لم تنفع الاحتجاجات التي خاضها نقابيون في الكونفدرالية الديمقراطية للشغل في مكناس أمام الدرك والمحكمة، في بداية فبراير الجاري، في منع صدور أحكام قضائية تدين حوالي 14 عامل ا في إحدى الضيعات الفلاحية في نواحي مدينة الحاجب بالسجن النافذ. وكان الدرك في بلدة «سبع عيون» قد عمد إلى اعتقال اثنين من هؤلاء العمال المزارعين، وقررت المحكمة متابعة رفاقهم في حالة سراح، على خلفية نزاع بين عمال آخرين. وحكمت المحكمة على المعتقلَيْن بخمسة أشهر حبسا نافذا وعلى الباقين بثلاثة أشهر سجنا نافذا و300 درهم غرامة للجميع. ووصفت نقابة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل هذه المستجدات التي تعرفها ضيعات الخمور في المدينة ب»العدوان النقابي»، فيما وُجِّهت للمتابَعين في الملف تُهَم تتعلق بإلحاق أضرار بعمال عن طريق الاعتداء بالضرب. وقال تقرير للنقابة، التي سبق لها أن خرجت في احتجاجات إلى شوارع مكناس للمطالبة باتخاذ إجراءات تلزم أصحاب ضيعات الخمور في الجهة بتطبيق القانون واحترام الانتماء النقابي، واتهمت النقابة، في بيان سابق، عناصر الدرك والنيابة العامة ب»تزكية» بعض أرباب العمل المتجاوزين للقانون. كما طالب التقرير بفتح تحقيق حول ما أسماه «حرب البسوس» التي أعلنتها إدارة إحدى الضيعات في الحاجب، تشتهر بإنتاج الخمور، ضد العمال. واعتمادا على مصادر نقابية، فإن العمال الزراعيين يعانون من «ظلم اجتماعي»، في غياب احترام الحد الأدنى للأجور والتصريح في الضمان الاجتماعي وغياب أي إجراءات للوقاية والصحة. وتتهم المصادر ذاتها السلطات المحلية ومندوبيات التشغيل بالتقاعس في إلزام أصحاب الضيعات بتطبيق القانون. وتعاني فئات واسعة من العمال الزراعيين من مستوى تعليمي مُتدنٍّ ومن أوضاع اجتماعية متدهورة لا تسمح لهم، عادة، بالمطالبة بحقوقهم، ما يجعلهم عرضة لاستغلال يوصف ب»البشِع» من قبل «إقطاع» الضيعات الفلاحية، التي تستفيد، إلى جانب هذا الوضع، من امتيازات ضريبية تسمح لها بمراكمة الأرباح الطائلة، دون أدنى إحساس بالمسؤوليات الاجتماعية. وتوجد في جهة مكناس لوحدها حوالي 62 ضيعة فلاحية، تُشغّل آلاف العمال، لكن نقابيين في المنطقة يتحدثون عن أوضاع مزرية لهذه الفئة، التي يتعرض النقابيون في أوساطها للطرد من قبل المشغلين. ويحدد القانون الحد الأدنى للأجر في القطاع الفلاحي في 56 درهما ليوم من العمل، وهو أجر زهيد لا يتماشى مع غلاء المعيشة ومستلزمات الحياة الكريمة، ومع ذلك، فإن هذا الأجر لا يُحتَرَم في عدد من الضيعات.