عرضت القناة المغربية الأولى مساء يوم السبت الماضي فيلم «الموت للحكم» لمخرجه جون بيير موكي، والذي يشجع على ظاهرة الشغب من خلال وقائع قضية تشرعن إلى حد كبير العنف داخل الملاعب. ويروي الفيلم قصة مشجعي إحدى الفرق الفرنسية أصروا على مرافقة فريقهم في رحلة خارجية، كانت مناسبة لممارسة كل أشكال الشغب في الملعب وخارجه، بل إن المناصرين قاموا بإتلاف العديد من المرافق وهم في طريقهم نحو الملعب. وذاق حكم المباراة موريس برونو مرارة الحدث خاصة بعد أن اعتبره مناصرو الفريق الأصفر هدفا لغاراتهم، ووصل الأمر إلى حد تهديده في شقته والإجهاز على زوجته بعد اقتحام المسكن وتعطيل الحياة في العمارة التي يقطنها حكم الوسط الذي اتهم بالتحيز للفريق الأحمر بعد منحه ضربة جزاء كانت كافية لتحويل حياته إلى جحيم، بل إن مجرد طرده للاعبين واحد من كل فريق قد غير مجرى التشجيع وجعل المناصرين يطالبون برأس موريس، قبل أن تتدخل الشرطة في آخر لحظة بعد أن ارتفع عدد الضحايا وتم تبادل إطلاق العيارات النارية. وقدم مخرج الفيلم مشجعي الفريق الأصفر كمناصرين عاشقين للون فريقهم حاقدين على بقية الألوان في تطرف غريب، بل إن سيناريو فيلم «الموت للحكم» جعل كل المشاركين في الرحلة مشاغبين بالفطرة، بدءا من سائق الحافلة الذي تحول إلى ناقم على الجميع وكاد في أكثر من مناسبة أن يدهس مناصري الفريق الخصم وسيارة الحكم والشرطة وهو في حالة سكر طافح، ولم يسلم العنصر النسوي من عدوى التطرف وأباح لنفسه غارات على الخصوم. وعات أنصار الفريق الزائر فسادا في الملعب وحولوا مرافقه إلى خراب، كما نال أفراد الشرطة نصيبهم من العدوان الذي تجاوز كل الحدود، بل وامتد إلى مطاعم المدينة ومتاجرها. وتساءل العديد من المتتبعين عن السر وراء عرض هذا الفيلم، في ظرفية صعبة تنامى فيها الشغب، وتعقد العديد من الاجتماعات على أعلى المستويات الحكومية للتصدي للظاهرة، في الوقت الذي يصر الإعلام الرسمي على «التغريد خارج السرب» من خلال فيلم يشجع الناشئة على القيام بأفعال عدوانية باسم حب الفريق. وفي الوقت الذي تعرض فيه القناة الأولى فيلمها الداعي إلى شرعنة الشغب في الملاعب الرياضية، تواصل نوال المتوكل وزيرة الشباب والرياضة اجتماعاتها مع أعضاء اللجنة الوطنية لمكافحة الشغب، من أجل إصدار قانون جديد لمكافحة الظاهرة، وهي اللجنة التي يغيب عنها ممثل عن الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، بالرغم من أهمية الإعلام بمختلف مشاربه في التصدي للشغب. ومن المفارقات الغريبة في الفيلم، أن يحمل إشارة -12 أي أنه ممنوع على أقل من 12 سنة، وهي الفئة التي قررت اللجنة الوطنية منعها من ولوج ملاعب الكرة إلا بمرافقة ولي أمرها.