قد ينضاف إلى ذكر الجائزة وكلمة الغلاف، عنصرٌ آخر يرفع من القيمة التجارية للمنتوج، وهو التعريف بالكاتب. وهذا ما نجده مثلا في «ليلة عرس» ليوسف أبوريه، حيث نقرأ تعريفا موجزا لحياة الكاتب ومؤلفاته والمناصب التي تولاها، هذا إضافة إلى عناصر أخرى داعمة، في مقدمتها فوز الرواية بجائزة نجيب محفوظ (2005). كل هذا يقوي لدى القارئ الإيمان بأهمية وجدوى الرواية ويجعل من الغلاف مدخلا حقيقيا للتسويق. ولا بد هنا من الإشارة إلى أن كلمة ظهر الغلاف قد تأتي أقل اختصارا، إما موجهة من قبل كاتب أديب، مثل كلمة أنسي الحاج على ظهر غلاف «حكاية زهرة» لحنان الشيخ مقتصرا فيها على بطلة الرواية وما فيها من ملامح الإثارة، وكما نجد أيضا في «الأبله والمنسية وياسمين» للميلودي شغموم، حيث لا تتجاوز عبارتين تبرزان موهبة الكاتب والقيمة الفنية للرواية، إلى جانب مقطع سردي قصير من الرواية، وهو تقليد جرت به العادة في الأعمال الحكائية بصورة عامة. ومثل هذه الكلمة، الأقل اختصارا، تحقق بدورها ما يسعى إليه الناشر في الاستراتيجية التي يختارها لترويج العمل الروائي. هذه العناصر التي قدمناها، وغيرها، تعتبر من الحوافز الأساسية لترويج الرواية، ومن ثم لقراءتها. أكثر من هذا أن العمل الروائي إذا حظي بالقبول من لدن النقاد وحظي بالرواج المرغوب فيه، فإن الناشر يجد كل المبررات الموضوعية لإعادة نشره، ولنا مثال في «عمارة يعقوبيان» لعلاء الأسواني التي حققت، بما رافقها من متابعات نقدية، نجاحا تجاريا واسعا، فضلا عن ترجمتها -وهذا عامل مهم- إلى لغات أخرى، فأعيد طبعها ما يربو على عشر مرات. وقد حققت «ذاكرة الجسد» لأحلام مستغانمي أكثر من ضعف هذا العدد من الطبعات. ومع إعادة الطبع يزداد الاهتمام بالعمل الروائي من حيث شكل الغلاف لتقوية عناصر الإثارة ورغبة القراءة. وفي ختام هذا العرض، نتساءل بكل ما يلزم من وضوح ومسؤولية، وقد توفرت إمكانيات هائلة في المجال التقني للكتاب، إن كان الغلاف بكل مكوناته الجمالية يحقق للرواية الرواج التجاري الذي يسهم في تنشيط عملية القراءة بصورة معقولة. أظن أن هناك حقيقة لا يختلف حولها اثنان، وهي أن نسبة القراءة عرفت تراجعا ملحوظا، وأن الإنتاج الروائي، والعمل الإبداعي عموما، تقلصت نسبة انتشاره وتداوله. وأرى في هذا السياق أن هذا لا يعود فقط إلى عوامل كالقدرة الشرائية أو منافسة الصورة وما إلى ذلك، ولكنه يعود بالأساس، دون التقليل من أهمية العوامل المذكورة، إلى تمثلات القارئ حول الرواية، ذلك أنها بحاجة إلى عمليات نقدية تهدف إلى صوغ مفهوم للرواية في إطار تصور يبعد كل المقولات الخاطئة التي لحقت بهذا الجنس الأدبي، ويؤكد على وظيفتها في مستوياتها اللغوية والفنية والاجتماعية، وهذا يساعد على مواجهة عزلة الرواية وعزلة الكاتب على حد سواء، ويوفر شروط التواصل المنتج، وبالتالي ينعكس على البعد النفعي، أي ما يخص التسويق وتوسيع مجال البيع. ولا بد هنا أن نتذكر أن الحركة الرومانسية، التي حققت في وقتها رواجا تجاريا كبيرا لأنها حددت لنفسها رسالة، تجسد هواجس الفرد في صراعاته الاجتماعية المختلفة، وأن الرواية الواقعية حددت بدورها مبادئ وقيما أدبية واجتماعية تنطلق كلها من الواقع، فاكتسحت السوق وأقصت الشعر الذي كانت له السيادة في الدراسات الأدبية الكلاسيكية. وعلينا أن نتذكر أيضا الرواية البوليسية في فرنسا ونتساءل عن عوامل انتشارها. يجيبنا موراليس جوابا مقنعا يقول فيه إن هذه المسألة لا يمكن النظر إليها في بعدها الكمي فحسب، بل أيضا في «اهتمامات متجذرة في القراء وتكشف، بصورة أنفذ من كثير من أنواع النصوص الأدبية، أهمية موقع القارئ في تلقي الكتاب وتكوينه». ومن هنا يبدو من الضروري تحديد رسالة واضحة للأدب الروائي، تأخذ بعين الاعتبار اهتمامات القارئ ومتطلبات الواقع ليتكامل الفني مع النفعي والدعائي، وتتم إقامة التوازن الطبيعي بين عملية الإنتاج والتلقي والتسويق التجاري. كاتب-أستاذ جامعي