من قال إن الشواذ في مراكش سواسية أمام القانون؟ ومن قال إن دعارة النساء وصغار البنات بقصور النخيل والملاهي الرديئة هي الأخرى تخضع لمنطق المساواة؟ ذلك ما تفيده أغلب القضايا المماثلة التي تعرض على النيابة العامة بمحكمة مراكش الابتدائية. المدينة الحمراء تحولت من تجمع لقباب الأولياء والصلحاء وبيوت العلماء والتجار إلى أركان صامتة ومظلمة لممارسة رياضة الخلوة الجنسية من منازل الميدنة العتيقة إلى فيلات النخيل الراقية، مرورا بالملاهي الرديئة والمتسخة حتى سراديب العمارات والإقامات السكنية، ومؤخرا بجانب حي الشرطة حيث يقطن أفراد وعائلات الأمن الوطني. أمين ويوسف اللذان لا يتجاوزان 22 سنة يقبعان حاليا في سجن بولمهارز، تتابعهما النيابة العامة بتهمة التحريض على الفساد والتشرد، أما كلود، المهندس المعماري الفرنسي، مع صديقه باتريك فتتابعهما النيابة العامة بتهمة الشذوذ الجنسي، لكن في حالة سراح وهما قابعان في بيتهما المكيف ويتناولان وجباتهما في أفخم مطاعم حي جيليز، ولم لا يصطادان من جديد ضحاياهما من الشبان المغاربة. إنها آخر حالة تعرض على النيابة العامة بمراكش وتبت فيها الغرفة الجنحية بالمحكمة الابتدائية خلال هذا الأسبوع، حتى تحولت القاعدة القانونية المتبعة في قضايا التلبس إلى استثناء خاص بالأجانب، فيوسف وأمين، اللذان كانا يتجولان بجانب حديقة الكتبية قبل أن يغرر بهما كلود وباتريك ليمارسا عليهما الجنس تحت سرداب إقامة الشرطة، يتم اعتقالهما ويخلى سبيل الفرنسيين، وقبلهما كل من ضبطت مع خليجي في قضية دعارة النساء والقاصرات يتم اعتقالها ومتابعة الطرف الآخر في حالة سراح، قبل أن يغادر المغرب بسرعة عن طريق مطار مراكش المنارة. النيابة العامة بمراكش تسيء إلى صورة المغرب والمغاربة، وكأنها تقول للسائح الأجنبي بتمييزها في المسطرة: «تعالى إلى أجمل بلد في العالم بجيوب مملوءة بالعملة الصعبة وكن متيقنا من أن كل شيء في المملكة السعيدة سيكون أسهل مما تظن، أما مدينة يوسف بن تاشفين الذي بنى مراكش ورجلاه في الطين مع عماله وغزا الأندلس وأنقذها أكثر من مرة من السقوط في أيدي الكنسية، فكن على يقين أن لك ما تشتهي بها من صغار بناتها وشبانها، ولك في فيلاتها وقصورها العتيقة وبيوت علمائها وأدبائها ما تشاء من أركان مظلمة للتمتع بتحقيق نزواتك الشاذة، ولا تخشى من ذلك غير التوقير حتى لو اعتقلت، فلن يكون ذلك سوى مسطرة تنتهي بمتابعتك في حالة سراح وأنت هانئ البال، أما المغربي أو المغربية التي ضبطت معك فهي لنا، فأبو المهارز كفيل بها». بمراكش اليوم هناك تشجيع رسمي على السياحة الجنسية، فأغلب الحالات تتم المتابعة فيها وفق مسطرة السراح المؤقت الذي يتيح لصاحبه مغادرة البلاد أو دفع غرامة في أقصى الأحوال بعد الحكم عليه، أما المغاربة المتورطون في هذه القضايا فمصيرهم الحبس النافذ مع الغرامة و»الشوهة» وسوء المعاملة لدى الشرطة، فصورة مراكش التي تهدي أبناءها إلى الشواذ والسحاقيات الأجانب وتكافئ مع ذلك بانتقاء المخطئين صورة وجب قلبها لأنها تسيء إلى شرف مدينة تجر وراءها تاريخا من الفخر والسمو لا يليق بما انبطحت إليه باسم تشجيع السياحة... بعد قتل ما تبقى من الأخلاق.