إثر انهزام المنتخب الوطني المغربي لكرة القدم أمام المنتخب الغابوني مساء يوم الجمعة الماضي، قرر المكتب التنفيذي للهيأة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب تقديم شكاية إلى الوكيل العام لدى محكمة النقض في الرباط ل»محاسبة المسؤولين عن الشأن الرياضي»، حسب ما أكده طارق السباعي، رئيس الهيئة. وأضاف السباعي، في الندوة التي نظمتها الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب -فرع مراكش مساء أول أمس، أن أجر المدرب إريك غريتس «يفوق بكثير راتب رؤساء حكومات دول مغاربية»، مما يتطلب من «حكومة بنكيران الكشف الفوري عن أجر غرييتس» وأن «يمارس رئيس الحكومة سلطاته لفسخ العقد واسترجاع الأموال التي هُدِرت». وتطبيقا لتصريح أحد وزراء حكومة بنكيران، الذي طالب ب»عصيان مدني» ضد الفساد، شدد السباعي، في الندوة، التي عرفت حضورا مكثفا لعدد من رجال ونساء القضاء والمحامين والصحافيين ورجال الأعمال وأساتذة جامعيين وبعض المنتخبين وممثلين عن الأحزاب السياسية والهيآت المدنية والحقوقية، على ضرورة الكشف عن ملفات نهب المال العام، التي وعدت بها الحكومة، من خلال عدد من الملفات التي طفت إلى السطح، لكنها سرعان ما اندثرت. وأشار المتحدث نفسُه في هذا الصدد إلى ضرورة الكشف عن المسؤولين عن «سقوط» بند من الدستور كان يمنع الوزراء من ممارسة التجارة والمشاركة في الصفقات العمومية، لكن بين خروج الدستور من مصدره وتوجهه صوب مقر الأمانة العامة للحكومة، لم يبق لهذا البند أي أثر، متهما «لوبيات الفساد» بالوقوف وراء ذلك.. وانتقد السباعي تأخر التحقيقات التي تجريها الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بخصوص ملفات تتعلق بنهب المال العام، معتبرا أن طول مدة التحقيق حول ملفات فساد «تورط» فيها مُنتخَبون فاسدون من شأنه أن يفقد هذه الأجهزة مصداقيتها، مشيرا في هذا الصدد إلى أن 10 شكايات تقدمت بها الهيئة في مراكش ما يزال تحقيق الفرقة الوطنية مستمرا فيها لمدة تجاوزت السبعة أشهر. وأوضح المتحدث أنه خلال لقاء جمع مصطفى الرميد، وزير العدل، بعدد من الحقوقيين والمحامين، أكد الوزير أنه سيصدر تعليماته للنيابات العامة من أجل التسريع بالتحقيق في كل ما يتعلق بملفات نهب المال العام والفساد. من جهته، قال عمر أبو الزهور، نقيب هيئة المحامين في مراكش، إن حماية المال العام ومحاربة المفسدين تتوقف على مدى توفر إرادة سياسية وضمان الحرية للإعلام، الذي أكد على ضرورة نهوضه من جديد، لفضح ملفات نهب المال العام والفساد عموما. واعتبر أبو الزهور أن الصحافة لعبت دورا كبيرا في فضح المفسدين وناهبي المال العام، وهو ما جعل محمد الغلوسي، رئيس فرع الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب، خلال الندوة التي اتخذت من عبارة «لنجعل من سنة2012 سنة محاكمة رموز الفساد وناهبي المال العام واسترجاع الأموال المنهوبة شعارا لها، يشد بحرارة على أيدي بعض ممثلي المنابر الإعلامية، التي اعتبر أنها لعبت دورا محوريا، إلى جانب الهيئة، في «نضالها ضد الفساد ورموزه في المدينة الحمراء». وقال الغلوسي إن المجتمع في حاجة ماسة اليوم إلى «استرجاع الأموال المنهوبة، لتستفيد منها خزينة الدولة وتوظف في الاستجابة للحاجيات الضرورية لبلادنا في الشغل، الصحة، التعليم والسكن»، معتبرا أن الفساد، الذي يشكل أحد تجليات سوء الحكامة والتدبير، أمر يبعث على القلق ويسائل خطاب الإصلاح بفي بلادنا ويضعه أمام امتحان حقيقي». وقد عرفت الندوة غياب القنوات التلفزيونية العمومية وممثلين عن المجلس الجهوي للحسابات، رغم الدعوة التي وُجِّهت لهما من قبل الهيئة، في حين تعذر الحضور على الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف في مراكش، بعدما كان ضمن لائحة المشاركين في تأطير الندوة، لينوب عنه، في آخر لحظة، خالد الركيك، النائب الأول لوكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية. وقد شارك في الندوة كل من عبد السلام أبو درار، رئيس الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة، بمداخلة بعنوان «الرشوة بالمغرب: مؤشرات القياس واستراتيجيات المواجهة»، ومحمد أبو العزيز، مستشار مجلس المنافسة، في موضوع «العلاقات الاقتصادية: رهان التنافس المفتوح وإشكالية الاحتكار». وقد تطرق عدد من الحاضرين لملفات تهُمّ نهب المال العام والفساد في المدينة الحمراء، والتي يوجد أغلبها بين يدي الفرقة الوطنية للشرطة القضائية. وقد تساءل الحاضرون عن مآل هذه التحقيقات وعن الأبحاث التي يتطلعون لإلى معرفة مآلها ونتائجها.