سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الرباح: نشر لائحة «الكريمات» يوافق ما جاء في الخطابات الملكية وزير النقل والتجهيز قال للمساء» إن الحصول على الرخص يجب أن يكون وفق مسطرة محددة وليس عبر التسلل في الظلام واستغلال القرابة الحزبية أو العائلية
لأول مرة، بعد تعيينه وتفجيره ملف «كريمات» النقل، يتحدث عزيز الرباح، وزير النقل والتجهيز، في حوار مطول، عن كواليس نشر لوائح المأذونيات. كما يكشف تفاصيل استعداد وزارته نشر لوائح المستفيدين من رخص استغلال المقالع، والاستعدادات الجارية على مستوى الحكومة لنشر أسماء المستفيدين من «كريمات» الصيد في أعالي البحار والفلاحة. في هذا الحوار، يرد الرباح أيضا على الانتقادات التي وجهت إليه بعد نشر وزارته لوائح «كريمات» النقل كما جاءت على لسان مستفيدين وبعض أعضاء الحكومة التي يوجد بها، ويتحدث عن طريقة اشتغاله مع الملك لتدبير ملفات مثار جدل، وفي مقدمتها ال«تي جي في». - أثار نشر وزارة النقل والتجهيز لائحة المستفيدين من مأذونيات النقل جدلا كبيرا. ما سبب نشر هذه اللائحة في هذا الوقت بالضبط؟ طبيعي أن يثير هذا الملف كل هذا النقاش والاهتمام والمتابعة من طرف الرأي العام لأن هذا كان أولا مطلب الشعب المغربي منذ زمن بكل فئاته، وخاصة الفاعلين الاقتصاديين والسياسيين وفعاليات المجتمع المدني وحتى المنتخبين. وإذا تذكرنا جيدا، فقد وردت أكثر من مرة في الخطابات الملكية إشارة إلى محاربة اقتصاد الريع والدخول إلى الحكامة الجيدة وإقرار دولة المؤسسات وحسن تدبير الشأن العام، ثم جاء الدستور الجديد، الذي أعطى توجها عاما بخضوع تدبير الشأن العام بالخصوص لمعايير الوضوح والشفافية والولوج إلى المعلومة وربط المسؤولية بالمحاسبة والتنافس الاقتصادي وتطبيق القانون.. وعندما نرجع كذلك إلى المحاور الخمسة للبرنامج الحكومي يتضح أن موضوع الحكامة ثابت في هذا البرنامج وفي معالجة اقتصاد الريع، وأيضا ثابت في علاقة الحكومة بكل الفرقاء، ومنهم الشركاء الاقتصاديون والاجتماعيون والمجتمع المدني. أعتقد أن المغاربة لم يتعودوا على أن يتعرفوا على مثل هذه اللوائح لأنها كانت مرتبطة بفترة معينة وبمنطق معين في تدبير الشأن العام وبمنطق معين في تدبير الاقتصاد الوطني وخيرات الوطن. لذلك من الطبيعي أن يكون هذا النقاش لأن الكثيرين كانوا يتساءلون إن كانت الحكومة فعلا ستتجرأ وتبادر إلى معالجة هذه الملفات أم أنها أيضا ستختبئ وراء الإكراهات أو ستنحني أمام الضغوطات وستخضع إلى توافقات داخل الأغلبية، ولكن أؤكد لكم أن الحكومة تشتغل وفق البرنامج الحكومي، وهناك انسجام في معالجة هذه الملفات وتطبيق القانون، سواء كان مع الذين يحتلون المؤسسات العمومية أو يخالفون القوانين الجاري بها العمل، أو تعلق الأمر بتدبير الشأن العام والاقتصاد الوطني. نحن نشتغل في هذا الإطار، وأي شيء تم تحضيره يجب أن يكون شفافا. علما أن هذا العمل كان قائما وتم استكماله في هذه المرحلة. وقد ارتأى رئيس الحكومة أن تخرج اللائحة إلى الرأي العام من خلال موقع الإنترنت الخاص بالوزارة. - اللائحة المنشورة تضمنت أسماء أشخاص أثرياء لا حاجة بهم إلى مأذونيات. هل ستقومون، في إطار الحكامة، التي تحدثتم عندها، والتي تتضمن ربط المسؤولية بالمحاسبة، بالتحقيق في كيفية توزيع هذه المأذونيات؟ السؤال فيه شقان: أولهما، هل سنكتفي فقط بنشر هذه اللوائح؟ والشق الثاني هو التحقيق في كيفية استفادة هؤلاء. نحن الآن أمام مرحلة جديدة. المهم أن نضع نظاما جديدا للرخص مكان النظام السابق. النظام كان يقضي بأن الطلب يأتي من مؤسسات متعددة ويمر عبر لجنة متعددة القطاعات الوزارية، وهذه اللجنة تصدر القرار، وينقسم الأمر إلى قسمين، هناك أولا استثمار في قطاع النقل، ثم هناك استجابة لحالة اجتماعية. هناك أشخاص يعيشون ظروفا معينة ويتقدمون بطلبات تمر عبر اللجنة المذكورة، ومنها الطلبات التي تتعلق بكل المؤسسات المعنية. لماذا استفاد هؤلاء؟ أنا لا أعرف. هل كان من المفترض أن يستفيدوا أم لا؟ هذه كلها أسئلة. المهم بالنسبة إلينا هو: ماذا سنفعل في المستقبل؟ التوجه الأولي يقضي بأنه لا بد أن نستحضر البعد الاقتصادي والاستثماري والبعد الاجتماعي في الأمر، فالذين يشتغلون في هذا الحقل حصلوا على هذه الرخص بمنطق استثماري اقتصادي. وبغض النظر عما إن كان للمستثمر ادخار كبير أو صغير، يبقى مستثمرا في مجال النقل، وبالتالي يجب أن نرى كيف نطور استثمارهم في إطار معايير جديدة مبنية على الوضوح وفي ظل التزامات واضحة من خلال دفتر تحملات نعده. الذين استفادوا من هذه الرخص بمنطق اجتماعي نظرا إلى حاجاتهم، إما بسبب خدمة قدموها للبلاد في مجال المقاومة أو الفن أو الرياضة أو مجالات أخرى... هؤلاء سنراعي ظروفهم ونتخذ القرارات المناسبة في هذا الأمر. وهناك عدة اجتهادات:إما أن يشكل المستفيدون تعاونيات أو تكون بينهم اتفاقية أو شراكة، أو الذي حصل على الرخصة هو الذي يستغلها، أو أي شكل آخر يضمن من خلال المستفيدين أن لا يتأثروا بالنظام الجديد الذي سنفعله. النبش عن حقيقة الذين استفادوا في نظري سيكون مضيعة للوقت، ولكن يجب التفكير، بالمقابل، في كيفية تحول هذا النظام إلى نظام يوفر عائدا اجتماعيا للذين يحتاجون إلى ذلك، ويوفر عائدا ماليا للذين يستثمرون. - ألم تتخوفوا، قبل نشر اللائحة، من أن يثير ذلك حزازات من جهات معينة، لأن الجميع كان يعرف طريقة توزيع هذه المأذونيات؟ أعتقد أن نشر هذه اللائحة ومعالجة هذا الملف بمنطق جديد والخروج من اقتصاد الريع إلى اقتصاد متنافس له بعد اجتماعي لا شك ستقبله الأغلبية وقد لا تقبله الأقلية. هذا منطقي، فأي تغيير لا يكون بالضرورة مقبولا مائة بالمائة. ونحن سنحاول ما أمكن أن نقنع الجميع بأن المنطق الجديد سيكون مفيدا للمغاربة وللاقتصاد الوطني وللتشغيل ولخزينة الدولة، وسيمكن من تحسين خدمة النقل. ونحن في إطار اتفاقية شراكة سيصبح قطاع الخدمات مفتوحا حتى أمام المستثمرين الأجانب، وهذا أمر مؤجل بالنظر إلى وجود مفاوضات. إذن يجب أن نعد أنفسنا من الآن لتأطير هذا القطاع حتى لا يضيع هؤلاء المستفيدون أو الذين سيستثمرون في المستقبل. أما كون الموضوع سيثير حزازات مع البعض فهذا طبيعي. نحن جئنا للإصلاح، وهذا يعني أن هناك مناطق تحتاج إلى إصلاح، وهذه المجالات لا شك أن فيها فاعلين, منهم من سيقبل الإصلاح ومنهم من سيرفضه، ولكن إرضاء الجميع مستحيل، ونحن سنرضي الشعب المغربي الذي ينتظر منا الكثير ونكون عند حسن ثقة جلالة الملك. - ولكنكم الآن مطالبون بإرضاء أعضاء في الحكومة التي تشتغلون فيها، فهناك تصريحات لنبيل بنعبد الله وزير الإسكان وعبد الواحد سهيل وزير التشغيل، وهما قياديان حزبيان مسؤولان، اعتبرت أن نشر اللائحة عمل متسرع وانفرادي وبدون معنى. على أي حال، أنا لا أريد الرد على أي تصريح لأنني إن ظللت أقوم بذلك لن أنتهي. يكفي أن أؤكد أن نشر اللائحة كان تحت إشراف رئيس الحكومة، والنشر هو ينسجم مع البرنامج الحكومي وقبله مع الدستور وقبل ذلك ينسجم مع التوجهات الملكية ويستجيب لتطلعات المجتمع المغربي. لا أعتقد أن الإخوان في حزب التقدم والاشتراكية يرفضون نشر اللوائح، ربما يرفضون الطريقة التي تمت بها عملية النشر، لأنه ربما لم يكن الوقت مناسبا لنشرها، ولكنهم متفقون مع التوجهات العامة والأولويات والمبادئ والمنطق الذي تشتغل به الحكومة. بالنسبة إلي، هذا النقاش صحي، وبالمناسبة فقد تلقيت مكالمات من أعلى مستوى إلى أدنى مستوى تشير إلى أن هناك شبه إجماع على ما قمنا به، ولكن إذا ثبت لغالبية المغاربة والعقلاء من الشعب المغربي أن ما نقوم به خطأ سنتراجع عنه وليس في ذلك عيب، ونحن نعد لوائح أخرى كما صرح بذلك رئيس الحكومة. هذه هي بداية الإصلاح، حيث يجب أن يعرف المغاربة ماذا يقع في بلادهم. يركب المواطن في حافلة ولا يعرف من يملكها.. يصيد الناس في البحر ولا أحد يعرف من يصيد.. وهناك من يقوم بأعمال فلاحة أو يجزئ أرضا للسكن ويبني مصنعا دون أن يعلم به أحد... لا بد للمغاربة أن يعرفوا واقعهم، وهذا هو الشأن العام، وإلا سنصبح مجرد مجتمع أشباح لا أحد يعرف المتدخلين في الصيد والفلاحة والنقل. أعتقد أن اليوم هو لحظة شفافية. لا يمكن لاقتصادنا أن يكون منافسا إلا بالعمل الذي نقوم به، وإلا سنكون مهددين بتداعيات الأزمة الدولية وبالمنافسين الاقتصاديين الكبار وبنوع من الجمود في المجال الاقتصادي والاجتماعي وبالتوترات، وأحسن جواب عن هذا كله هو أننا اخترنا كمغاربة بشكل عاقل وبدون ألم وبدون دماء أن ندخل إلى هذا الإصلاح بطريقة إدارية وتوافق جميع الفاعلين. وما دمنا لا نعلن أمورا للشعب المغربي، الذي لا يعرف من يقوم وبماذا يقوم في إطار الشأن العام يصبح كل إنسان متهما، فالبرلماني متهم، والجميع يتساءل إن كان حاصلا على «اكريمة»، وأي وزير أو سياسي أو فاعل اقتصادي متهم، وأي مسؤول في موقع القرار أصبح متهما. عندما يكون الوضوح يرتاح الجميع ويصبح هؤلاء، الذين كانوا متهمين نظرا لغياب المعلومة، يشتغلون بطريقة عادية في المجتمع، ويعلم المغاربة أن كل واحد ليس متهما. وحتى نشر لائحة «الكريمات» لا يعني أن كل من ورد اسمه فيها متهم، فالذي حصل عليها- بغض النظر عن الطريقة التي حاز بها الرخصة- واستثمرها ويؤدي حقوق الدولة ويوفر خدمة جيدة ومستعد ليطور هذه الخدمة كي تكون أكثر تنافسية مرحبا به، ومن حصل عليها لظروف اجتماعية سنواكبه لأنه في حاجة إلى ذلك، ومن حصل على عدة رخص، لكنه لا يستثمرها، ويضعها فقط في المزاد العلني... فهذا ليس هو المغرب الذي يريده المغاربة. - هذا الوضوح الذي ذكرت سيسبب حرجا لوزراء آخرين سيصبحون مطالبين بنشر باقي الرخص المتعلقة بالصيد في أعالي البحار والفلاحة والطاكسيات. كت هو ردك؟ لا أعتقد أن هناك حرجا لأنه لم يكن هناك في السابق دستور يسمح بذلك، واليوم سيتداول رئيس الحكومة هذه الملفات مع الوزراء. وبطبيعة الحال لكل ملف خصوصيته وظروفه وزمانه، وبالتالي هذه عملية متدرجة وسنصل إليها حتى يعلم جميع المغاربة ماذا يحصل في بلدهم. لحد الساعة لم أفهم كيف أن صاحب شركة يشتغل في الصيد، اشترى بواخر، ويصيد في أعالي البحار، ويؤدي للدولة ضرائب، ويدخل المنتوج الذي يحصل عليه إلى السوق الوطني أو يصدره إلى الخارج، ويتعامل مع شركاء دوليين، وربما يستثمر في قطاعات أخرى... كيف لا يريد هذا الشخص أن يكون معروفا عند المغاربة؟! قد نحتج على كيفية الحصول على الرخصة، ولكن أن يعرف المغاربة من يصطاد في بحرهم فهذا واجب، وهذا هو المنطق. أنا متفق على أنه كان هناك خلل في الحصول على الرخص، ولكن حينما قمنا بهذه الخطوة فلكي يعرف المغاربة ما وقع بالضبط، ولنريهم كيف سنتعامل مع ذلك بطريقة ذكية حتى يصبح التنافس بين المغاربة مفتوحا. إذ يمكن لأي مغربي أن يقوم بتقديم ملفه للحصول على أي رخصة في قطاع معين، حتى لا يكون هناك جو من «الطلاميس»،والظلام دون أن يعرف المغاربة في ظله كيفية الاستفادة. أكيد أن مجموعة من الرخص الممنوحة لفئات اجتماعية محتاجة ستبقى، لكنها ستخضع لمسطرة واضحة ومعروفة. طبيعي أن على الدولة أن تفكر في أبنائها، الذين يعيشون ظروفا حرجة، لكن يجب وضع مسطرة وفق معايير، وليس أن يتسلل البعض في الظلام مستغلا قرابة حزبية أوعائلية ويحصل على الرخص دون أن يعرف أحد كيف وقع ذلك، فعندما تضع المعايير يطمئن الجميع. الأمر أشبه بمسألة التوظيفات حين نكتشف أن أشخاصا أصبحوا موظفين دون أن يعلم أحد كيف ومتى تم ذلك ومن الذي اختارهم...، لكن عندما يكون الوضوح يطمئن المغاربة، وبعد ذلك لن يحتجوا على دولتهم. - ما هي لوائح الرخص الأخرى التي ستكشفون عنها؟ ومتى ستقومون بذلك؟ لكل قطاع وقته، ولن يتم الاكتفاء فقط بنشر اللوائح، رغم أن الناس للأسف الشديد ركزوا على نشر اللوائح، إذ هناك الآن إعداد لمنظومة إصلاح هذه القطاعات، ففي قطاع النقل نشتغل الآن في إطار لجان على إعداد قانون النقل ودفتر تحملات وشروط الاستثمار وخريطة الخطوط، بالإضافة إلى البنيات الضرورية مثل المحطات الطرقية والتكوين في مجال النقل... هذه المنظومة ستكون جاهزة بتفاصيلها قبل نهاية شهر يونيو، وسنعرضها لنقاش عمومي ومؤسساتي بعد الاستشارة مع رئيس الحكومة، كي نبدأ عملية الإصلاح حتى نصل إلى قطاع نقل منافس، يوفر شغلا ويساهم في معالجة الحالات الاجتماعية. الأمر نفسه ينطبق على تدبير مقالع الرمال. هذه ثروة كبيرة جدا، ولهذا المجال دور اقتصادي لأنه يزود قطاع البناء والأشغال العمومية، كما له دور اجتماعي من خلال تشجيع التشغيل، ودور مالي لأنه مجال يوفر أموالا كبيرة لخزينة الدولة والمجالس الجهوية والجماعات المحلية. ولذلك أعتقد أنه يجب إعداد منظومة متكاملة لإصلاح القطاع من خلال إعداد خريطة للمقالع وتحديد شروط الاستثمار فيها والشروط البيئية التي يجب احترامها، وأيضا ضبط المداخيل التي يدرها على خزينة الدولة. - هل وضع مأذونيات مقالع الرمال مشابه لمجال النقل؟ وهل هناك أيضا أسماء بارزة مسيطرة على «كريمات» المقالع? فهذا الملف كما يروج أضخم من ملف رخص النقل؟ لا، لا، أنا لا أقوم بعملية تصنيف بهذا الخصوص. فأنا، بصفتي وزيرا، مشرف على القطاع، ويجب أن أعرف من يشتغل في هذا القطاع، سواء كان في المقالع أو النقل أو الشركات التي تحصل على الصفقات أو مراكز الفحص التقني. فكيف لهذه اللوائح أن يعرفها مدير أو موظف بسيط في الوزارة ولا يعرفها الذين يتخذون القرار مثل البرلمانيين والفاعلين في المجتمع المدني. التقييم في اعتقادي يكون فيما بعد، المهم هو الوضوح والشفافية وتحديد المقالع ومعرفة كم يدر كل مقلع على خزينة الدولة، لاسيما أن الدراسة توضح أن 55 في المائة من الرمال المستعملة في البناء والأشغال كلها رمال لا يؤدى عنها، بمعنى أنها مسروقة بطريقة ما، وإن لم تكن مسروقة فإن أصحابها لا يؤدون واجب الدولة بأي طريقة ما، وهذا غير منطقي. فهذه المليارات تضيع على خزينة الدولة، إضافة إلى مئات مناصب الشغل.إذن الهدف من كشف الأمور هو الوضوح، فلا يمكن للذين يعملون بشكل طبيعي أن يتهموا وتتم مقارنتهم بالذين لا يعملون بشكل طبيعي. يجب أن يكون هناك وضوح كي يتنافس الكل و«اللي سيدي ومولاي» يتوكل على الله وينهض لخدمة البلاد والعباد. - من خلال اشتغالك بوزارة النقل والتجهيز، هل سجلت وقوع اختلالات خلال ولايتة الوزير الاستقلالي السابق كريم غلاب للقطاع؟ بطبيعتي كشخص لا أريد أن أحكم على الآخرين. عندي منطق أن أفعال الناس تحكم عليهم، ولذلك أحترس في الحكم على الآخرين، وكل الحكومات أدت ما عليها وقد تخطئ ونحن أيضا أدينا ما علينا وقد نخطئ، وبالتالي أنا منشغل بالمستقبل وليس بالماضي. - وماذا عن المشاكل والانتقادات الموجهة إلى مؤسسات عمومية تشرف عليها وزارة النقل والتجهيز، مثل الشركة الوطنية للطرق السيارة التي ينتقد البعض سيطرة عائلة معروفة هي عائلة الفاسي الفهري عليها أو اللجنة الوطنية للوقاية من حوادث السير أو «لارام»؟ هناك العديد من الأمور تكتب، وإذا كان هناك ملف فيه دليل فأنا مستعد أن أبحث فيه، لكن من خلالكم أطلب من الإخوان أن يحتاطوا في الحكم على الأشخاص. شرطة الطرق السيارة وجدتها تشتغل، والمؤسسات العمومية التي تعمل في القطاع، بصفة عامة، يحكمها ما يحكم الوزارات، أي منطق الدستور والسياق السياسي للمغرب الجديد من خلال الدخول للشفافية والجودة، والآن هناك انسجام بين الوزراء والمؤسسات العمومية التابعة لهم، ولاحظتم آخر تصريح لإدريس بنهيمة عندما قال إن «لارام» كانت معزولة، والآن جاء إلى البرلمان وتفاعل مع المستشارين، وقريبا ستمر مؤسسات أخرى إلى البرلمان وستعرض برامجها وستتناقش مع منتخبي الأمة وللمجتمع الحق في مناقشتها لأنها ملك الشعب وليست ملك أشخاص أو حتى ملك الوزير. - وما تقييمكم للاختلالات على مستوى المكتب الوطني للمطارات ومؤسسات أخرى تابعة لكم أوردت تقارير مجلس الحسابات أن بها مشاكل؟ المغرب الحمد لله ليس عقيما، وقد فوجئت بوجود طاقات كفأة ونزيهة كثيرة في القطاع وفي المؤسسات والشركات العمومية التابعة له، فلا خوف على هذه المؤسسات. بطبيعة الحال، كل شخص تقدم لكي يكون وزيرا أو مديرا أو رئيس مصلحة يجب أن يعلم أنه بالقدر الذي أعطيت له مسؤولية ما، رغم ما فيها من إمكانيات وتحفيزات، بقدر ما هو محاسب، ولذلك يجب على الجميع أن يكون مستعدا، ولدينا مؤسسات للمراقبة المالية والقضاء. وجدنا استعدادا كبيرا لمسؤولي هذه المؤسسات للانخراط في الإصلاح لأن هؤلاء ليسوا أشخاصا لا يرون ولا يسمعون، بل يرون أن المغرب يتغير، ويسمعون مطالب الشعب المغربي لأنهم جزء منه، ويرون كيف تجاوب وأطّر جلالة الملك هذه المطالب، فهم لا يمكن ألا ينخرطوا. ربما سيكون قليل منهم خارج السياق. - يقود حزب العدالة والتنمية الآن تجربة حكومية يرى المتتبعون أنها قد تضعف الحزب، على غرار ما حدث للاتحاد الاشتراكي في تجربة حكومة التناوب. هل تتخوفون من وقوع انكسار للحزب بسبب دخوله الحكومة؟ أولا، حزب الاتحاد الاشتراكي لا زال موجودا. يمكن أن يكون قد تراجع، وهذا طبيعي، فمن يكون في التدبير لا بد أن يفقد جزءا من شعبيته، ليخرج إلى المعارضة ويستأنف من جديد ثم يعود للتدبير... هذه هي الحياة السياسية. نريد أن نصل إلى حياة سياسية طبيعية كما يقع في الدول الديمقراطية. ثانيا، الأحزاب السياسية التي ليس لها امتداد شعبي ومؤسسات وهيئات للتأطير هي التي تتضرر، والحمد لله لدى حزب العدالة والتنمية شبيبة وأطر وبرلمانيون وجمعيات مدنية متعاطفة معه وشركاء يشتغلون، وحكومة تتواصل مع المجتمع وتؤطره، وبعد ذلك ليس مهما أن نكون نحن الأوائل أو في المركز الثاني. - معلوم أن العدالة والتنمية يؤسس برنامجه الانتخابي على المرجعية الإسلامية. الآن، وأنتم تقودون الحكومة، هناك من يرى بأن هذه المرجعية الإسلامية كانت حاضرة فقط على مستوى الخطاب. ما ردكم؟ ما معنى المرجعية الإسلامية؟ المرجعية الإسلامية هي أن ندبر شؤون بلادنا بما يرضي الله وينفع الشعب. هذا ما كنا نقوله ونحن في المعارضة، وهذا ما نقوم به من خلال إصلاح الاختلالات الاجتماعية وإصلاح اقتصاد الريع وتقوية المؤسسات ومن أجل إشعاع المغرب في الخارج... - لكن يمكن أحيانا التراجع عن قناعات معينة بسبب منطق الانتقال من المعارضة إلى الحكم. مثلا موقف الحزب من المهرجانات التي كان يناهضها. لا، هذا غير صحيح. لم يكن الحزب يناهض المهرجانات. الحزب كان يناهض سلوكيات مرتبطة بالمهرجانات. إما سلوكيات مخالفة للذوق العام أو تبذير المال العام أو التكثير من المهرجانات، التي لا تراعي الوضعية السياسية والاجتماعية والاقتصادية للبلاد. وارجعوا إلى تصريحاتنا وبرنامجنا الحكومي. أكثر من ذلك فقد نظم الحزب من خلال مؤسساته الموازية والجماعات التي يسيرها الكثير من المهرجانات الفنية والثقافية. لكن أيضا هناك أولويات اليوم، ولا يمكن أن تعالج خلال خمس سنوات جميع الاختلالات. نحن نقول إن الأولوية الآن سياسية واقتصادية واجتماعية، إضافة إلى الحكامة الجيدة.
الرباح: أتواصل مع الملك ومستشاريه بشكل مستمر - ترتبط الوزارة ببعض المشاريع التي يشرف عليها الملك شخصيا مثل القطار السريع الذي أثار عدة انتقادات. كيف تتعاملون مع مثل هذه المشاريع؟ نحن ملتزمون بالأوراش الكبرى، إلا إذا اتضح أن هناك مشروعا غير منطقي، ونحن مع أن يرعى الملك، باعتباره رئيس الدولة، هذه المشاريع.. فهذا شرف لنا. أعتقد أنه بدءا من جلالة الملك ومرورا برئيس الحكومة والوزراء وصولا إلى الفاعلين الكبار...الكل متفائل، ولا يمكن أن نغير وجهتنا لأن البعض يريد ذلك. المهم هو حسن أدائنا في هذه المشاريع وجودتها وسرعة وطريقة إنجازها وأثرها الاقتصادي والاجتماعي على الشعب المغربي - عمليا، كيف يتم التنسيق بينك وبين الملك بشأن هذه المشاريع؟ التواصل مستمر ومفتوح وليس هناك حرج. التواصل مباشر مع جلالة الملك ومع مستشاري جلالة الملك، ونحن نشتغل بتعاون ووضوح تام، والهدف أن ننجح جميعا في هذه المهمة الكبرى التي اسمها المغرب.