اعتقلت السلطات الأمنية في مدينة مكناس، مساء أول أمس الثلاثاء، مستشارة جماعية في بلدية المدينة كانت قد صدرت في حقها مذكرة بحث بتُهَم تتعلق بتفويت أراضٍ غير قابلة للتفويت، على خلفية ملفات البناء العشوائي في مساحات شاسعة تابعة، في الأصل، للأحباس في مدينة مكناس. وتنتمي هذه المستشارة الجماعية إلى حزب الأصالة والمعاصرة وكانت ضمن الأغلبية التي تدبّر شؤون المجلس البلدي الحالي. وكان البناء العشوائي في هذه الأراضي قد أثار ضجة في أوساط الرأي العام الوطني بعدما عمد المئات من المواطنين من سكان الأحياء الهامشية في المدينة، ومن مناطق أخرى بعيدة، إلى «الهجوم» على مساحات فارغة من هذه الأراضي وبدؤوا في تحويلها إلى بقع خاصة، في شهر شتنبر من السنة الماضية. ولم «ينسحب» المواطنون من هذه الأراضي إلا بوعود قُدِّمت لهم مفادها أن السلطات المحلية ستنظر في ملفات إعادة إيوائهم ومنح تسهيلات لهم للحصول على السكن الاجتماعي. وقد أسفر إعادة فتح ملف أراضي سيدي بوزكري، حينها، عن التحقيق مع حوالي 20 شخصا اتُّهِموا بالتورط في تجزيء هذه الأراضي، منهم سماسرة و»مقاولون» وأطر، ضمنها مهندس معماري وطبيب وأستاذ جامعي.. كما أخلي سبيل عدد من الأشخاص الذين تم التحقيق معهم. وكانت المنطقة، في خضم هذا «الهجوم»، قد شهدت، يوم 23 يوليوز من السنة الماضية، مواجهات بين عدد من أصحاب البقع وبين القوات العمومية، أسفرت عن إحراق سيارة رجل سلطة وشاحنتين تابعتين للجماعة الحضرية. وقد اعتقل على خلفية هذه الأحداث، في بداية شهر غشت الماضي، قيادي محلي في جماعة العدل والإحسان، إلى جانب 10 أشخاص آخرين. وتعتبر منطقة سيدي بوزكري من أبرز المناطق التي تحولت إلى «مرتع» للبناء العشوائي في مدينة مكناس. وقالت المصادر إن «قصة» هذه الأراضي بدأت في سنة 2006، فقد عمدت نظارة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية إلى وضع مساحات منها رهن إشارة بعض «مستثمري» المدينة، عن طريق الكراء، مقابل تحويلها إلى مستودعات، لكن عددا منهم عمدوا إلى تسويرها. وتم اكتشاف «تجزئات» سكنية عشوائية داخلها أثناء عمليات مداهمة تم القيام بها. ويعمد المجزّئون إلى الحصول على رخص للتسوير من الجماعة الحضرية. وعند إجراء العملية، يقومون بتقسيم الأرض إلى قطع ويتم بيعها مقابل مبالغ تتراوح ما بين 5 و10 ملايين سنتيم للقطعة الواحدة، على أن عمليات البناء لا تحترم أدنى المعايير المعمول بها، ما ينذر بخطر وقوع كوارث إنسانية بسبب انهيارات تتربص بمنازل مكتظة بُنيت على حافات ومناطق تقول المصادر إن بعضها غير صالح للبناء أصلا.