ملصق «الأسطورة» مارلين مونرو. ويشارك في المسابقة الرسمية للمهرجان 22 فيلماً تتنافس على السعفة الذهبية، من بينها فيلم «بعد الموقعة» للمخرج المصري يسري نصر الله، الذي يدخل المسابقة الرسمية للمرة الأولى، بعد أن كان فيلمه «باب الشمس» الذي يتناول ملحمة النزوح الفلسطيني قد عُرِض في تظاهرة «نظرة خاصة»، قبل سنوات. مباشرة بعد تسليم السلط بين الرئيس المنتهية ولايته نيكولا ساركوزي والرئيس الجديد فرانسوا هولاند، افتتحت رسميا، مساء أمس الأربعاء، الدورة الخامسة والستون من مهرجان كان السينمائي الدولي، التي بدا أنها لم تستطع الانفلات -رغم السعي إلى تغليب الطابع الفني عليها- من تأثير هذه اللحظة السياسية المتميزة في تاريخ فرنسا المعاصرة، والتي يمكن القول، بدون تردد، إنها تفتح باب الأمل، من جديد، بعد أن انتهت سياسة الرئيس السابق إلى إغلاقه في أوجه الجميع، وخاصة في وجه الفئات المستضعفة والهشة التي حُكِم عليها بأن تظل على هامش المجتمع والثقافة والمعرفة والفن. في هذا السياق، كان لافتا تأكيد الرئيس الفرنسي الجديد، في أول خطاب يلقيه بعد تنصيبه، على ضرورة الاهتمام بالمدرسة وبالتكوين، عبر توظيف 60 ألف مكوّن في مجال التربية خلال سنوات ولايته الخمس، على أساس أن «المعرفة والثقافة تمثلان ثروة أهم بكثير من ثروة المال والنقود».. وهذه إشارة لا تخفى إلى نهاية عهد سادت فيه قيمة المال على قيمة المعرفة وتراجعت الثقافة، التي شكّلت لمدة طويلة، كنزا فرنسيا بامتياز يحظى بالاحترام والتقدير عبر العالم. إلا أن هذه الرياح الجديدة التي هبّت على مهرجان كان هذا العام، والتي تذكّر برياح مماثلة هبّت عليه، في سياق دولي مختلف، قبل قرابة ثلاثين عاما (مع وصول فرانسوا ميتران إلى السلطة) لم تخْلُ من بعض المفارقات، حيث تصدر افتتاحية «كاتالوغ» دورة هذا العام مقال بتوقيع فريديريك ميتيران، باعتباره وزيرا للثقافة والاتصال، في الوقت الذي يتوقع أن يغادر منصبه لصالح وزير جديد (لذلك، ربما، اختار التركيز في كلمته على مارلين مونرو، رمز دورة هذا العام، باعتبارها تمثل «حلم السينما» و»وجودا تطبعه صورة كانت تريد التخلص منها: الموهبة والهشاشة»، وتذكيرا لنا بأن «السينما هي، أولا وقبل كل شيء، معينٌ للأحلام لا ينضب أبدا»). افتتحت دورة هذا العام بفيلم «مملكة طلوع القمر» للمخرج الأمريكي ويس أندرسون (صاحب «عائلة تاننباوم» 2001-، و»الحياة المائية» -2004، و»على متن الدارغلينغ ليميتد»- 2007)، وهو يروي حكاية يفترض أن وقائعها جرت في إحدى الجزر الأمريكية في أواسط ستينيات القرن الماضي، بطلاها طفل وطفلة في بداية العقد الثاني من عمريهما، يقعان في هوى بعضهما ويقرران الفرار معا. وبينما ينشغل الجميع بالبحث عنهما تقترب عاصفة عنيفة من شواطىء الجزيرة، مما يعقد الأمور أكثر. وعلى غرار أفلامه السابقة، يلجأ المخرج إلى بناءٍ تراجيكو -ميدي لعملية السرد، مع اعتماد بناء بصري يحيلنا، في آن واحد، على لوحات الرسام الأمريكي نورمان روكويل (-1894 1978) وعلى أفلام «كوداكروم» العائلية المصورة في ذلك الوقت. حكاية يلعب أدوارَها، مجتمعين، ممثلون من عيار بروس وسليس، إدوارد نورتون، بيل موراي، فرنسيس ماكدورموند وتيلدا سوينتون. وتتميز دورة هذا العام، كما هو معلوم، بحضور ثلاثة أفلام عربية في مسابقات المهرجان: الفيلمان الطويلان «بعد الموقعة»، للمصري يسري نصر الله، ضمن المسابقة الرسمية (سيعرض اليوم الخميس) و»أحصنة الرب» لنبيل عيوش (الذي يقدمه الكاتالوغ باعتباره فرنسيَّ الجنسية) ضمن مسابقة «نظرة ما» (يعرض بعد غد السبت) والفيلم القصير «فلسطين، صندوق الانتظار للبرتقال» للسوري بسام الشخص، ضمن مسابقة الأفلام القصيرة. وسنعود إلى كل منها حين عرضه. إضافة إلى هذه الأفلام، تنظم «جمعية السينما الفرنسية المستقلة من حيث التوزيع» (acid) احتفالية بمناسبة الذكرى العشرين لتأسيسها، سهرة تعرض خلالها تسعة أفلام مختارة، من بينها فيلم «نهاية» للمخرج هشام العسري، الذي سيعرض في ثلاث قاعات سينمائية (خارج قاعات المهرجان الرسمية) يومي الأحد، 20، والأربعاء، 23 ماي، والذي أشير إليه في مطبوع الجمعية باعتباره فيلما مغربيا، يروي «على نحو مجنون، باروكي وسياسي قصة روميو وجولييت في الدارالبيضاء».