طوى الاستقلاليون كل خلافاتهم خلال اجتماع اللجنة التنفيذية الذي انعقد مساء أول أمس بحضور جميع أعضاء اللجنة، بمن فيهم «الغاضبون» من الأمين العام للحزب عباس الفاسي. وكان لافتا للانتباه، خلال هذا الاجتماع، الاعتذار الذي قدمه الاستقلالي امحمد الخليفة إلى عباس الفاسي في كلمة مطولة استغرقت أكثر من نصف ساعة. وقال الخليفة في هذا الاعتذار إنه لم يهاجم عائلة الفاسي الفهري وإن كل ما نسب إليه بهذا الخصوص لا يعدو أن يكون مجرد سوء فهم حمل المسؤولية عنه للصحف التي نشرت تصريحاته، متسائلا في الوقت نفسه، بصيغة الاستنكار، كيف له أن يهاجم عائلة الفاسي الفهري التي ينتمي إليها. وزاد الخليفة قائلا: «لقد بلغنا من العمر 70 سنة ولا يمكن أن نبدل أصدقاءنا في هذا السن»، في إشارة إلى عباس الفاسي وبعض الغاضبين من تصريحات الخليفة، مثل سعد العلمي وحمدي ولدي الرشيد وقيوح. وأنهي الاستقلاليون اجتماع اللجنة التنفيذية بالاتفاق على عقد دورة استثنائية للمجلس الوطني يوم 4 فبراير القادم لتشكيل اللجنة التحضيرية للمؤتمر ال16 المزمع عقده قبل متم أبريل القادم. وضمن الاستقلاليون خروجا مشرفا لأمينهم العام عباس الفاسي قبل سنة من تاريخ انتهاء مهمته من خلال صيغة أنضجتها الوساطات التي قامت بها مجموعة من الوجوه الاستقلالية من أبرزها حميد شباط، عضو اللجنة التنفيذية والكاتب العام للاتحاد العام للشغالين بالمغرب. وتتلخص الصيغة التي تم الاتفاق عليها بين قياديين، أمثال شباط وحمدي ولد الرشيد وعبد القادر الكيحل، وبين رسل الفاسي المبعوثين إلى الاستقلاليين الغاضبين في إعلانه عن إنهاء مهامه كأمين عام للحزب احتراما لمقتضيات القانون الأساسي للحزب الذي يشترط أحقية الأمين العام للترشح لمنصب الأمانة العامة لولاية ثالثة بتحمله مسؤولية رئاسة الحكومة، مقابل حفظ ماء وجهه بإلحاقه بمجلس الرئاسة إلى جانب زعماء استقلاليين من أمثال امحمد بوستة وامحمد الدويري. وكشفت مصادر استقلالية ل«المساء» أن الفاسي عاد، خلال اجتماع أول أمس الخميس، إلى مطالبة أعضاء اللجنة التنفيذية بضمان خروج مشرف له بالنظر إلى ما بذله في سبيل الحزب طيلة 40 سنة من نضال، وهو المطلب الذي تمت الاستجابة له حفاظا على لحمة الحزب ووحدته. من جهته، شبه عباس الفاسي «التفويض» الذي منح له من قبل اللجنة التنفيذية وبرلمان الحزب في ما يخص تدبير مفاوضات تشكيل الحكومة واختيار وزراء الحزب ب»الجمرة التي رميت في حجره» واكتوى بنارها وحده في ظل طموح جارف لقيادات استقلالية وعدد مقلص للحقائب الوزارية التي عادت إلى الحزب، مؤكدا أنه «غير منزه عن ارتكاب الخطأ، وأنه هو المسؤول ومستعد لتحمل المسؤولية». وواصل الفاسي تقديم دفوعاته بشأن إدارته لملف الاستوزار، مشيرا هذه المرة إلى أنه ضمن اسمي كل من عبد الله البقالي وعبد القادر الكيحل، عضوي اللجنة التنفيذية، في لائحة وزراء الحزب، رغم عدم تقديمهما لأي طلب للاستوزار، بيد أن «الله ما جابش». وفي الوقت الذي اكتفى فيه قيادي استقلالي مقرب من الفاسي بالتأكيد على أن الحزب «دفن الماضي»، اعتبر عادل بنحمزة، عضو اللجنة التنفيذية، أن هذه الأخيرة أفلحت في إيجاد الحلول التي تخدم مصلحة الحزب وتتجاوب وتستجيب لطموح الاستقلاليين في الوحدة، مشيرا، في اتصال أجرته معه «المساء»، إلى أن الأمين العام فضل الالتزام بالقانون الأساسي للحزب من خلال الدعوة إلى التحضير للمؤتمر القادم بعد أن أنهى مهامه على رأس الحكومة السابقة، وهي الدعوة التي لقيت تجاوبا من قبل اللجنة التنفيذية بالدعوة إلى دورة استثنائية لبرلمان الحزب وتشكيل لجنة تحضيرية للمؤتمر». وأضاف: «اختلفنا معه في لحظة من اللحظات، لكن لا يمكن أن ننكر أننا كنا متفقين معه في ما يربو عن 70 في المائة من مساره كأمين عام للحزب». وبتحديد اللجنة التنفيذية لمتم أبريل القادم كموعد للمؤتمر ال16 الذي كان يفترض عقده في سنة 2013، تكون اللجنة قد أعطت إشارة بدء السباق نحو خلافة الفاسي، حيث تفصل مهلة ثلاثة أشهر الاستقلاليين عن مواجهة امتحان اختيار أمين عام جديد يؤكد أكثر من قيادي استقلالي على ضرورة توفر شرط «التوافق» حوله. غير أن طريق الاستقلاليين لاختيار من سيقود الحزب للسنوات القادمة لن تكون سالكة في ظل المنافسة على كرسي الأمين العام التي انطلقت منذ أشهر وقبل الإطاحة بالفاسي.