أثار رفع راية التمرد على الحكومة من طرف سميرة سيطايل، المديرة العامة المساعدة بالقناة الثانية، وسليم الشيخ، المدير العام لنفس القناة، تساؤلات قانونية حول الآلية المثلى الواجب سلوكها من طرف الحكومة لمواجهة حالة العصيان غير المسبوقة التي أعلنها المسؤولان السالف ذكرهما. ترمي هذه الورقة إلى بسط آلية قانونية سهلة المنال، تمكِّن الحكومة من التعامل مع حالة التمرد المذكورة بحيث لا تبقى معها حاجة إلى الحديث عن استعمال الاختصاص الدستوري لرئيس الحكومة المتعلق بسلطات الاقتراح والتعيين والإقالة من المناصب السامية، لكونه غير ذي موضوع في هذه النازلة. يفسر هذا بسبب بسيط هو أن سميرة سيطايل وسليم الشيخ ليسا سوى أجيرين لدى الشركة مجهولة الاسم (صورياد- 2M)، بحكم عقدي العمل الخاصين بهما. وبالتالي، فالمرجع القانوني للتعامل مع سلوكهما غير المهني هو مدونة الشغل فقط لا غير، وهو ما تؤكده سابقة إقالة المدير العام السابق للقناة الثانية مصطفى بنعلي والحكم القضائي الصادر بهذا الخصوص. تجدر الإشارة إلى أن الآلية المقترحة كان من الممكن توفير عناء اللجوء إليها لو أن الرئيس المدير العام للقناة الثانية، فيصل العرايشي، بصفته موظفا ساميا يمثل الدولة على رأس القناة وبصفته رئيسا تسلسليا للمسؤولين سالفي الذكر، بادر إلى إقالتهما إما تلقائيا، وهو الأولى، أو بتوجيه من الحكومة عبر وزير الاتصال بصفته وصيا على القطاع، أو عبر رئيس الحكومة نفسه. غير أن الرئيس المدير العام للقناة الثانية اختار دعم التمرد عوض قمعه على ما يبدو، وهو ما سيتطلب اتخاذ التدابير القانونية اللازمة في حقه في مرحلة لاحقة من طرف الحكومة، انسجاما مع أحد شعارات هذه الحكومة: الحفاظ على هيبة الدولة. في ما يلي عرض لآلية الإقالة المقترحة، بعد تذكير موجز بنشأة القناة الثانية، وانتقال ملكية أغلبية أسهمها إلى الدولة: أنشئت الشركة مجهولة الاسم (صورياد- 2M) من طرف «أونا» ومساهمين خواص آخرين سنة 1987. نظرا إلى الضائقة المالية التي ستعيشها الشركة، سيقوم المساهمون الخواص باستصدار قرار من الدولة المغربية سنة 1996 بدخولها في رأس مال الشركة عبر حيازة 71,71 في المائة من رأسمالها. وعلى إثر القرار المذكور، ستتراجع مساهمة «أونا» إلى 19,56 في المائة فقط، بينما ستتوزع البقية بين مساهمين مغاربة وأجانب بنسبتي 6,58 في المائة و2,15 في المائة على التوالي. وفقا لمقتضيات النظام الأساسي للشركة مجهولة الاسم (صورياد-2M)، وككل الشركات المماثلة، فإن الصلاحيات التدبيرية يمتلكها المجلس الإداري للشركة، الذي يتخذ فيه القرار بالتصويت. تحتسب حقوق التصويت في المجلس الإداري بشكل تناسبي مع الحصة في رأس المال. وبعملية حسابية بسيطة، سنجد أن الدولة بامتلاكها 71,71 في المائة من رأسمال (صورياد-2M) فإنها تمتلك القرار الأغلبي داخل المجلس الإداري، وكذا الجمعية العامة للمساهمين. وهو ما يمكِّن الدولة عبر متصرفيها في المجلس الإداري المذكور، الذي يعد رئيسه فيصل العرايشي ضمنهم، من طلب انعقاد مجلس إداري طارئ تدرج نقطة إقالة المدير العام والمديرة العامة المساعدة ضمن جدول أعماله. من أجل بلوغ الغرض سالف الذكر، لرئيس الحكومة أن يستدعي السادة الآتية أسماؤهم: 1 - فيصل العرايشي بصفته رئيسا مديرا عاما ممثلا للدولة في (صورياد- 2M)؛ 2 - سمير التازي، مدير المؤسسات العمومية والمساهمات، بصفته متصرفا عن وزارة المالية في (صورياد- 2M)؛ 3 - محمد قصي، نائب مدير المؤسسات العمومية والمساهمات، بصفته متصرفا عن وزارة المالية في (صورياد- 2M)؛ 4 - رضوان بلعربي، الكاتب العام لوزارة الاتصال، بصفته متصرفا عن نفس الوزارة في (صورياد-2M)؛ 5 - محمد بلغوات، مدير الدراسات وتنمية وسائل الاتصال، بصفته متصرفا عن وزارة الاتصال في (صورياد-2M). ويوجههم باتخاذ القرارات التالية: 1 - عقد اجتماع طارئ لمجلس إدارة شركة الدولة (صورياد-2M)؛ 2 - إنهاء العلاقة التعاقدية التي تربط شركة الدولة (صورياد-2M) بأجيريها سميرة سيطايل وسليم الشيخ نظرا إلى عدم انسجامهما مهنيا مع توجهات المالك الرئيسي للقناة الذي هو الدولة. كخلاصة، وجب القول إن تمرد سميرة سيطايل، المديرة العامة المساعدة بالقناة الثانية، وسليم الشيخ، المدير العام لنفس القناة، على الحكومة يعد اغتصابا لسلطة الأجهزة التدبيرية للشركة، وعلى رأسها المجلس الإداري، واغتصابا لسلطة الجمعية العامة للمساهمين المشكلة أغلبيتها من طرف ممثلي الحكومة، واغتصابا لحقوق الشعب المغربي عندما قام المسؤولان السالف ذكرهما بازدراء سياسة حكومة مدعومة بأغلبية برلمانية منتخبة. خبير اقتصادي مغربي