أثار «انتحار» طفلة العرائش أو بالأحرى موؤودة العرائش، أمينة الفيلالي، التي تم إجبارها على «العيش» تحت سقف واحد مع مغتصبها باجتهاد قضائي مستمد من قوانين القرون الوسطى، ضجة داخل المغرب وخارجه، وتصدر الصفحات الأولى لأكبر الصحف العالمية. وقد كنا في يومية «المساء» أول من نشر هذا الخبر الذي اعتبرناه، منذ البداية، انتكاسة خطيرة في مجال حقوق النساء وكرامتهن، وتوصلنا عقب نشره بالعديد من الاتصالات من صحف ووسائل إعلام أجنبية أيقظ الخبر لديها نوعا من الفضول. وعندما تلقفت هذه المنابر الأجنبية الخبر وبدأت تعجنه بطريقتها، شرع المسؤولون عندنا في إبداء الاهتمام به. لا يهمنا هنا أن نشير إلى أن مسؤولينا يهتمون بما تنشره الصحافة الأجنبية ولا يهتمون بما نقوله نحن الصحافيين المغاربة، لكن الذي يهم اليوم هو أن حالة أمينة تعيدنا إلى عصور بالية ما زالت بعض ظواهرها المتخلفة حاضرة بيننا؛ فهذه الطفلة البريئة التي تعرضت للاغتصاب حصل لها ما كان يحصل في الجاهلية العربية للبنت «الموؤودة»التي تدفن حية في التراب للتخلص منها، وما زالت الطفلات القاصرات في بلادنا يعشن نفس الوضع، ويتم دفنهن معنويا كل يوم. هذا الحادث يدق ناقوس الخطر حول ظاهرة تزويج القاصرات، لكن الأهم من ذلك هو ظاهرة الاغتصاب بشكل عام. لا يمكن أن يكون أي مغربي ضد تزويج القاصرات إذا لم يكن ضد الاستغلال الجنسي لهن تحت أي مسمى من المسميات. والاجتهاد القضائي في المدونة الذي يفتح الباب أمام زواج القاصرات يجب أن يكون موضوع نقاش وطني حقيقي في أفق إلغائه، لأن فتح الباب أمام زواج المغتصِب بمغتصَبته هو نوع من التسامح المرفوض مع ظاهرة يرفضها المجتمع، ولا يمكن للقانون أن يسن شيئا ترفضه الأخلاق العامة ويرفضه الدين الإسلامي، فالمغتصِب مكانه السجن وليس بيت الزوجية.