وجدت عائلة نفسها، في وقت متأخر من ليلة أول أمس، مضطرة إلى مغادرة المركب الاستشفائي الجهوي بالقنيطرة بحثا عن جهاز الفحص بالأشعة، للكشف عن الحالة الصحية لابنتها الصغيرة التي أصيبت بكدمات خطيرة في الوجه والرأس جراء سقوطها من درج المنزل، بعدما تعذر عليها القيام بهذه الفحوصات داخل المستشفى. واعتذر الطبيب المداوم، المختص في الطب العام، بقسم المستعجلات التابع لهذا المستشفى العمومي عن القيام بأي فحص للطفلة المريضة التي لا يتعدى عمرها الأربع سنوات، بسبب تعطل جهاز «السكانير»، الموجود بالمستشفى، منذ ما يزيد عن 10 أيام، رافضا إخضاعها لأي علاج في غياب تقرير مفصل لحالتها، حيث دعا والد المصابة إلى اصطحاب ابنته للقيام بهذه العملية خارج أسوار المركب الاستشفائي، رغم خطورة الوضع الصحي للطفلة. وعاينت «المساء» الطفلة الصغيرة ممدة على محمل سيارة الإسعاف التي نقلتها من مقر سكناها بوزان إلى القنيطرة، تصرخ مستنجدة، وتتلوى من حدة الآلام التي تعاني منها في رأسها، وترتعش بقوة من شدة البرد القارس، ورغم هذه المشاهد المؤثرة التي من أجلها ذرف العديد من زوار المستشفى الدموع، فإن ذلك لم يحرك مشاعر من أوكلت إليهم مهمة استقبال الحالات المستعجلة وقتها، حيث ظلت الطفلة مرمية بدون غطاء يقي جسدها النحيل، فيما بدت على والديها علامات الحسرة والاضطراب وخيبة الأمل من هول ما حصل. نفس المعاملة لقيها شاب لم يتجاوز الثلاثين بعد، مع أن خطورة إصابته كانت تستدعي إعلان حالة استنفار داخل المركب الاستشفائي، لغزارة الدم الذي كان ينزف من أذنه اليسرى، وآثار انتفاخ مريب في الوجه، حيث أُدخل إلى قاعة العلاجات، لكن، الطبيب المداوم أمر بضرورة إخضاعه للفحص بالأشعة لتشخيص حالته، لكن أحد الأطر العاملة في المستشفى أشعر عائلة الضحية، التي تكبدت مشاق الطريق من مدينة سيدي سليمان إلى عاصمة الغرب، بعدم وجود الطبيب المختص لقراءة التقرير النهائي لعملية الفحص المذكور، مقترحا عليهم نقل ابنهم المصاب إلى مصحة خاصة قبل فوات الأوان. نفس التعامل سيتكرر مع باقي الحالات الخطيرة التي توافدت بعد ذلك على قسم المستعجلات، والتي كانت محط تتبع من طرف نشطاء حقوقيين بالفرع المحلي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، التي طالب رئيسها، خالد كوي، بوضع حد للاستهتار بحياة المواطنين في هذا المستشفى العمومي، مستنكرا الوضع المزري الذي آل إليه، ودعا الجهات الأمنية والقضائية إلى التسريع بفتح تحقيق معمق حول ملابسات تعطل جهاز الفحص »الراديولوجي« لما يفوق الأسبوع دون التعجيل بإصلاحه، إضافة إلى الغياب الدائم للطبيب المختص خلال فترة المداومة.