سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
عسكريون ومسؤولون كبار وسياسيون ضمن لائحة المستفيدين من «الكريمات» لائحة المأذونيات تكشف طريقة توزيع إكراميات اقتصاد الريع وعائلات كبرى من أبرز المستفيدين
على طول 399 صفحة تتمدد إحدى خرائط اقتصاد الريع في المغرب: «كريمات» النقل. على مدى عقود ظلت قائمة المستفيدين من مأذونيات النقل سرا من أسرار الدولة. الآن بإمكان المغاربة الاطلاع على أسماء كل المستفيدين من هذه «الكريمات» بعدما كان الحديث عنهم تتجاذبه الإشاعة والغموض. بين القائمة التي تضم 4118 مأذونية نقل تسرق أسماء بعينها الأنظار. ألقاب عائلات معروفة لا تخطئها العين عند النظرة الأولى. صفات عسكريين وأركان جيش تتسلل بين خانات هذه الوثيقة الفاضحة. أسماء مشاهير من عوالم السياسة والرياضة والفن والمال والأعمال تبرز بشكل أجلى، تطل من خانات صغيرة مزيحة النقاب عن تفاصيل أزيد من أربعة عقود بني خلالها جبل اقتصاد الريع بالمغرب. «المساء» تعيد كشف أبرز الأسماء المستفيدة من «كريمات» النقل، وتبين، بالتفصيل، عدد المأذونيات التي استفادوا منها. تكشف وثيقة «كريمات» النقل استفادة وجوه معروفة وشخصيات نافذة من «كريمات» النقل. من خلال تصفح الوثيقة، التي نشرتها وزارة النقل والتجهيز، تظهر عدة حقائق تفسر طبيعة تحرك أذرع أخطبوط اقتصاد الريع. الملاحظة الأولى تتجلى في أن هناك شخصيات نافذة ومعروفة، من عوالم السلطة ودوائر النفوذ والسياسة والفن والرياضة، استفادوا من «كريمات»، حتى إن بعضهم حصل على أزيد من «كريمة» نقل واحدة. دائرة الاستفادة شملت أمراء وأميرات ومقربين من القصر ومستشارين ملكيين ومسؤولين في الجيش ووزراء سابقين, وحتى سياسيين وبرلمانيين. القائمة أيضا شملت ورثة شخصيات نافذة. الملاحظة الثانية تكمن في أن الوثيقة تضم أسماء غير معروفة استفاد بعضها من عدد كبير من «الكريمات»، حتى إن بعض هذه الأسماء، وأحيانا شركات بعينها، تكرر اسمها على طول ثلاث صفحات ضمن هذه الوثيقة. الملاحظة الثالثة تتعلق بالتواريخ التي منحت خلالها هذه «الكريمات». إذ لم تخل سنة من سنوات المغرب الستين الأخيرة من تسجيل منح «كريمات» لمستفيدين. أقدم تاريخ استفادة من «كريمة»، كما تُظهر الوثيقة، يعود إلى بدايات سنة 1957، وهو ما يعني أن المغرب انخرط في سياسة منح مأذونيات النقل منذ اللحظات الأولى بعد استقلال المغرب وأثناء تأسيس الدولة الحديثة. أما آخر تاريخ لمنح هذه «الكريمات» فكان أواخر السنة الماضية، تزامنا مع الانتخابات الماضية، قبل أن يتوقف منحها خلال الانتخابات وأشواط تأسيس الحكومة الجديدة. الملاحظة الرابعة تميط اللثام عن التوزيع الجغرافي و«الإثني» لهذه «الكريمات»، فحسب الأسماء المستفيدة من هذه المأذونيات يظهر أن قاعدة الاستفادة توزعت على أشخاص يتحدرون من مختلف مناطق المغرب، مع تقدم ملحوظ للأسماء التي تشي بأنها من أصول فاسية. الملاحظة الخامسة تكمن في أن عائلات بعينها تسيطر على عدد كبير من «كريمات» النقل هاته. هذه العائلات تعد من الأسر العريقة في المغرب، سواء بحكم تاريخها أو نسبها. إذ تشير الوثيقة إلى عدد كبير من الأسماء التي تبتدئ بلقب «مولاي» أو «لالة» وتنتهي بالعلوي أو الفاسي الفهري أو البلغيتي أو بناني أو التازي أو الوالي العلمي أو العلوي الحافظي أو العلوي الإدريسي أو مزيان بلفقيه. كما تظهر أسماء عائلات صحراوية معروفة في قائمة المستفيدين مثل الجماني وماء العينين والخطري والركيبي. كما توجد أيضا أسماء عائلات يهودية شهيرة مثل دحان وجودا، إلى جانب أسماء عائلات من أصول أجنبية وموريسكية مثل طوريس. غير أن الملاحظة الأجلى، التي تفسر سبب امتعاض مواطنين بعداطلاعهم على أسماء المستفيدين من هذه «الكريمات»، هي أن هناك شخصيات ثرية مستفيدة منها. إذ أن عددا كبيرا من المستفيدين يتحدرون من أسر ثرية وذات جاه ومال ونفوذ. كما أن من بين المستفيدين شخصيات انتقلت إلى عالم التسيير المقاولاتي وتدبير مشاريع تدر الأموال، كما هو حال رياضيين يملكون الآن مشاريع كبرى، مثل نور الدين النيبت ويوسف شيبو، والذين أثارت استفادتهم من مداخيل «الكريمات» حفيظة لاعبين قدامى انزووا إلى ظل الفقر بعد قضائهم فترات ذهبية مع المنتخب أو أندية مغربية. غالبية هؤلاء المستفيدين حصلوا على «كريماتهم» عن طرق الإراثة أو المنح. وجل الأسماء المعروفة المستفيدة لا علاقة لها بمجال النقل، إذ تعمد فقط إلى كراء مأذونياتها لمهنيين مقابل سومات تقدر بملايين السنتيمات شهريا. هذا ما تشهد عليه أرقام قادمة من وزارة النقل والتجهيز، جاءت على مدراء مركزيين بها. وتشير هذه الأرقام إلى أن 70 في المائة من المأذونيات الواردة في الوثيقة تستغل بطريقة غير مباشرة، أي أن أصحابها يكترونها لمهنيي نقل مقابل سومات شهرية كبيرة. بينما تقدر نسبة «الكريمات» غير المستغلة أصلا 24 في المائة. والسبب هو أنها في ملكية أشخاص ليسوا في حاجة إلى ما تدره من أموال لأن لديهم موارد دخل أخرى ومعاشات سمينة. وهؤلاء نكشف عنهم فيما يلي:
فنانون «يتألقون» فوق خشبة “الكريمات” الفنانون دوما لامعون كعادتهم، لكن بعضهم تألق هذه المرة على خشبة المستفيدين من مأذونيات النقل، والبداية مع نجمة الشاشة المغربية، منى فتو، التي استفادت من رخصتي نقل حصلت عليهما في 20 دجنبر 2006، وهما رخصتان للنقل عبر الحافلات من الصنف الأول، وتربطان على التوالي بين محور مراكش وطنجة، وطنجة مراكش. نعيمة المشرقي، بطلة فيلم «البحث عن زوج امرأتي»، و«الحكيمة» السابقة بالمجلس الأعلى للسمعي البصري، كانت ضمن المستفيدين من «كريمة» حصلت عليها سنة 1999 للربط بين الدارالبيضاءوبني ملال. مغنون من الزمن الماضي نالوا بدورهم نصيبا كبيرا من كعكة «الكريمات». إذ حصلت بهيجة إدريس، صاحبة أغنية «الما يجري قدامي» الشهيرة، على رخصة للنقل من الصنف الأول تسلمتها سنة 1993، وتربط بين محور مكناس- الرباط – الدارالبيضاءومراكش. كما حصل محمد المزكلدي على رخصة للنقل من الصنف الأول تربط بين محور فاس- بني ملال – مراكش وأكادير، بينما حازت نعيمة سميح على ثلاث رخص من الصنفين الأول والثاني، تسلمت الأولى في 29 شتنبر 1994، وتربط بين الدارالبيضاء واليوسفية عبر بنجرير. أما الرخصتان الأخريان فتسلمتهما بتاريخ 7 أكتوبر 2005، حيث تربط الأولى بين الحسيمةومراكش عبر تازةوفاسوالدارالبيضاء، والثانية بين مراكشوالحسيمة عبر الدارالبيضاءوفاسوتازة. لطيفة رأفت حصلت بدورها على رخصة في اليوم نفسه الذي حصلت فيه سميح على «كريمة»، وهي من الصنف الأول، ومخصصة للنقل بين مدينتي الدارالبيضاء والصويرة. اللائحة تتضمن أيضا قائد مجموعة «أحيدوس»، موحا والحسين أشيبان، الملقب بالمايسترو، الذي خصصت له رخصة من الصنف الثاني بتاريخ 19 أكتوبر 1995 للربط بين القباب ومكناس. أبناء الفنانين استفادوا بدورهم من رخص للنقل، بينهم أبناء الموسيقار عبد القادر الراشدي، الذي كان مقربا من الملك الراحل الحسن الثاني، والذي حصلت ابنتاه خولة وحسناء على رخصتين لكل واحدة منهما، تسلمتاها في 18 يوليوز 1996، حيث حصلت خولة على رخصة تؤمن الربط بين فاس عبر عبر الرشيدية، والثانية تربط بين تنغير وفاسوالرشيدية. أما حسناء، فحازت رخصتين من الصنف الثاني تؤمنان الربط بين فاس وبركان.
مدراء و«شهداء» وزعماء بوليساريو وأجانب ضمن المستفيدين تشير اللائحة إلى أن بين المستفيدين أسر شخصيات من عالم المال والأعمال، تتوفر على «كريمات»، من بينها والدة مدير المكتب الشريف للفوسفاط، المصطفى التراب، عائشة بلعربي العلوي، التي استفادت من رخصتين للنقل بين الدارالبيضاءوالرباط ذهابا وإيابا. زعماء سابقون في البوليساريو كانوا أيضا ضمن المستفيدين، بينهم عائدون من تندوف تحت شعار «الوطن غفور رحيم». وأبرز هؤلاء المستفيدين إبراهيم حكيم، القيادي السابق في البوليساريو. ضمن لائحة المستفيدين وردت أسماء شخصيات غير مغربية، بينهم أبناء الرئيس الموريتاني السابق حميد ولد مكناس، الذي حصل أبناؤه على رخصتي نقل للربط بين الدارالبيضاء وتاليوين. «الشهداء» وأبناؤهم، ورجال المقاومة أيام الاستعمار، وحتى بعده، كانوا ضمن المستفيدين، بينهم ورثة محمد الزرقطوني، اللذين حصلوا على رخصتي نقل سنتي 1976 و1996، فضلا عن عبد الله الوكوتي، رفيق عبد الكريم الخطيب أيام المقاومة، والقيادي السابق في العدالة والتنمية، الذي حصل على رخصة نقل بين الدارالبيضاءوالرباط سنة 1977.
رجال من البلاط وحلبة السياسة وقبة البرلمان وجبة الدين لائحة المستفيدين شملت كذلك شخصيات نافذة، أبرزها لها علاقة بالقصر الملكي، مثل الأميرة لالة جمالة العلوي، ابنة عمة الملك وسفيرة المغرب في العاصمة البريطانية لندن، التي استفادت من «كريمتين» للنقل، ذهابا وإيابا، من الناظور إلى الفنيدق. «كريمة» الذهاب حصلت عليه الأميرة سنة 1988، بينما حصلت على مأذونية الإياب في سنة 2006. عشرات المستفيدين يحملون لقب «لالة... العلوي» و«مولاي... العلوي»، ولا يمكن الجزم في علاقتهم بالقصر من عدمها، علما أن بينهم «شرفاء علويين» يقيمون بمدن عدة. من المستفيدين أيضا رجال بلاط، بينهم المستشار الملكي السابق، عبد العزيز مزيان بلفقيه، ووالده محمد وشقيقه عبد الكريم، وأقارب آخرون له، استفادوا من مأذونيات نقل، عن طريق الهبة، في سنة 2005. كما شملت لائحة المستفيدين عائلة عالي الهمة. إذ حصل ورثة أحمد عالي الهمة على مأذونية نقل في 24 مارس 2011 تربط بين مراكش وقصر الكبير. قائمة الشخصيات النافذة تشمل أيضا رجال سياسة، يتقدمهم مؤسس حزب الاتحاد الدستوري المعطي بوعبيد، والوزير الأول الأسبق، الذي منحت لعائلته مأذونية نقل في سنتي 1973 و1983، للربط بين الدارالبيضاءوبني ملال. كما حصل حميد العكرود، القيادي في التجمع الوطني للأحرار، على رخصتي نقل سنة 1997 للنقل، ذهابا وإيابا، من مراكش إلى الفنيدق. بينما حصلت كجمولة بنت أبي، القيادية في حزب التقدم والاشتراكية، على «كريمة» بتاريخ 12 يوليوز 2011، للنقل بين الدارالبيضاء وآيت عتاب. غير أن السياسي الذي أثار جدلا واسعا بحصوله على مأذونية نقل هو عبد الباري الزمزمي، القيادي في حزب النهضة والفضيلة، والخطيب ورئيس جمعية فقه النوازل، الذي حصل على «كريمة» أياما قليلة قبل الانتخابات التشريعية الماضية، وبالضبط في الثالث من نونبر 2011 الماضي، وتتيح له هذه «الكريمة» امتياز النقل ذهابا وإيابا بين طنجة، مسقط رأسه، وخنيفرة.
مكرمو الجيش وأركان الحرب والأمن وال«كاب 1» تشير اللائحة إلى استفادة جنرالات وكولونيلات ومسؤولين بالقوات الملكية المسلحة من مأذونيات نقل، بينما استفاد ورثة رجال جيش آخرين من هذه «الكريمات». من بين العسكر المستفيدين من «الكريمات» الكولونيل التهامي الغول، الذي حصل على مأذونية بتاريخ 16 أبريل 1987 تخول له الاستفادة من حصة في أرباح جميع حافلات النقل الرابطة بين مكناسوالدارالبيضاء. من بين مستفيدي الجيش كذلك الكولونيل علي ناجي، الذي استفاد من «كريمة» في 19 أكتوبر 1995 للنقل من قلعة السراغنة إلى بني ملال. كما حصل اليوطنو كولونيل محمد الكوش على «كريمة» أخرى بتاريخ 5 يونيو 1997 للنقل على الخط الرابط بين الرباطوالناظور، و«كريمة» أخرى للنقل إيابا من الناظور إلى الرباط. ومن بين المستفيدين أيضا ورثة رجال الجيش وأبناؤهم، ومن بينهم أبناء اليوطنو كولونيل ملياني، الذين منحت لهم رخصة نقل في سنة 1981 للنقل من القنيطرة إلى سوق الأربعاء، بعد وفاة والدهم، فضلا عن أرملة الكولونيل بوعمامة وأبنائه، الذين منحت لهم مأذونية نقل سنة 1987 للنقل من مراكش إلى الدارالبيضاء. عسكري آخر برتبة قبطان يدعى الغول حصلت زوجته وأبناؤه على مأذونية نقل في سنة 1968 للنقل من الرماني إلى الخميسات. زوجة الجنرال الصفريوي، واسمها هدى، استفادت هي الأخرى من مأذونية نقل ذهابا وإيابا بين مراكشوفاس، دون أن يتم تحديد سنة تفويت «الكريمة» لها. كما استفاد ورثة الجنرال الشهير إدريس بن عمر العلمي، الذي شارك في حرب الرمال سنة 1963، من «كريمة» في سنة 2004، تخول لهم الاستفادة من أرباح النقل، ذهابا وإيابا، بين الدارالبيضاء وإنزكان. بين المستفيدين أيضا أمنيون ورجال مخابرات سابقون، بينهم عائلة محمد الغزواني، المدير العام للأمن في عهد حكومة عبد الله إبراهيم، أواخر خمسينيات القرن الماضي. كما يوجد بينهم رجال أمن ومخابرات وردت أسماؤهم في ملفات كبرى، أبرزها ملف اختفاء المهدي بنبركة، وفي مقدمتهم ميلود التونزي، الذي استفاد من «كريمة» سنة 1984، تخول له حق الاستفادة من رخصة نقل بين طنجة والدارالبيضاء. «جنود» تنظيم «كاب 1»، الفرقة التي كانت مكلفة بتنفيذ المخططات الاستخباراتية، حاضرون أيضا ضمن لائحة المستفيدين، يتقدمهم محمد العشعاشي، الضابط البارز في «الكاب 1»، الذي استفادت عائلته من مأذونية نقل بين دمنات والرباط، فضلا عن عبد القادر صاكا، عضو «الكاب 1»، الذي استفاد من «كريمة» سنة 1992 للنقل بين الدارالبيضاءوالرشيدية.