أعفى رئيس الجماعة الحضرية لتطوان، محمد إدعمار، يوم الجمعة الماضي، كلا من الكاتب العام للجماعة الحضرية مصطفى الصديقي، ورئيس قسم الشؤون الاقتصادية والمالية، محمد أوبيهي، من مهامهما، لأسباب لم يتم الكشف عنها. وجاء قرار إدعمار بإعفاء المسؤولين المذكورين بعد أيام من صدور التقرير السنوى للمجلس الأعلى للحسابات، والذي خص فيه فصلا خاصا عن بعض الاختلالات التي طالت برنامج التنمية الحضرية لتطوان من سنة 2006 إلى غاية 2009، وهي الفترة التي كان يرأس فيها رشيد الطالبي العلمي الجماعة الحضرية.
ولم تستبعد مصادرنا أن يكون قرار الإعفاء المفاجئ مرتبطا بخلاصات تقرير مجلس أحمد الميداوي، والذي تضمن معطيات هامة وأرقام مختلة لتدبير البرنامج المذكور؛ حيث كان المسؤولان المعفيان مؤخرا من مهامهما يتقلدان حينها نفس المناصب.
وأشارت مصادر مقربة إلى أن إعفاء الكاتب العام للجماعة ولرئيس قسم الشؤون الاقتصادية والمالية، يأتي في إطار تصفية تركة الطالبي العلمي بالجماعة الحضرية، كما أنها تأتي في إطار تعيين موظفين موثوق فيهم من طرف إدعمار. من جهته، أشار أحد نواب رئيس الجماعة الحضرية لتطوان، إلى أن اسم الكاتب العام للجماعة كان قد تردد كثيرا في عدة تقارير داخلية وإعلامية، من أبرزها ملف دكاكين سوق الإمام مالك، أو ما شاب إحدى التجزئات السكنية. كما أنه أقدم مؤخرا على توجيه مذكرة بشأن عملية تنقط الموظفين، حيث اعتبر عملية التنقيط غير مقبولة في حق العديد من الموظفين والموظفات، رغم أن ذلك ليس من اختصاصه، وهو ما فسره البعض بمحاولته ترقية بعض مقربيه رغم عدم أحقيتهم بذلك.
وكان تقرير المجلس الأعلى للحسابات قد تطرق إلى برنامج التنمية الحضرية لتطوان (2006- 2009)، والذي رصد له 530 مليون درهم بمساهمة كل من وزارة الداخلية، ومجلس الجهة، وصندوق التجهيز، ووكالة الإنعاش والتنمية، بالإضافة إلى جماعة تطوان التي تعهدت بتوفير مبلغ 120 مليون درهم. لكن الملاحظة الأولى، التي سيبرزها التقرير هي أن الجماعة ستتخلف عن توفير مساهمتها، مما حذا بها إلى خيار تفويت «دار الباشا» نهاية 2007 بمبلغ 148.024.800 درهم، لتمويل حصتها بمشروع برنامج التنمية، لكن ما سجله التقرير كذلك، أنه من أصل المدخول الإجمالي لذلك التفويت، لم يخصص سوى مبلغ قدره 84.101.331.90 درهما، أي ما يعادل نسبة 57 بالمائة من مبلغ بيع دار الباشا. كما تأخرت الجماعة، في عملية أشغال برنامج التنمية عن استعمال قرض صندوق التجهيز ومساهمة وزارة الداخلية، الأمر الذي انعكس سلبا على تنفيذ تلك المشاريع وكذا إمكانية تحميل ميزانية الجماعة نفقات غير مبررة نتيجة أداء فوائد على تلك القروض. كما شمل تقرير المجلس الأعلى ملاحظات متعددة تحدثت عما سمته «غياب البعد الاستراتيجي المؤطر لبرنامج التنمية الحضرية»، و»عدم إشراك المجلس الجماعي- وعموم الفعاليات المدنية - في وضع برنامج المشروع، إضافة إلى عدم التحديد الدقيق للمشاريع المتعلقة بمجموعة من محاور البرنامج، واختيار مشاريع وبرمجتها في غياب دراسات أولية مسبقة».
وأشار التقرير كذلك إلى أن جماعة تطوان أعلنت استلامها المؤقت لصفقة الأشغال المتعلقة بساحة الولاية، التي رصد لها غلاف مالي يقدر ب 18.250.807.20 درهما، رغم أن الأشغال لم تكن منتهية، إذ تم إنجاز محضر الاستلام المؤقت للصفقة، مما يعد مخالفة للمقتضيات المتعلقة بالشروط الإدارية بصفقات الأشغال المنجزة لحساب الدولة. وسجل التقرير وجود اختلالات كبيرة ببرنامج التنمية الحضرية بالمدينة، حيث شكلت علاقة جماعة تطوان بشركة «أمانديس» المكلفة بتوزيع الماء والكهرباء موضوع ملاحظات لمجلس الحسابات، والذي رصد أن الجماعة تكلفت بإنجاز أشغال لمرفق تم تفويض تدبيره للشركة المذكورة. كما تمت برمجة صفقات ومشاريع دون تحديد دقيق لموضوعها، وتم تسجيل إدراج قيمة صفقة تتعلق بأشغال لا يشرف على دراستها وإنجازها المهندس المعماري في بيانات أتعابه، حيث حصل مهندس على 90 ألف درهم مقابل إنجاز مشروع «تزفيت» شارع لم تكن له علاقة به.