بثت الإجراءات التي اتخذتها السلطات العمومية بعض الروح في قطاع السكن في المغرب. فقطاع السكن الاجتماعي الذي يهم 60 في المائة من الأسر المغربية استقطب جزءا مهما من الاستثمارات في السنة الفارطة. وهذا ما انعكس على بعض القطاعات التابعة لقطاع العقار، حيث ارتفعت مبيعات الإسمنت ب10 في المائة وإنتاج القروض الرهنية وإن ظل مستقرا على مستوى القروض الممنوحة للمشترين في السنة الفارطة، غير أنه يتوقع أن ترتفع القروض العقارية في السنة الحالية وكذا القادمة، حسب بعض التقديرات، إذ أن قروض المشترين سوف تشهد نموا مهما، على اعتبار أن أولئك الذين قدموا دفعات أولية في حدود 30 ألف درهم و50 ألف درهم سوف يسعون إلى الحصول على كلية التمويل الذي يخول لهم اقتناء السكن في السنة الجارية، التي تعتبر السنة الأولى التي ستشهد تسليم الدفعة الأولى من الشقق التي التزم بها المنعشون العقاريون على إثر إجراءات 2010. في الوقت ذاته سوف يضطر المنعشون العقاريون إلى الاستدانة أكثر من أجل إنجاز برامجهم. الإسمنت و البناء العشوائي
يشير تقرير حول الظرفية في قطاع العقار السكني، أنجزه الباحث ادريس الفينا، إلى انتعاش الاستثمار في السنة الماضية، وهو ما يؤشر عليه استهلاك الإسمنت الذي سجل ارتفاعا ب10.4 في المائة. نمو الاستثمارات في العقار السكني، وخاصة السكن الاجتماعي، يعزى إلى التحفيزات الجبائية الممنوحة من قبل الدولة في إطار قانون مالية 2010، حيث شهدت السنة الماضية إطلاق أشغال بناء 120 ألف وحدة. غير أن السكن الاجتماعي ليس حاسما في تفسير انتعاش قطاع العقار، بل يرد في جزء منه إلى السكن العشوائي الذي عاد بوتيرة قوية في العديد من المدن مثل الدارالبيضاء وأكادير ومراكش وبني ملال، حيث لوحظت فورة في البناء العشوائي في سياق الانتخابات التشريعية التي عرفها المغرب التي تعرف تراجع وتيرة المراقبة وكذلك في علاقة مع 20 فبراير، مما يعني أن مبيعات الإسمنت تأتي في جزء منها من السكن العشوائي خلال السنة الفارطة. تباين وحسب الجهات عرفت الاستثمارات تباينات كبيرة، حيث نمت ب 19 في المائة بفاس في السنة الفارطة، مقابل 10 في المائة في السنة التي قبلها و 14 في المائة سنة 2009. وانتقل معدل النمو في الدارالبيضاء من 0.2 في المائة إلى 2 في المائة بفعل انتعاش السكن الاجتماعي. وواصلت الأقاليم الجنوبية تسجيل أداء إيجابي على مستوى الاستثمارات في قطاع البناء. وصمد سوق بناء السكن في الرباط وسلا وتمارة أمام الركود في السنة الفارطة، حيث ارتفع النشاط بالكاد ب1 في المائة، بعد سنوات من النمو المتواصل. وفيما تراجع النشاط في مكناس بعد سنوات من الارتفاع، واصلت بعض الأسواق العقارية الكبيرة تسجيل نتائج سلبية، وهذا ما تجلى في مراكش بناقص 7 في المائة وطنجة بناقص 5 في المائة وتازة بناقص 8 في المائة. استقرار قروض المشترين وتأكدت عودة الطلب على السكن، حسب التقرير، عبر الدينامية الجديدة الملاحظة على مستوى إنتاج القروض الرهنية الموجهة لاقتناء السكن. إذ بلغت القروض العقارية في السنة الفارطة 210.3 مليارات درهم، مقابل 186.5 مليار درهم في السنة التي قبلها، أي بزيادة بنسبة 12.8 في المائة، فيما لم تتعد تلك الزيادة 7.1 في المائة في سنة 2010. ارتفاع القروض العقارية يعزى إلى القروض الممنوحة للمنعشين العقاريين التي زادت ب 9.02مليارات درهم في السنة الماضية، مقابل 0.05 مليار درهم في سنة 2010. غير أنه تجلى أن القروض التي خصصت للمشترين ظلت في السنة الفارطة في نفس المستوى الذي سجل في سنة 2010، أي في حدود 13 مليار درهم. ويجد انتعاش القروض العقارية تفسيره في كون الأبناك تعتبر أن الاستثمار في السكن الاجتماعي ينطوي على مخاطر أقل. في نفس الوقت يعزى الركود الملاحظ على مستوى قروض المشترين إلى ضعف قدرة الاستدانة لدى الأسر بغض النظر عن فرع السكن. ولم تتغير حصة قروض المشترين في السنة الماضية ضمن القروض العقارية، فقد ظلت تلك الحصة في حدود 66 في المائة، مقابل 34 في المائة بالنسبة إلى المنعشين، علما أن حصة القروض العقارية لم تكن تتجاوز في سنة 2005 نسبة 7 في المائة مقابل 93 في المائة بالنسبة إلى المشترين. ويرجع ارتفاع استدانة المنعشين العقاريين إلى الأهمية التي أصبح يحتلها التمويل البنكي، علما أن التمويل الذاتي يستمر في احتلال مكانة مهمة في تمويل الاستثمارات في القطاع. ويتساءل التقرير عما إذا كانت البنوك التجارية ستستمر في مواكبة حاجيات تمويل القطاع العقاري، علما أنه استوعب لوحده أكثر من 27 في المائة من القروض الموجهة للاقتصاد. ارتفاع معدل الفائدة ورغم محاولة السلطات النقدية الحفاظ على معدل الفائدة الرئيسي في نفس المستوى خلال السنتين الأخيرتين، إلا أن معدلات الفائدة المطبقة على القروض العقارية بالنسبة إلى المديين المتوسط و الطويل سجلت، حسب ادريس الفينا، ارتفاعا بنسبة 3.2 في المائة بين الفصل الرابع من السنة الماضية والفصل الرابع من السنة التي قبلها. ويؤشر هذا الارتفاع على الضغط الذي يميز سوق الرساميل منذ أكثر من ثلاث سنوات. ارتفاع كلفة القروض العقارية سوف يكبح، من جهة، الطلب على السكن، وسيساهم، من جهة أخرى، في ارتفاع كلفة إنتاج السكن. ويرحج التقرير أن ينعكس ذلك على هوامش أرباح المنعشين العقاريين التي يفترض أن تتقلص في المستقبل تحت تأثير المنافسة. زيادة «فوكاريم» وانعكست الدينامية الجديدة التي يعرفها السكن الاجتماعي على نشاط «فوكاريم»، حيث وصلت القروض الممنوحة في إطار صندوق الضمان في نهاية 2001 إلى 10.6 مليارات درهم مقابل 8.94 مليارات درهم في سنة 2010، بزيادة بنسبة 18.5 في المائة. وفي السنة الفارطة أتاحت القروض المضمونة من قبل « فوكاريم» منذ إحداثه ل72400 أسرة ذات الدخل المنخفض الحصول على سكن. وسجل هذا الرقم ارتفاعا بنسبة 17.4 في المائة في السنة الفارطة، مقارنة بسنة 2010. وتبلغ القروض المضمونة من قبل « فوكاريم» 7.7 في المائة من مجمل القروض العقارية لفائدة المشترين. ولم يكن هذا المعدل يتجاوز 2.7 في المائة في سنة 2007. ويستحوذ القرض العقاري والسياحي والبنك الشعبي على ثلثي القروض التي تستفيد من ضمان « فوكاريم»، فيما سجلت زيادة في حصة البنك المغربي للتجارة الخارجية والشركة العامة في تلك القروض خلال الستة أشهر الأخيرة من السنة الماضية.