تجدد الجدل في مصر في الآونة الأخيرة حول الوجود الشيعي ورغبة الشيعة المصريين في إنشاء حزب سياسي، بعد مبادرة السلفيين بإنشاء حزب «النور» الذي شاركوا به في الانتخابات الأخيرة. وجاء تجدد النقاش في الأسبوع الماضي على إثر المشاحنات التي انطلقت قبل شهرين بعد زيارة قام بها الشيخ علاء ماضي أبو العزايم، شيخ مشايخ الطريقة العزمية الصوفية، لإيران بصحبة ثلاثين شخصا من شيوخ الطرق في مصر، إذ وجه آنذاك اتهام إلى علاء ماضي بتلقي تمويل إيراني من أجل فتح جبهة للشيعة في مصر، وتمويل إنشاء حزب سياسي باسم «حزب التحرير»، الذي تم رفض الترخيص بتأسيسه. ووجه السلفيون اتهامات إلى الشخصيات الصوفية التي تقدمت بطلب التأسيس بكونهم تابعين لطهران وأنهم يريدون أن يكون الحزب واجهة لنشر التشيع في مصر. وقال الدكتور عبد الهادي القصبي، رئيس المجلس الأعلى للطرق الصوفية، إنه لا يوجد أي حزب يمثل الصوفيين في مصر، وإن الحزب الذي يزعم تمثيلهم بعض مؤسسيه من الصوفية المتشيعين ولديهم علاقات وثيقة بإيران، وأضاف بأن الدليل على ذلك هي أفكار علاء أبو العزايم شيخ الطريقة العزمية والموثقة على الموقع الالكتروني للطريقة وفي المجلة التي تصدر باسمها، مشيرا إلى أن هذا الأخير يقوم سنويا بدعوة السفير الإيراني لاحتفال ذكرى مولد السيدة فاطمة الزهراء ويزور إيران دائما بدعوات رسمية، كما أن من بين المؤسسين أيضا أحمد راسم النفيس وهو من مشاهير المتشيعين المصريين. وجاءت هذه الاتهامات لشيخ الطريقة العزمية بعد عدة معلومات قالت السلطات المصرية إنها تتوفر عليها بشأن وجود مخططات سرية لنشر المذهب الشيعي في مصر، وبشأن وجود تنظيمات غير علنية تروج للمذهب الإمامي الإثني عشري تعمل لحساب إيران الشيعية، وتتزعمها عناصر صوفية. وتزامن ذلك مع الكشف عن تنظيم شيعي جديد يحمل اسم «الحرس الثوري المصري» على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، يتخذ من مرشد إيران علي خامنائي ملهما له. ووضع التنظيم على صور صفحات أعضائه الخاصة صورة تحمل العلم الإيراني، غيرت ألوانه لتتطابق مع العلم المصري، حيث تم رفع نسر الجمهورية من داخل العلم المصري ووضع صورة علي خامنئي مكانه. واستنكر علماء دين ومفكرون مصريون المحاولات المستمرة لنشر المذهب الشيعي في مصر، مؤكدين الوقوف في وجه المد الشيعي الذي يتوارى خلف ظواهر بدأت تنتشر في بعض المناطق، معتبرين أن ظهورها في هذا التوقيت يهدف إلى تفتيت الأمة الإسلامية تحت غطاء يحمي أهدافها الطائفية وأوهامها المذهبية وتوسعاتها الإقليمية. ودخل على الخط الدكتور محمد سليم العوا، المفكر المعروف والمرشح لرئاسة الجمهورية، حيث صرح بأنه لا يوافق على نشر المذهب الشيعي بمصر وعلى إنشاء حزب شيعي، وردا على بعض المواقف التي تقول بأن جامع الأزهر أسسه الفاطميون الشيعة قال العوا إن ذلك صحيح ولكن الأزهر بعد 200 سنة تحول إلى جامع سني. وكان بيان صادر عن مشيخة الأزهر قبل ثلاثة أسابيع قد انتقد المد الشيعي والظواهر التي بدأت تطل على مصر لنشر الفكر الشيعي بها، وقال البيان «إنه لن يسمح قَط في يوم من الأيام باصطناع النزعات التي تتخذ التشيع المزعوم لآل البيت غطاء يحمي أهدافها الطائفية وأوهامها المذهبية وتوسعاتها الإقليمية، وتدعي المحبة لآل البيت». وأضاف البيان: «إن الأزهر الشريف وقد أزعجته الظواهر الغريبة التي أخذت تطل برأسها وتتجرأ على اقتحام المساجد والعبث بحرمتها، يعلن من جديد ضرورة اعتزاز الشعب المصري، والمسلمين في مصر بوحدة نسيجهم الديني وتمسكهم - على مدار تاريخهم - بمذهب أهل السنة والجماعة، المذهب الذي عاشوا في ظله وتمسكوا بعقيدته السمحة، وفكره الوسطي الذي لا يقدس الأشخاص ولا يعترف بالعصمة إلا للأنبياء وحدهم». وتقدر بعض المصادر عدد الشيعة في مصر بنحو 8 ملايين شخص، بينهم حوالي 800 ألف شخص قدموا من العراق بعد الحرب، وكان هؤلاء قد طالبوا بإنشاء حسينية لهم وبناء مسجد شيعي خاص بهم، وعلى إثر ذلك أغلقت السلطات المصرية هيئة رعاية آل البيت في القاهرة، وتم اعتقال رئيس الطائفة الشيعية محمد الدريني مرتين بسبب تصريحاته. ويرى البعض أن الشيعة وجدوا في مرحلة ما بعد الثورة فرصة لإظهار أنفسهم، ويؤكد هؤلاء على أن الشيعة يتخفون وراء الصوفية في مصر من أجل نشر مذهبهم، محذرين من أن يتحول الصوفية الذين يصل عددهم إلى حوالي 20 مليون شخص إلى وسيلة للاختراق الشيعي.