قال رشيد الطوسي، مدرب المغرب الفاسي المتوج بلقب كأس الاتحاد الإفريقي لكرة القدم، إن غياب منتخبات مصر والكامرون ونيجيريا وجنوب إفريقيا والجزائر أثر على المردود العام للبطولة. وأوضح الطوسي في حوار أجرته معه «المساء» أن اللاعبين الأفارقة الذين يمارسون بأوروبا لم يقدموا الإضافة المطلوبة، مرجها ذلك إلى المناخ الذي تدور فيه المباريات. - ما هو تقييمك لمباريات الجولة الأولى من بطولة كأس أمم إفريقيا؟ أرى أن المباريات الأولى كانت مستوياتها عادية، ولم ترق إلى التطلعات وكانت مملة، فالكل كان يأمل بأن تكون النسخة الثامنة والعشرين مغايرة عن سابقاتها، لكن بدا الحذر هو الطاغي من طرف المنتخبات الإفريقية طيلة المباريات الأولى، وهو ما انعكس سلبا على الجمهور الحاضر، وحتى المتتبع للمباريات عبر شاشات التلفزيون. شح الأهداف كان واضحا ومجموعة من المباريات انتهت بانتصارات صغيرة، حيث لم نشاهد مباريات بحصص ثقيلة كما شهدته الدورة السابقة بأنغولا 2010. ربما ستتغير الأمور في الجولات الثانية أو الدور الثاني، خاصة أن كل مدرب وكل منتخب يعي أن الخسارة في المباراة قد تكلفه الكثير، مما بدا جليا من خلال النهج المعتمد من كل فريق حيث لا نجد فريقا يغامر، والكل يلعب كرة قدم يغلب عليها الحذر، لكن مع وجود بعض الاستثناءات، شكلته مباراة المغرب ضد تونس، التي وصفت بأحسن مباراة خاصة أنها شهدت العديد من الفرص السانحة للتسجيل وكان إيقاعا سريعا وعرفت إحراز ثلاثة أهداف. رغم هزيمة المنتخب الوطني يمكن القول أنها المباراة الأحسن في الجولة الأولى. - هل لامست تغييرا في كرة القدم الإفريقية؟ بالطبع هناك تغيير كبير في كرة القدم الإفريقية وخير دليل على ذلك الكأس الحالية. من منا كان يتصور أن منتخب زامبيا سيحرج السنغال وسيهزمه بهدفين لواحد. منتخب زامبيا لا يملك نجوما وهو مصنف ضمن المنتخبات الضعيفة لكن مباراتيه ضد كل من السنغال وليبيا بينت أن هذا المنتخب قوي وأن منتخبات إفريقيا جنوب الصحراء بات يحسب لها ألف حساب، زد على ذلك منتخب البلد المنظم، غينيا الاستوائية الذي أرشحه لنيل لقب بطولة إفريقيا وهو منتخب قدم مباراتين جيدتين، هذا دون إغفال ما قدمه منتخب بوتسوانا أمام غانا ومنتخب السودان ضد منتخب الكوت ديفوار. إنها مباريات أظهرت أن هناك تغييرا كبيرا في خريطة كرة القدم الإفريقية، وأن الأخيرة لا تقبل منطق فريق ضعيف وآخر كبير. ما هي الأشياء التي أثارت انتباهك في البطولة؟ يمكن حصرها في قلة الأهداف خلال مباريات الجولة الأولى ثم جانب البنية التحتية، فما وفرته الغابون وغينيا الاستوائية من ملاعب يثلج الصدر، وأنا سعيد بذلك فلكوني مدرب واجهتني عد صعوبات في مجموعة من المباريات التي خضتها مع فريق المغرب الفاسي برسم منافسات كأس الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم، لكن حين تشاهد الملاعب الحالية، فذلك يعني أن كرة القدم الإفريقية في تطور كبير، وأن مباريات عصبة الأبطال وكأس الكاف، ستصبح بطولات بحجم ما يلعب في أوربا. إذا ما انتقلت هذه «العدوى» الإيجابية إلى مختلف البلدان الإفريقية، وبالرغم من الانتقادات الموجهة للكاف لاختيارها لبلدان جنوب الصحراء لتنظيم الكان، فإن قرارات من هذا القبيل تبقى إيجابية، لأن تنظيم البطولة ينعكس بالإيجاب على واقع البلد اقتصاديا ورياضيا. - كأس إفريقيا بات نقطة سوداء في أوربا، خصوصا مع وجود 181 لاعبا يمارسون في بطولات أوروبية، هل تعتقد أن تواجدهم كان لهو وقع إيجابي على البطولة؟ لا اعتقد ذلك وخير دليل منتخب السنغال، الذي يتشكل من لاعبين محترفين، لكنه أقصي من الدور الأول وانهزم في مباراتين ضد منتخبين هو أفضل منهما في التصنيف العالمي. أعتقد أن أمور عدة تؤثر على اللاعب الإفريقي المحترف فأغلبهم لم يقدم الإضافة، يمكن إرجاع ذلك إلى عوامل عدة، أبرزها حالة الطقس فالرطوبة عالية في الغابون وغينيا الاستوائية ولاعبي إفريقيا في أوربا، لم يتعودوا على أجواء كهاته، كما أن هناك تقلبات في حالة الطقس، فمرة الجو مشمس حار ومرة رطوبة وأمطار، وهو ما قد يؤثر على مردود اللاعب، زد على ذلك أن اللاعب الإفريقي حينما يحترف يعتقد أنه حقق هدفه الأسمى في الحياة، وهو أن يعيش حياة كريمة وأن يقول وداعا للفقر، لذا فإن مجموعة من المنتخبات الإفريقية التي تضم لاعبين محترفين، غالبا ما يختار لاعبوها البطولة الإفريقية فرصة للاستجمام خاصة أن أوربا تعيش حاليا جوا باردا. - بالعودة إلى السنغال كيف تقرأ الخروج المبكر لهذا المنتخب من البطولة خاصة أنه كان ضمن المرشحين لنيل اللقب الإفريقي؟ أنا لم أرشح إطلاقا منتخب السنغال للفوز باللقب، وكنت أعتقد أن مشاركته لن تتجاوز دور الربع ليس إلا، أعتقد أن خروجه راجع بالأساس إلى ما يقال عن خلافات بين اللاعبين، كما أن لاعبي السنغال ظهروا بتعال كبير في مباراتي الدور الأول، سواء ضد زامبيا أو غينيا. يبدو أن لاعبي منتخب السنغال استصغروا كثيرا خصومهم، ومحترفوهم لعبوا بثقة زائدة أكثر من اللزوم، مما كانت نتيجته الخروج من الدور الأول بهزيمتين. - تجرى البطولة في غياب منتخبات مصر والكامرون ونيجيريا وجنوب إفريقيا والجزائر التي سبق لها التتويج باللقب، هل كان لغيابهم أثر على المردود العام للبطولة ؟ بالتأكيد، غياب هذه المنتخبات أظهر فوارق عديدة في البطولة، بل وأثر على إثارتها، فالمنتخبات السالفة الذكر تملك رصيدا كبيرا من حيث التتويجات بالكاف، بل إن نصف البطولات المحققة على مر تاريخ النهائيات الإفريقية تملكها منتخبات مصر ونيجيريا والكامرون وجنوب إفريقيا، فلو شاركت تلك المنتخبات مع إضافة منتخب الجزائر لعشنا بطولة إفريقية جيدة، فحضورهم كان سيضفي على النهائيات طعما خاصا. - من ترشح إذن لكي يخرج فائزا باللقب الإفريقي؟ لحد الآن يصعب التكهن، لكن على الورق أرشح البلدين المنظمين غينيا الاستوائية والغابون للفوز باللقب، لأنهما متعودان على طقس البطولة، ويستفيدان من عامل الجمهور، هذا دون إغفال كبيري إفريقيا، منتخبا غانا والكوت ديفوار. لحد الآن لم يظهر منتخبي غانا والكوت ديفوار بوجههما الحقيقي، لكن بقراءة تقنية متواضعة يظهر لي أن هذين المنتخبين لعبا باحتياط كبير خاصة أن البطولة تتطلب مخزونا بدنيا كبيرا، ولكني مازالت أنتظر ظهورهما الحقيقي، وأتوقع منهما المنافسة بقوة على اللقب في ظل امتلاكهما لأفضل لاعبي القارة السمراء. - وبالنسبة للمنتخبات العربية، كيف بدا لك مستواها؟ على العموم، أداء لا بأس به، مع تسجيل بعض النقط الإيجابية، فليبيا رغم توقف البطولة لشهور، أبان لاعبوها عن قتالية كبيرة وكذلك السودان الذي أحرج الكوت ديفوار وحقق تعادلا بطعم الفوز على منتخب انغولا.