حذر عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، أول أمس في ندوة صحفية، من العودة إلى سنوات التقويم الهيكلي ورسم صورة سوداء عن الاقتصاد الوطني، مطالبا الحكومة بضرورة الإصلاح الفوري لصندوق المقاصة وعدم الزيادة في الأجور. ولم يقف الجواهري عن هذا الحد، بل اعتبر أن وضعية البلاد صعبة جدا وتكتسي طابعا استثنائيا. هذا التشخيص الذي قدمه والي بنك المغرب للوضعية الاقتصادية في بلادنا مثير للقلق في ظرفية تتزامن مع أحوال مناخية صعبة تهدد بسنة فلاحية كارثية وأزمة اقتصادية عالمية مست شركاء المغرب الطبيعيين. ومؤكد أن هذه الوضعية التي تجتازها البلاد ستضاعف أعباء الحكومة الحالية وتحوِّل الوعود التي قدمتها في التصريح الحكومي للمواطنين إلى مجرد وعود غير قابلة للإنجاز، وهو ما يعني أيضا أن تلك الطموحات والآمال العريضة التي علقها المغاربة على هذه الحكومة ستتحطم على صخرة الواقع. مقارنة المرحلة التي يمر منها المغرب بمرحلة بداية الثمانينيات من القرن الماضي، من خلال الحديث عن التقويم الهيكلي الذي فرض على المغرب من طرف البنك الدولي بسبب الأزمة الاقتصادية آنذاك، هي مقارنة غير اعتباطية وتدق ناقوس الخطر بالنسبة إلى الحكومة الحالية التي أصبح مفروضا عليها أن تتسلح بالجرأة وتصارح المواطنين بالحقائق بدل الحديث عن وعود لا ترتكز على معطيات دقيقة، فقد أعلنت حكومة بنكيران في البداية عن نسبة نمو قد تصل إلى 5 في المائة قبل أن يخرج الجواهري ليعلن أن هذه النسبة قد تنزل إلى أقل من 3 في المائة. إذن، ما الذي بقي أمام حكومة الإسلاميين من خيارات؟ الذي بقي هو خيار الشفافية مع الرأي العام ومحاربة جميع مظاهر الفساد بكل شجاعة، باعتبارها واحدة من أكبر الطرق المؤدية إلى إيقاف النزيف الداخلي، وترشيد النفقات واستقطاب الاستثمارات الأجنبية، والتوفيق بين وعودها وبين الإمكانيات المتاحة حتى لا تكرر سياسة حكومة عباس الفاسي عندما حاولت شراء السلم الاجتماعي بالضغط على الخزينة من خلال رفع ميزانية صندوق المقاصة من 15 مليار درهم إلى 45 مليار درهم والزيادة في الأجور لضمان العودة من جديد إلى الحكومة.