الظاهر أن على المغاربة بعد تنصيب حكومة معالي السيد بنكيران، رئيس الحكومة الجديد، أن يغيروا لقبها، الذي أطلقوه عليها منذ أول يوم بتسميتها الحكومة «الملتحية»، ويعوضوه بالحكومة «المُذكرة».إذ يبدو جليا بعد الآن أن الأحزاب الأربعة المشكلة للأغلبية الجديدة التي ستدير شؤون البلاد للخمس سنوات القادمة لازالت تؤمن بأن «عز لمرة دارها وعز الخيل مرابطها»، في وقت كان الجميع ينتظر من هؤلاء الذين وعدوا الشعب بالتغيير أن يغيروا على الأقل هذا المثل الشعبي المغربي حتى يصبح «عز لمرة وزارتها» وليس دارها أو «كوزينتها». ومباشرة بعد رفع ستار السرية التي كانت تحيط بأسماء التشكيلة الحكومية واطلاع المغاربة على اسم السيدة بسيمة الحقاوي، كوزيرة وحيدة ضمن حكومة مغرب ما بعد الربيع العربي وما بعد الدستور الجديد، اتضح جليا أن من أشرفوا على اقتراح الأسماء الوزارية من داخل مطبخ الأحزاب الأربعة المشكلة للتحالف الحكومي وأعدوا اللائحة النهائية للحكومة الثلاثين في تاريخ المغرب، يؤمنون حق الإيمان بتطبيق مدونة الأسرة في بيت الحكومة بعدما أصبح المغاربة مقيدين بفصولها في بيوتهم.هكذا يقولون لنا: انظروا.. إنها حكومة الإسلاميين ومع ذلك نحن ضد تعدد الوزيرات تماما كما يلتزم باقي المواطنين بعدم تعدد الزوجات. يبدو أيضا أن بنكيران كان عليه، وفق ذلك، أن يأخذ موافقة مكتوبة من قبل السيدة بسيمة الحقاوي لو أراد أن يضيف وزيرات أخريات إلى بيت الحكومة كما تنص على ذلك مدونة الأسرة، لكن تعمد الأغلبية أن تكون في بيت الحكومة وزيرة واحدة يوضح بأن الحكومة المُذكرة أو الذُكُورية لازالت تخشى المرأة ولازال أعضاؤها يتشبثون بما كان أجدادنا في بداية القرن الماضي يصفون به المرأة بقولهم المأثور: «النسا جواهر وقواهر»، فوزراؤنا وأغلبيتنا الحكومية يُصَبِرُون النساء اللائي لم يحصلن على حقيبة وزارية في حكومتهم بمقولة: «اللي ما قدرات تكون نجمة في السما تكون شمعة في الدار». هكذا نفهم بأن تجنب الأغلبية الذكورية، التي تشكل الحكومة الثلاثين في تاريخ بلادنا، إقحام وزيرات ضمن تشكيلتها يعني كأنهم يريدون الابتعاد عن «القهرة» التي عادة ما توصف بها المرأة في مجتمعنا، وحتى المسكينة بسيمة الحقاوي، التي ضموها إليهم «غير بالصواب» زاحموها حتى لما أراد وزراؤنا الجدد أخذ صورة تذكارية مع عاهل البلاد بعد أدائهم القسم، فلم يتجرأ أو يتشجع أي وزير، بمن فيهم رئيس الحكومة، بأن يدعو الوزيرة الوحيدة إلى أخذ مكانها في الصف الأمامي على الأقل احتراما لها ولوحدانيتها وسط حكومة ذكورية وملتحية في آن واحد. والظاهر أن «الصواب» الفرنسي الذي يقول: «النساء أولا» لا يجد مكانته عندنا، خاصة لما تكون الكاميرا «شاعلة» والكل يتزاحم أمامها ليكون ظاهرا في صورة ستبقى حاضرة في ذاكرة التاريخ. لكن الأكيد أن التاريخ الذي يعد الكاميرا الأولى والوحيدة في البشرية، التي تعمل بدون توقف وبلا بطارية وبلا مصور يقف من الخلف ويتحكم في المشاهد، سيسجل على هذه الحكومة ذكوريتها، ليس في ضمها وزيرة وحيدة، بل حتى في جعل هذه الشمعة الأنثوية التي تضيء وسط باقي الذكور تختفي وسط الأكتاف الوزارية الرجالية، حتى وهم يأخذون صورة تذكارية مع الملك ولا أحد فيهم انزعج ولا فكر أو انشغل باله كيف سيقنع المغاربة بخيار تمثيلية نسائية واحدة وسط 31 وزيرا، في منظر شبيه بما اكتفى به الفرن في إجابته لجماعة من الناس لما سألوه «منين جاتك العافية؟» فقال ليهم: «من فمي». هناك أشياء في الحياة تعفينا من طرح الأسئلة، وحالة حكومتنا التي اكتفت بوضع وردة مؤنثة واحدة وسط الشوك في مزهرية حكومة تعد الشعب بالتغيير، كأنهم يتجنبون مزيدا من البصل في مطبخ الحكومة تشبها بالمثل الدنماركي القائل: «البصل والنساء يبكيان».