سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
رشيد لحلو: إذا كانت حصيلة السفير الدبلوماسية جيدة فإن حصيلته الاجتماعية غالبا ما تكون سيئة الكاتب العام للنادي الدبلوماسي المغربي قال إن السفير لا يعذر بجهله ما يدور حوله
أكد رشيد لحلو الكاتب العام للنادي الديبلوماسي المغربي في حواره مع «المساء» أن رجل السلك الدبلوماسي، مهما حقق من حصيلة سياسية إيجابية على مستوى المهام المنوطة به ومثل دولته أحسن تمثيل، فإن الحصيلة الاجتماعية، خاصة الأسرية، تكون في غالبها سيئة. -يتمثل العمل الدبلوماسي في شخص السفير، الذي يمثل السفارة، بخلاف العمل متعدد الأطراف في عدد من المنظمات، كالأمم المتحدة على سبيل المثال، حيث تتوزع المهام بين السفير وأعضاء البعثة الدبلوماسية، ويمكن أن نقول إن المهام التي تسند إلى السفير تختلف حسب تصنيفه، فهو إما أن يكون سفيرا موظفا أو سفيرا مكلفا بمهمة. بالنسبة إلى السفير الموظف فهو يعتبر نفسه دائما تابعا لإدارة معينة، وفي هذه الحالات، تقتصر مهامه في تنفيذ التعليمات التي يتلقاها، ولا يتخذ أي مبادرة، خوفا من أن تكون لها نتائج مثمرة، وبالتالي فهو يجب أن ينفذ ما يطلب منه بكل دقة، لا أقل ولا أكثر. وعلى عكس السفير الموظف أو الإداري، نجد سفير المسؤولية، وهذا يتمثل عمله خارج ما هو إداري محض، ويتخذ المبادرات التي يرى أنها قد تعود بنتائج إيجابية على الدولة التي يمثلها، وهذا لا يتأتى إلا إذا كان على علم بالخطوط السياسية الكبرى وأن يكون لديه الحس الاجتماعي وسرعة التكيف والانسجام مع المجتمع المضيف. وعلاوة على ذلك، من شروط سفير المسؤولية أو رجل الدبلوماسية بامتياز أن يعرف كيف يتقرب من الشخصيات ذات النفوذ في البلاد، حتى تكون نافذة لتحقيق أغراضه، كما أن للاندماج مع المجتمع المدني كذلك أهمية كبرى في ثقافة الدبلوماسي، وإلا فسيجد نفسه في عزلة. فالفرق بين سفير الوظيفة وسفير المسؤولية يتجلى في أن للأخير القدرة على الوصول إلى ما يريده من خلال علاقاته المتعددة مع ذوي النفوذ. -هل صحيح أن تنقلات السفير من بلد إلى آخر تؤثر بشكل كبير على وضعه الاجتماعي والأسري؟ أعترف بأن الزوجة تلعب دورا كبيرا في حياة السفير ورجل الدبلوماسية، لذلك فلا بد لزوجة أي سفير أن تتلقى تكوينا خاصا في هذا الباب، خاصة البروتوكول السياسي الذي يؤهلها إلى فتح باب التعرف على زوجات السفراء، لما لذلك من أهمية إيجابية، وهذا لا يعني أنها تتدخل، بالضرورة، في عمل ومهام زوجها أو تفرض عليه بعض الأمور، بل تعتبر فقط بوابة للتعرف على زوجات السفراء في جو تذوب فيه الرسميات. وفي ما يتعلق بالأبناء فأستطيع القول إنهم الضحية الأولى في مجتمع رجال السلك الدبلوماسي، فرغم إيجابيات انفتاحهم على الثقافات الأخرى ونقل ثقافتهم إلى عدد من البلدان، فإن التأثير ينصبّ أساسا على مستوى تكوينهم، إذ قد يغيرون مدارسهم أكثر من تسع مرات، فضلا على تغيير البيئة والثقافة واللغة وغيرها من العراقيل. فإذا كان السفير قد حقق حصيلة سياسية إيجابية على مستوى العمل الدبلوماسي ومثّل دولته أحسن تمثيل، فإن الحصيلة الاجتماعية، خاصة الأسرية، تكون في غالبها سيئة. -ما هي الإكراهات الكبرى التي تعترض السفير ورجال السلك الدبلوماسي في الدول التي يُعتمدون فيها؟ أعتقد أن الإكراه الكبير الذي يواجه السفير بشكل خاص والدبلوماسي عموما، هو أن أي سفير لا يعذر في جهله بما يدور وعدم علمه بالمستجدات التي تعرفها الدولة التي نُصِّب فيها سفيرا في جميع المجالات، أي أن كلمة «لا أعرف» لا يجب أن تُدرج في القاموس المعرفي للسفير، فالأخير أشبه، إلى حد ما، بالصحافي المحقق. كما أن السفير هو ذلك الشخص الذي يتمتع ب»كاريزما» وبداهة قويتين والذي لا يكون سريع الانفعال، خاصة إذا كان في مقابلة خاصة مع أحد رجال الدبلوماسية الذين يستغلون أحيانا هذه النقطة أو يلجؤون أحيانا أخرى، عن قصد، إلى استفزاز الطرف الآخر، لذلك فعلى السفير أن يتعلم كيفية إخفاء الغضب والتريث في كل أمر، بل الأكثر من هذا كله أن يتمتع بقوة الحس التحليلي للخطابات المرتبطة بالشؤون الدبلوماسية.