قبل التنصيب النهائي لحكومة عبد الإله بنكيران ونيل ثقة ممثلي الأمة، وفق مقتضيات الدستور المغربي، تعالت الأصوات مطالبة رئيس الحكومة بالتريث قليلا قبل إجراء تعديل على تشكيلته، بعد أن تبيّنَ ضعف التمثيلية النسائية داخل الفريق الحكومي لم يقتصر مطلب التعديل على المعارضة، بل تجاوز الأمر حدود اللعبة السياسية ومنطق توزيع الأدوار، حيث خرج من «كم» الحكومة نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، وطالب بإجراء تعديل وزاري يعيد «ضمس» كارطة التشكيلة الحكومية من جديد ويدفع بعض الوجوه النسائية إلى مصدر القرار، وعزفت نزهة الصقلي على نفس «الموال» وطالبت عبد الإله بنكيران بإشراك المزيد من النساء في حكومته. وخرج حميد شباط عن النص الاستقلالي وانتقد، في تجمع نسائي، ضعف تمثيلية المرأة في الحكومة الجديدة وطالب، بدوره، بتعديل حكومي مبكّر، إيمانا منه بمبدأ «النهار اللول يْموت المْشّ»، وسط زغاريد بنفَس طويل.. الغريب في النازلة أنه لا أحد من قياديي الأحزاب التي نصّبت نفسها مدافعة عن شؤون المرأة، اقترح استوزار امرأة من حزبه في حكومة بنكيران، وحين تبيّنَ أن بسيمة الحقاوي هي المرأة الوحيدة التي أنقذت الموقف من حالة «الاسترجال» الحكومي، هتف الجميع بالمساواة واشتكوا أمر الإقصاء لقاسم أمين وحرروا بيانات التظلم لنوال السعداوي والزغبي، ومنهم من اعتبروا الوضع أشبه بجاهلية ما قبل الإسلام، حين كان الوأد مصير البنات!.. لم يحتجَّ أحد حين ارتفع عدد البرلمانيات من 34 نائبة محترمة إلى 67، ولم يطالب البرلمانيون بوقف «الزحف النسائي» في مجلس النواب، بل رضوا بقضاء وقدَر الصناديق، دون أن يطالبوا بتعديل تشريعي. لو اقترح أمناء الأحزاب نسوة للاستوزار ووجد بنكيران نفسه أمام إشكالية ضعف التمثيلية الرجالية، لوقعنا في ورطة فقهية حقيقية، تجعل النساء قوّامات على الرجال، ولخرج المجتمع المدني الذكوري إلى الشارع العام، داعيا إلى خلق اتفاقية للقضاء على جميع أشكال «الميز ضد الرجال».. لحسن الحظ أن لدينا وزارة للأسرة التضامن، تكون الملاذ الأفضل للاستوزار النسوي، على غرار المقاربة المغاربية التي «تؤنث» هذه الوزارة، كما هو الحال في تونسوالجزائر. في تونس، هناك مطالب بتعديل حكومي بسبب ضعف تمثيلية النساء، لأنهن لم ينلن سوى ثلاث حقائب: شؤون الأسرة والتخطيط والبيئة. وفي الجزائر، هناك وزيرتان: واحدة للتضامن والأسرة، طبعا، وأخرى للثقافة. وفي ليبيا، هناك حديث عن وزيرات يعوضن حارسات القذافي، «الخشنات». تعرضت المرأة للتنكيل في شخص المنتخب النسوي لكرة القدم، الذي خاض، في نهاية الأسبوع الماضي، مباراة دولية ضد منتخب تونس، دون أن تقوم قناة «الرياضية» بتغطية الحدث، وهو ما اعتبرته نساء الكرة ضربة موجعة للحركة النسائية، حينها تعالت أصوات المجتمع النسوي تطالب بتعديل إعلامي يعامل «الأسود» و«اللبؤات» بمساواة في الحقوق والواجبات. في عالم الكرة، هناك فترة محددة زمنيا تمنح للأندية فرصة تعديل تشكيلتها بضم لاعبين جدد والاستغناء عن آخرين، وهو ما يصطلح عليه في قاموس عشيرة الكرة ب«الميركاتو»، ألا يمكن إسقاط هذه الفكرة على مجتمع السياسة، ويصبح للتعديل الحكومي زمنه الذي يفتح فيه باب الانتدابات لاستقطاب وزراء جدد والاستغناء عن آخرين عجزوا عن مجاراة الإيقاع أو خانتهم اللياقة البدنية والسياسية؟!..