خرج المرشح الجمهوري للرئاسة عضو مجلس النواب الأمريكي رون بول مرة أخرى عن طوره ليدافع عن الإيرانيين، فقد عارض بول، في مقابلة مع «سي.إن.إن» في الثالث من فبراير، قول إن محمود أحمدي نجاد دعا إلى «محو إسرائيل» في خطبته الشهيرة التي خطبها في 26 أكتوبر 2005. زعم بول أن ذلك اقتُبس اقتباسا غير صحيح من كلام أحمدي نجاد، وحاول أن يوضح الموقف الإيراني بزعمه أن نجاد قصد في الحقيقة «تبديل النظام الذي يتولى زمام السلطة في القدس». وتابع زاعما أن الرئيس الإيراني «لم يقل إنه يجب أن تُمحى إسرائيل عن وجه الأرض». وهو يرى أن زعم أن إيران تطمح إلى القضاء ماديا على إسرائيل مبالغ فيه. لماذا، إذن، يجب أن تهتم إسرائيل بما يقوله رون بول إذا كان لن يكون المرشح الجمهوري للرئاسة؟ إن بول يحظى بكشف تلفزيوني عظيم لنشر مواقفه. وهو يكرر بواسطة المنبر، الذي مُنح له، نظرياته التي تصل إلى ملايين المشاهدين الأمريكيين. إلى الآن كانت أفكاره المتعلقة بإيران تعتبر هاذية، لكن في الولاياتالمتحدة بعد الحرب في العراق التي شعر كثيرون فيها بأن واشنطن خدعتهم في مسألة وجود سلاح الإبادة الجماعية قد تزداد زخما. هذا إلى جانب أن بول حظي بدعم عدد من الأكاديميين ذوي الشأن، مثل البروفيسور خوان كول من جامعة ميشيغن الجليلة الذي زعم أن تعبير «المحو من الخريطة» لا يوجد البتة في اللغة الفارسية. والحقيقة أن الترجمة الأصلية لكلام أحمدي نجاد في 2005 أتمتها نازلي باتي التي كانت رئيسة مكتب طهران في صحيفة «نيويورك تايمز». وقد ترجمت النص إلى الإنجليزية العامية على حساب الترجمة الحرفية التي كان يفترض أن تكون: «يجب أن يُمحى نظام الاحتلال في القدس من أوراق الزمن». إن حملة رون بول الصليبية على الترجمة الدقيقة لكلام أحمدي نجاد تضيع الشيء الأساسي لأن القضاء على إسرائيل ليس موقف الرئيس الإيراني وحده؛ فقبل خطبته في 2005 بكثير قال الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي نفسه في 2001: «تقوم أسس النظام الإسلامي على مقاومة إسرائيل، وقضية إيران الأبدية هي إزالة إسرائيل من المنطقة». أجل، إن الدعوة إلى القضاء على إسرائيل تظهر في طول وعرض النخبة الحاكمة والعسكرية في إيران؛ ففي 22 شتنبر 2004، مثلا، عرض الجيش الإيراني صواريخ «شهاب 3» الجديدة. وفي جانب من الشاحنة التي حملت الصواريخ، عُلقت لافتة كتب عليها: «يجب أن تُمحى إسرائيل من الخريطة» بالفارسية والإنجليزية. وباختصار، يقرن الإيرانيون نواياهم بالقدرات على تنفيذها. في مسيرة السنة الماضية قصّر الإيرانيون الجملة المكتوبة وكتبوا في اللافتات: «ينبغي القضاء على إسرائيل». وأصبحت الرسالة الإيرانية أكثر إقناعا إذا أخذنا في الحسبان تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية في شهر نونبر الأخير الذي تحدث عن كون مهندسين إيرانيين يعملون على استبدال رؤوس ذرية بالمواد المتفجرة التقليدية في صواريخ شهاب 3. في 2008، كتب مايكل إكسوورثي، الذي ترأس قسم إيران في وزارة الخارجية البريطانية في أواخر التسعينيات، أن المعنى «واضح كثيرا» إذا أخذنا في الحسبان ما كُتب على الصواريخ الإيرانية.