صادق مجلس النواب٬ أول أمس الثلاثاء٬ بالأغلبية على الجزء الأول من مشروع قانون المالية لسنة 2012 (المداخيل). إذ وافق على الجزء الأول من المشروع 138 نائبا وعارضه 36 فيما امتنع 12 نائبا عن التصويت. الجلسة، التي عرفت غيابا كبيرا للبرلمانيين، عرفت نقاشا حادا بين فرق المعارضة والأغلبية عند تفسير بعض التعديلات، خاصة تلك التي همت المادة 20 والمتعلقة بتخصيص اعتمادات إضافية للنهوض بالأوضاع بالعالم القروي. وفي الوقت الذي دافعت المعارضة صاحبة هذا التعديل عن موقفها، واصفة ما أتت به الحكومة من إجراءات غير كافية للتخفيف من المعاناة التي يتكبدها ساكنة العالم القروي٬ أكد نواب الأغلبية على أن النهوض بالوسط القروي ليس محل مزايدة، وأن الحكومة تعمل جاهدة في هذا الإطار. وفي رده على ملاحظات فرق المعارضة قال وزير الاقتصاد والمالية نزار البركة إن «مشروع قانون المالية لسنة 2012 خصص 20 مليار درهم للعالم القروي موزعة بين مختلف القطاعات المعنية من أجل توسيع ولوج السكان القرويين إلى التجهيزات والخدمات الأساسية، وتحسين ظروف عيشهم، وتوسيع مجال تدخل «صندوق التنمية القروية» ليشمل العمليات الخاصة بتنمية المناطق الجبلية، مع تعزيز إمكانياته المالية لتبلغ مليار درهم (مقابل 500 مليون درهم سابقا)، فضلا عن رصد 1.53 مليار درهم في إطار برنامج استعجالي لدعم القطاع الفلاحي والعالم القروي عموما لمواجهة الانعكاسات السلبية لتأخر التساقطات المطرية». وعلى صعيد متصل، قال بركة إن «مشروع قانون المالية لسنة 2012 ينبني على نموذج اقتصادي واضح المعالم والأهداف يرتكز على تعزيز النمو الداخلي وتشجيع الاستثمار وتطوير آليات التضامن والحماية الاجتماعية. وفي الجانب المتعلق بتعزيز النمو الداخلي٬ أوضح الوزي٬ أنه تم تخصيص 188 مليار درهم بالنسبة للاستثمارات العمومية وتطبيق ما تم الاتفاق عليه في إطار التزامات الحوار الاجتماعي (13.2 مليار درهم)٬ ورفع مستوى دعم المواد الأساسية في إطار صندوق المقاصة (46.5 مليار درهم )٬ مؤكدا أن دعم الطلب الداخلي (الاستثمار والاستهلاك)٬ الذي يشكل 60 في المائة من الناتج الداخلي الخام٬ يفرض نفسه، خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعرفها الأسواق التقليدية٬ وعلى الخصوص منطقة الأورو٬ وهو ما أدى إلى تراجع الطلب الموجه إلى المغرب. وعلى مستوى تشجيع الاستثمار٬ أبرز البركة أنه تم الرفع من حجم استثمار الميزانية العامة والاستثمار العمومي إلى ما مجموعه 188 مليار درهم مقابل 167.3 مليار درهم سنة 2011 من أجل إنعاش التشغيل وإعطاء دفعة قوية للأوراش الكبرى وإبراز أقطاب جهوية تنافسية. ومن شأن هذه الاستثمارات أيضا٬ حسب الوزير٬ تفعيل الإستراتيجيات القطاعية بهدف تنويع وتحديث البنيات الإنتاجية، وإحداث مناصب الشغل، وتعزيز قدرات المغرب التصديرية والتنافسية، وتعزيز جاذبية وتنافسية الاقتصاد الوطني وتشجيع الاستثمارات٬ ومواكبة المقاولات الصغيرة والمتوسطة٬ وملاءمة التكوين مع حاجيات الإستراتيجيات القطاعية٬ فضلا عن تأهيل العنصر البشري. وبخصوص التساؤلات التي أثارتها بعض الفرق البرلمانية حول مسألة التوازنات المالية والماكرو-اقتصادية للمغرب٬ أكد بركة أن الحكومة تضع ضمن أولوياتها استعادة هذه التوازنات بهدف الحفاظ على السيادة الاقتصادية والمالية٬ من خلال حصر عجز الميزانية في معدل 5 في المائة من الناتج الداخلي على أساس العودة التدريجية إلى نسبة 3 في المائة في أفق 2016، مما سيساهم٬ حسب الوزير٬ في الإبقاء على المديونية في مستويات قابلة للتحكم فيها والتوفر على إمكانيات لتمويل القطاع العام والخاص. وأوضح الوزير في هذا السياق أن بنية الدين العمومي تسمح بالتحكم في كلفته، حيث إن حصة الناتج الداخلي الخام المخصصة لأداء الفوائد لا تتعدى 3. 2 في المائة عوض 4.7 في المائة سنة 2000. كما أن كلفة الدين تراجعت من 8. 6 في المائة سنة 2000 إلى 4.5 في المائة حاليا، حيث يظل أقل من متوسط معدل زيادة الثروة الوطنية٬ مشيرا إلى أن قرار بنك المغرب القاضي بتخفيض السعر المرجعي للفائدة من 3.25 إلى 3 في المائة سيمكن من تحسين ظروف تمويل الاقتصاد بشكل عام .