ألغت وزارة التجهيز، للمرة الثالثة، صفقة عمومية لتكليف مكتب دراسات بتتبع ومراقبة أشغال بناء الشطر الثالث من الطريق السريع، الذي يُرتقَب أن يربط، في أول تجربة نموذجية، بين مدنتي تازةوالحسيمة. وقالت المصادر إن جلسة أخرى محددة للحسم في هذه الصفقة، التي تثير الجدل بين أطياف من المهندسين، قد حددت ليوم 9 ماي القادم، بعدما كان من المقرر أن تحسم في أمس الخميس. وكان أول تأجيل للنظر في هذه الصفقة قد تم يوم 27 مارس الماضي. وأفادت مصادر مطلعة على ملف هذه الصفقة، التي تهُمّ شطرا للطريق يمتد على حوالي 92 كليومترا بين تازة ومنطقة كاسيطا، أن المكلفين بإدارة شؤون هذه العملية قد عمدوا، بعد إعلان التأجيل الأول، إلى إدخال تعديلات وُصِفت بالجوهرية على دفتر التحملات، فيما أوردت المصادر أن ملابسات التأجيل الأخير غير واضحة، لكنْ دون إغفال صراع «مرير» بين مكاتب دراسات المهندسين الطوبوغرافيين الذين يتخرجون من معهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة في الرباط وبين مكاتب دراسات المهندسين المتخصصين في الهندسة المدنية، الذين يتخرجون من مدرسة المحمدية والمدرسة الحسنية للمهندسين. وطعنت رسالة وجّهها مهندس طوبوغرافي لوزير التجهيز في قانونية الصفقة، التي تأجلت لثلاث مرات، وقال هشام مليح إن «هذه الصفقة تضرب في العمق قانون الصفقات العمومية وتكرس الاحتكار وتبديد المال العام والإضرار بجودة الأشغال وتهميش المقاولات ومكاتب الدراسات الصغرى والمتوسطة وتشريدها». وذكّر هذا المهندس الطبوغرافي بأن المشروع مفصل على مكاتب دراسات بعينها، هي نفسها المكاتب التي قامت بالدراسات، واتهم الأخيرة باحتكار تتبع الأشغال بجمعها في مشروع واحد، وهو ما يتعارض مع القوانين المعمول بها في هذا المجال، تقول رسالة أخرى وجّهتها هيئة المهندسين الطبوغرافيين لعدد من المسؤولين، ضمنهم وزير التجهيز الحالي، عبد العزيز الرباح. ويرفض المهندسون الطبوغرافيون أن يوضعوا تحت «وصاية» مكاتب دراسات الأشغال العمومية، لأن ذلك من شأنه أن يقوض حرية المراقبة ويؤثر على جودة المشاريع ويُسهّل نهب المال العام، حسب ما جاء في رسالة أخرى وجهها المهندس الطبوغرافي هشام مليح لمديرية التجهيز والنقل في تازة. وكانت الصفقات السابقة لتتبع ومراقبة الشطر الأول للطريق من جهة تازة، والذي يمتد على حوالي 6 كيلومترات، والشطر الثاني الذي يمتد، من جهة الحسيمة، على حوالي 16 كيلومترا، قد أسندت مراقبة أشغاله وتتبعها إلى مكاتب دراسات مكلفة بجميع التخصصات، ما يعتبره الطبوغرافيون خرقا لقانون ينص على أن «الطبوغرافية تخصُّصٌ مستقل»، كما يعتبرون الوضع مخالفا لقانون الصفقات العمومية، الذي يعتبر أن «جمع التخصصات يمنع الشفافية والمساواة والمنافسة والحكامة في صرف المال العام».