في إسرائيل لم يعودوا يسألون هل سيُنقل من سوريا إلى لبنان سلاح غير تقليدي، كالسلاح الكيماوي أو أي سلاح استراتيجي آخر، كالصواريخ المضادة للطائرات المتطورة أو صواريخ سكاد من الطرازات الأخيرة. يسألون متى سيحصل هذا. حسب التقديرات في إسرائيل، فإنها مسألة وقت فقط وفرصة إلى أن تسقط هذه الوسائل القتالية في يد حزب الله. ولكن في حزب الله أيضا قلقون. في المنظمة يخشون من أن يؤدي تفكك الجيش السوري في نهاية المطاف إلى الفوضى في مجال السلاح الاستراتيجي، بحيث إن هذا السلاح، بما فيه تلك المنظومات المخصصة لحزب الله، ستسقط في أيدي الثوار في سوريا. تقديرات حزب الله تستند إلى أن قسما من المعارك بين الثوار والوحدات النظامية للجيش السوري دار حول معسكرات توجد فيها صواريخ بالستية وصواريخ ثقيلة. ليس معروفا إذا كان الثوار نجحوا أثناء هذه المعارك في السيطرة على منشأة استراتيجية ما. ولكن، واضح منذ الآن أن قسما لا بأس به من الأراضي السورية لم يعد يسيطر عليها الجيش. ومن غير المستبعد أن يحاول حزب الله أن يستخلص من هذه الفوضى الوسائل القتالية التي من شأنها أن تؤثر على ميزان القوى في لبنان. من ناحية إسرائيل، فإن انتقال منظومات سلاح مثل الصواريخ المضادة للطائرات «إس.إي 8» من سوريا إلى لبنان يشكل تهديدا على حرية عمل سلاح الجو في الساحة الشمالية. والأمر سيلزم إسرائيل باتخاذ القرارات لتعطيل هذا التهديد. الصحافة العربية المؤيدة لسوريا تميل إلى اتهام إسرائيل بالمشاركة في أعمال الثوار في سوريا، سواء من خلال العملاء والقناصة الذين يطلقون النار على السكان لخلق استفزازات وإثارة الثوار ضد السلطات أو من خلال إرساليات السلاح والذخيرة للثوار. ليس معقدا عرض صور سلاح إسرائيلي في سوريا، فجنوب لبنان كان مزروعا بالوسائل القتالية الإسرائيلية التي تبقت بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي وسقطت في أيدي حزب الله. ولكن السياسة الإسرائيلية بتنسيق مع الإدارة الأمريكية قررت مبدأ واضحا من عدم التدخل التام في ما يجري في سوريا. عدم التدخل هذا يتضمن أيضا السكوت والامتناع عن خطوات دبلوماسية في ضوء المذبحة التي يرتكبها الأسد في حق الثوار. وتتخذ إسرائيل جانب الحذر في ألا تترك حتى ولا ظل بصمات في ما يجري في سوريا، وذلك لأن للنظام ومؤيديه مصلحة في إزاحة الانتباه عما يجري في سوريا نحو الدور الإسرائيلي، وذلك لإحراج الجامعة العربية التي تطالب برحيل الأسد. ومع ذلك، فإن السياسة الإسرائيلية تؤيد بشكل سلبي كل خطوة تؤدي إلى تنحية الرئيس الأسد عن الحكم. ونشأ هنا ائتلاف مشوق من المصالح: إسرائيل، تركيا، دول الخليج والسعودية توجد فجأة في ذات الطرف من المتراس. ولائتلاف المصالح هذا توجد قدرة كامنة للتوسع وصولا إلى التعاون حيال عدو مشترك واحد: إيران. تقويم الوضع في إسرائيل يعتقد بأن الاحتمال في أن يستخدم الأسد سلاحا استراتيجيا ضد إسرائيل في حالة حشره وظهره إلى الحائط هو احتمال طفيف، فإطلاق الصواريخ والقذائف الصاروخية الثقيلة ضد إسرائيل يستدعي سلسلة أعمال سيجد النظام السوري الذي يوجد على شفا التفكك صعوبة في تنفيذها. وهكذا فإن سوريا كدولة لا تشكل في المرحلة الحالية تهديدا لإسرائيل. ومع ذلك، يستعد جهاز الأمن لاحتمال أن تلحق الحرب الأهلية في سوريا والفوضى المتصاعدة في الدولة «ضررا محيطيا» على طول الحدود. مثلا، استئناف الأعمال العدائية ضد إسرائيل من جانب محافل في السكان السوريين الذين يسكنون في هضبة الجولان. فقدان لجام الحكم في سوريا من شأنه أن يخلق على طول الحدود مع إسرائيل وفي عمق هضبة الجولان ذات الظواهر المعروفة في سيناء، منذ فقد الحكم المصري سيطرته في أوساط العشائر البدوية.