لم يكن عبد الحنين بنعلو، الذي ظل على رأس المكتب الوطني للمطارات منذ 15 شتنبر 2003 إلى غاية تعيين المدير العام الحالي دليل الكندوز في شهر فبراير 2010 إثر الفضائح والاختلالات المالية التي عرفها المكتب، يتصور أنه سينتهي به الأمر في زنزانة باردة في سجن عكاشة. بنعلو، حسب مقربين منه داخل المكتب، ظل مؤمنا إلى آخر لحظة بأن يد القانون قصيرة جدا بالنسبة إلى ملفه ولن تطاله لأنه محمي من طرف من كان يصفها بالجهات النافذة. كانت علامات التأثر بادية على المدير العام السابق للمكتب الوطني للمطارات، صباح أول أمس الأربعاء، وهو ينقل عبر سيارة الشرطة من مقر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بشارع الروداني إلى قبو مبنى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، انتظر رفقة مرؤوسيه من المسؤولين السابقين داخل المكتب لأزيد من ساعة قبل أن يعرض على قاضي التحقيق الذي طالبه كأي متهم باسمه ولقبه وعنوانه وغيرها من المعطيات الأساسية التي تطلب من المتهمين قبل أن يقرر متابعته في حالة اعتقال. مصادر «المساء» أكدت أن بنعلو، الذي كان يحرص خلال مثوله أمام محققي الفرقة الوطنية على ارتداء بذلة أنيقة وربطة عنق حريرية، لم يكن يتوقع أن يتابع في حالة اعتقال وأن يحال على سجن عكاشة رفقة مساعده وكاتم أسراره برق الليل، غير أن صدمة بنعلو، الذي ظل لمدة سبع سنوات يتحكم في مواعيد إقلاع ونزول الطائرات، كانت حينما علم أنه أصبح ممنوعا من السفر بعد متابعته من طرف النيابة العامة بناء على التقرير الثقيل الذي أصدره المجلس الأعلى للحسابات. كان للقرار السياسي الذي اتخذته حكومة عبد الاله بنكيران أثر كبير في إحالة ملف بنعلو على القضاء بعد توالي فضائح الاختلالات التي عرفها المكتب، والتي كان آخرها ظهور لائحة بأشخاص وظفوا بشهادات مزورة في عهده، غير أن الفضيحة الكبرى التي أثارت كثيرا من الجدل هي الفضيحة التي فجرها إدريس الطلحاوي، رئيس قسم الشؤون القانونية والممتلكات السابق بالمكتب، الذي كشف أن بنعلو استولى على 10 بقع أرضية بمدينة إفران كانت مخصصة لبناء منتجعات يستفيد منها أطر ومستخدمو المكتب في إطار الأعمال الاجتماعية دون أي مراعاة للقانون. المتتبع لمسار الرجل الدراسي والمهني يكتشف أنه حاصل على دبلومات مهمة من جامعات فرنسية وأخرى أمريكية منحته خبرة عملية مهمة، لكنها على ما يبدو لم تستطع أن تمنحه سلوك الأوربيين والأمريكيين في المحافظة على المال العام والتسيير الجيد للمرفق الذي كان يدبره طيلة السنوات التي قضاها على رأس المكتب الوطني للمطارات. ولد عبد الحنين بنعلو في 14 ماي 1953 بمدينة سلا وحصل على دبلوم مهندس من المعهد الوطني للبوليتيكنيك بتولوز سنة 1978، ودكتوراه في الأنظمة الصناعية من جامعة كاليفورنيا سنة 1982، قبل أن يعمل بعد عودته إلى المغرب عضوا في ديوان وزير الطاقة والمعادن سنة 1982 ومنها انتقل إلى المدرسة الوطنية للصناعة المعدنية رئيسا لمصلحة بين سنتي 1983 و1985، ثم عمل مديرا عاما لمؤسسة «سيكماتيك» بين سنتي 1985و 1987. في سنة 2001، وإلى حدود 2003، سيعين بنعلو رئيسا مديرا عاما لمركز تطوير الطاقات المتجددة قبل أن يعين على رأس المكتب الوطني للمطارات. لعل كثيرا من المغاربة يتساءلون اليوم عن السبب الذي جعل بنعلو والمتهمين معه في الملف يبددون وبدم بارد ملايين الدراهم من المال العام الذي كان تحت تصرفهم.