خرج العشرات من المواطنين في الأحياء الشعبية لمدينة فاس في احتجاجات تلقائية في الصباح الباكر لأول أمس الخميس، بعدما وجدوا أنفسهم «معزولين»، بسبب توقف حافلات النقل الحضري عن العمل. وعاشت الأحياء الشعبية في كل من منطقتي سيدي بوجيدة وباب فتوح بالقرب من فاس العتيقة مسيرات ووقفات تلقائية نددت بالأزمة التي خلقها إضراب وُصِف ب«المفاجئ» لسائقي الوكالة المستقلة للنقل الحضري.
وقالت مصادر نقابية داخل الوكالة ل«المساء» إن مستخدمي الوكالة، من جهتهم، توقفوا عن العمل احتجاجا عن تأخر صرف أجورهم من قبل الوكالة. وقد دام هذا التوقف، الذي أربك المدينة لعدة ساعات. ودفع هذا الوضع إدارة الوكالة وولاية الجهة والجماعة الحضرية إلى التوقيع على مذكرة تفاهم مع ممثلي المستخدمين في الوكالة، أنهت «محنة» العاملين مع أزمة مفتوحة لصرف الأجور.
وتتوفر الوكالة المستقلة للنقل الحضري في فاس على أسطول يضم أزيد من 220 حافلة تشغل أزيد من 30 خطا داخل مدينة فاس، إلى جانب 10 خطوط تؤمّن وجهات مولاي يعقوب وصفرو وكذا الجماعات التابعة لعمالة فاس، كعين البيضا والسخينات وسيدي حرازم. ولا يكفي هذا الأسطول، الذي يعاني جزء منه من التقادم، في تغطية المدينة التي يزداد اتساعها العمراني، فيما تقول تقارير الإدارة إن عددا من الجماعات القروية التي تستفيد من خدماتها لا تؤدي تعهداتها. وكان من المقرر أن ترفع الوكالة من سعر التذاكر، لخلق التوازن، لكن التخوف من ردود فعل مستعمليها دفعها إلى تأجيل الخوض في هذا الملف. وتتحدث التقارير ذاتها عن خسائر تلحق بميزانية الوكالة نتيجة عدم أداء أثمنة التذاكر من قبل عدد من الزبناء في الخطوط التي تربط وسط المدينة بالأحياء الشعبية. وتثقل الموارد البشرية كاهل الوكالة، التي تعاني من «إشباع» في أعداد المُستخدَمين نتيجة التوظيفات التي جرت في السابق دون مراعاة احتياجاتها.
وتعيش الوكالة المستقلة للنقل الحضري على إيقاع أزمة مالية خانقة تعجز معها، بين الفينة والأخرى، عن صرف رواتب المستخدمين. ولم تنفع جل «الوصفات» التي وُصِفت لها في إخراجها من العجز الذي تعاني منه، وهو العجز الذي ظل مديرها الجديد يعرض أهم ملامحه الصادمة في تقاريره أمام المنتخبين في المجلس الإقليمي والمجلس الجماعي، دون جدوى.
وتشير تقارير لمستخدمين في الوكالة إلى وجود اختلالات كبيرة طبعت مسار الوكالة، وشارك في صنعها مسؤولون سابقون ونقابيون كانوا يتربعون على عرش فرع نقابة الاتحاد العام للشغالين فيها لمدة تفوق 20 سنة. وتقدم نقابة الوكالة باعتبارها من أبرز الأذرع النقابية لحزب الاستقلال في المدينة. ووصلت بعض هذه الاختلالات إلى القضاء، لكنْ دون أن يسجل أي تطور في ملفاتها، ومنها ملف يتعلق بودادية سكنية لفائدة المُستخدَمين بفي منطقة واد فاس.
ويشار إلى وجود تلاعبات في أموالها وتفويتات قِطع فيها وعدم احترام تصميمها وإقصاء عدد من المستخدمين من الاستفادة من بقعها مقابل استفادة غرباء علىالقطاع.