الشقيقة أو الصداع النصفي، كما يسميه البعض، مرض معروف منذ زمن طويل، وهو نوع من أنواع صداع الرأس وآلامه، لكنه يتميز ببعض المعايير التي تميزه عن غيره. والشقيقة اضطراب شائع، إذ يعاني منه حسب بعض الإحصائيات خمس المواطنين (أي واحد من كل خمسة أشخاص). ويبدأ عادة في سن مبكرة، بعد البلوغ مباشرة أحيانا ويكثر بين سن الثلاثين والأربعين. وتشير بعض الدراسات إلى أن النساء تعاني منه أكثر من الرجال قبل سن اليأس. أما سبب المرض المباشر فلا يزال مجهولا، لكن آراء المتخصصين تتجه إلى بعض العوامل التي تساعد على ظهوره. فمن ذلك عامل الوراثة الذي يبدو عاملا مهيئا. والأبحاث جارية لتحديد الكروموزوم المسؤول ونوع التشوه الذي يعانيه. وقد تكون الشقيقة مرتبطة باضطراب نفسي معين، وخصوصا الاكتئاب المقنع. وعند النساء، قد يكون للتقلبات الهرمونية المرتبطة بالحيض وتناول أقراص منع الحمل دور في ظهور أو زيادة النوبات. وأخيرا تساهم عدة عوامل نفسية (القلق والتعرض للضغوط المرهقة) وصحية عامة واضطرابات في نظام الحياة (قلة النوم) والنظام الغذائي (تناول الكحول والتدخين...) وغيرها في زيادة خطر التعرض للشقيقة أو في زيادة حدتها. يبدأ علاج الشقيقة بمعرفة السبب المباشر إن وجد، والبحث عن العوامل التي تساهم في ظهور نوباتها. وعلى المريض تجنب تلك العوامل، والتزام حياة هادئة ما أمكن. وتتلخص الأدوية المعالجة في نوعين: أدوية تعالج النوبة الحادة، وأخرى بمثابة علاج جذري للشقيقة. أما علاج النوبة الحادة فيتم عن طريق مضادات الالتهاب والآلام المعروفة، مفردة أحيانا ومجتمعة أحيانا أخرى على حسب استجابة المريض، لكن هذه الأدوية تؤدي إلى التخفيف في حوالي 80% من تلك النوبات الحادة. ويبدو أن الجمع بين الأسبرين والميتوكلوبراميد Metoclopramide هو نموذج حسن في هذا المجال. وهناك أدوية أخرى يوصى بوصفها في الحالات التي لا تتحسن بالعلاجات المتداولة. إن علاج النوبة الحادة هذا يؤدي إلى تحسن سريع عادة، ربما في دقائق معدودة، وقليلا ما لا يتم إلا بعد ساعتين من الوقت. أما العلاج الجذري للمرض، وهو علاج يقي من تكرر النوبات وعودتها. ولدينا اليوم أكثر من 14 مادة تستعمل في هذا المجال. لكن يجب أن نعرف أن كل مريض قد يستجيب لعلاج مختلف عن علاج مريض آخر، وعادة ما يجرب الطبيب المواد الواحدة تلو الأخرى إلى أن يوفق إلى النوع الملائم لمريضه. نخلص مما قلناه بالتأكيد على أن العلاج شطران: شطر من مسؤولية المريض، هو التعرف على العوامل المسببة أو التي تزيد من خطر المرض، فيتجنبها، وشطر من مسؤولية الطبيب، هو أن يجد بعد البحث والمحاولة الدواء الأصلح للمريض.