اختتمت مساء أول أمس فعاليات ملتقى «الأيام الثقافية الإماراتية» التي نظمتها دائرة الثقافة والإعلام بإمارة عجمان بالتعاون مع اتحاد كتاب المغرب في الرباط بتكريم الأديب المغربي عبد الكريم غلاب، وبأمسية شعرية أحياها الشاعران الإماراتيان المعروفان: صالحة غابش وابراهيم محمد ابراهيم. وتحدث وزير الإعلام السابق محمد العربي المساري عن المسار الشخصي الذي جمعه بغلاب لما كان مديرا لجريدة العلم. وقال المساري، في شهادة بالغة الإشارة إن تطور الحقل الإعلامي في المغرب يرجع، في جزء منه، إلى التضحيات التي بذلها الجيل المؤسس لمهنة صاحبة الجلالة في الوقت الذي كان فيه ناب الداخلية بارزا، ليس من التبسم طبعا كما قال الشاعر. وحكى المساري تفاصيل محاكمة العلم في الستينيات من القرن الماضي، وكيف أن عمودا في ذلك الوقت كان يقود صاحبه إلى السجن. واختتم مداخلته التي سلطت الضوء على مرحلة من تاريخ المغرب السياسي والاجتماعي والثقافي والإعلامي بالقول: «اطمئن غلاب، إننا لن نحرق في البحر»، في إشارة مبطنة منه إلى البيئة الطاردة سياسيا وإعلاميا وثقافيا، والتي يعيش المغرب تفاصيلها الأشد عتوا في الوقت الحاضر، كما عاشها في سنوات الرصاص. ولاقت شهادة العربي المساري انتباها كبيرا من طرف الحضور، بسبب أن أغلب الحاضرين في القاعة كانوا من الأجيال الجديدة التي تغيب عنها الكثير من تفاصيل ذاكرتنا الجماعية القريبة. وتحدث في نفس الجلسة الناقدُ المغربي حسن بحراوي، وأبرز المكانة الخاصة التي يحتلها غلاب في مشهد الكتابة في المغرب، وتحدث عن تجربته المشرقية وعن زهده السياسي، والتراكم الإبداعي الذي حققه خلال خمسين سنة من تاريخ الكتابة، ترسخ فيها في أذهان الأجيال التي قرأت رواياتها وتفاعلت معها وناقشتها، لأنها كانت تطرح الكثير من الإشكالات المتصلة بالهوية السياسية والثقافية للمغاربة. وركز الباحث عبد العالي بوطيب على وعي الكتابة عند غلاب، مبرزا أنه لم يكن يكتب من أجل الكتابة، بل كانت الكتابة لديه عملا مفكرا فيه بعناية وموجها ووظيفيا. بعد ذلك تم تسليم محمد العربي المساري درع تكريم ومبلغا ماليا، بالنيابة عن عبد الكريم غلاب الذي تعذر عليه الحضور بسبب عارض صحي، وقد سلم الدرع إبراهيم الظاهري، مدير عام دائرة الثقافة والإعلام في عجمان. من جهة ثانية، تحدث الناقد السينمائي مصطفى المسناوي عن التجربة السينمائية في الإمارات، واعتبرها من التجارب الخليجية الرائدة، كما توقف عند الفيلموغرافيا التي أنتجتها خلال تاريخها القصير. وأشار إلى التجربة المميزة التي قادها المجمع الثقافي لأبو ظبي من خلال تنظيمه لمهرجان «أفلام من الإمارات»، والذي اعتبره نقطة تحول كبيرة في السينما الإماراتية التي حققت تراكما كميا ونوعيا على الصعيد المحيطي. وتوقف الناقد بشير القمري في تحليله للفيلم الإماراتي «الرمرام» لمخرجه مسعود أمر الله عند مستويات هذا العمل، ورصد التقاطعات التي تسمه مع أعمال سينمائية مغربية وعربية وعالمية، كما أبرز المشترك التخييلي لهذا العمل في إطار عمل الذاكرة الجماعية العربية من «محيطها الهادر إلى خليجها الثائر». وكان اليوم الأول من «الأيام» قد عرف وقائع ندوة «المشهد الأدبي في الإمارات»، شارك فيها الدكتور سعيد علوش، أستاذ الأدب المقارن كلية آداب الرباط، وقدم فيها مداخلة حول المشهد الأدبي في الإمارات، مشيدا بدعم الإمارات لعدد مهم من الجوائز الأدبية العربية والعالمية. من جانبه، تناول نجيب العوفي، الكاتب المغربي والباحث الجامعي، المشهد القصصي الإماراتي، من خلال رصد أصوات نسوية رائدة في مجال القصة القصيرة.. مشيرا إلى أن الشعر والإبداع الفني والأدبي عموما واكب عملية انخراط الدولة في دينامية التنمية، مشيرا إلى أن القصة القصيرة كانت قبلة لمبدعين شباب لحيويتها وملاءمتها مع لحظات التحول والتغيير بالدولة. كما رصد عبد الحق ميفراني ملامح التجربة الشعرية الجديدة في الإمارات. وشملت الأيام مداخلة عن الفن الفوتوغرافي في الإمارات قدمها المصور الفوتوغرافي سعيد الشامسي ومداخلة عن مسارات الفن التشكيلي المحلي.