لا تزال حوالي ست عائلات بأطفالها الصغار بأحد الدواوير الصفيحية بضواحي الحاجب، تمضي أيامها ولياليها في العراء، بعدما أقدمت جرافات السلطات المحلية على التدخل، فجر الخميس 18 أبريل الجاري، لهدم محلاتهم السكنية، بتهمة كونها عبارة عن «بناء عشوائي» غير مرخص. وتظاهر العشرات من السكان في الحي الصفيحي المعروف تحت اسم دوار الكرم، التابع لجماعة لقصير القروية، بداية الأسبوع الجاري، للمطالبة بإيقاف زحف جرافات السلطة، التي تهدد ما يقرب من 50 «براكة»، تشير بعض المصادر إلى أن السلطات تتهمها بكونها «عشوائية وحديثة العهد». ويشير وضع هذا الحي الصفيحي إلى أن البناء العشوائي وأحياء البراريك لم تعد تقتصر على أطراف المدن، وما جاورها من الأحياء الشعبية التي توصف من قبل النخبة بالأحياء الهامشية. فالحي، تورد المصادر يضم حوالي 1500 براكة، بعائلات واحدة وأخرى مركبة. وطبقا لمراد احميمو، وهو من «القاطنين» الذين استهدفت عملية الهدم محلاتهم، فإن عددا من المواطنين، قد عمدوا إلى الحصول على هذه المحلات، في الآونة الأخيرة، ما يعني أن الحي عرف توسعة في السنين الأخيرة، التي تقول السلطات إنها تشن خلالها الحرب على البناء العشوائي والأحياء الصفيحية. ويقدم هذا الحي، في المقابل، على أنه من الأحياء الصفيحية التاريخية بجهة مكناس. وكان، في البداية، يؤوي عمالا زراعيين كانوا يعملون لدى أصحاب الضيعات من المعمرين الفرنسيين، لكن الدوار الذي كان عبارة عن «نوايل» قليلة، تحول إلى «قطب» صفيحي، أمام أنظار السلطات الإدارية، والمنتخبين الذين عمدوا، في الآونة الأخيرة، إلى إشهار ورقة البناء العشوائي، واحتلال ملك تابع للدولة لطرد عدد من قاطنيه، دون اعتماد أي مقاربة لإعادة الإسكان، طبقا لمخططات القضاء على هذا السكن في مختلف مناطق المغرب. ويشعر المواطنون المستهدفون بقرارات الهدم ب»الإهانة». ويتساءلون عن الدوافع التي حركت المنتخبين وبعض المسؤولين الإداريين لشن حملة الهدم على بيوتهم، وما إذا كان الأمر يتعلق بتصفية حسابات سياسية مع منافسين في الانتخابات الجماعية المقبلة. وحكى مراد احميمو بأن السلطات أخبرته، رفقة المعنيين الآخرين بقرار الهدم، بعد استدعاء من قبل مسؤول إداري برتبة باشا. وأعطيت لهم مدة 3 أيام لتدبر أمورهم. وجاءت أفواج من أعوان السلطة وعناصر «المخازنية» للقيام بالعملية، لكن المشمولين بالقرار عمدوا إلى «الاحتماء» ببراريكهم، ما دفع السلطات إلى العدول عن تنفيذ القرار، تجنبا لاندلاع احتجاجات، قبل أن تعمد إلى «اقتحام» الحي الصفيحي في وقت مبكر من يوم الخمس 18 أبريل، وتمكنت من تنفيذ العملية، ووجد المشمولون أنفسهم في وضعية صعبة، وهم يواجهون المجهول رفقة أبنائهم الصغار، ومنهم رضيع، وبأوضاع اجتماعية هشة يقولون إنها لا تمكنهم من تدبر ولو لتر من الحليب للأطفال. وأفضت محاولة أحدهم للاحتجاج إلى «اعتقاله».