شق استقلاليون عصا الطاعة على عباس الفاسي، الأمين العام للحزب، ودعوا على عجل إلى اجتماع استثنائي للجنة التنفيذية للحزب دون علمه احتجاجا على الكيفية التي أدار بها مسلسل المفاوضات مع عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة المعين. وجاءت هذه التحركات، التي يقودها كل من حميد شباط وعبد الله البقالي، بعد أن رفض عباس الفاسي عقد هذا الاجتماع خلال اتصال هاتفي له مع شباط أول أمس، وهو الاتصال الذي أخبر فيه عباس شباط بأن كلا من عبد القادر الكيحل وكنزة الغالي (المحسوبين على شباط) تم حذف اسميهما من لائحة الاستوزار، فيما كان رد شباط أن الأمر يفرض ضرورة عقد اجتماع اللجنة التنفيذية للحديث في مثل هذه الأمور، غير أن عباس رفض اقتراح شباط وانتهت المكالمة الهاتفية بين الرجلين في أجواء متوترة. وتوقعت مصادر من اللجنة التنفيذية أن يكون هذا الاجتماع ساخنا، خاصة في ظل إصرار الغاضبين على محاسبة الفاسي على تدبيره لمفاوضات تشكيل الحكومة وتهربه من عقدها لأسباب غير معروفة. وذكر مصدر استقلالي أن الفاسي لم يكلف نفسه عناء إبلاغ مرشحي الحزب المستبعدين من الاستوزار جراء التحفظات التي أبداها القصر عليهم، وهو ما خلف استياء عارما في صفوف أولئك المرشحين، فيما سارع إلى إخبار أسماء جديدة باستوزارها، ومنها عبد اللطيف بنعزوز ومحمد الوفا، السفير السابق في البرازيل، الذي ينتظر أن تسند إليه وزارة التربية الوطنية بعد الاعتراض على كنزة الغالي. وتضمنت اللائحة، التي تقدم بها الفاسي خلال مفاوضات الساعات الأخيرة مع بنكيران، كلا من يوسف العمراني، الكاتب العام لوزارة الخارجية السابق، والأمين العام للاتحاد من أجل المتوسط، الذي سيضطلع بمهمة وزير منتدب لدى وزير الخارجية. وفضلا عن العمراني، الذي كان قد مر من الاتحاد العام لطلبة المغرب في السبعينيات من القرن الماضي، قبل أن تنقطع علاقته بحزب الاستقلال إثر تحوله إلى رجل دولة وتدرجه في دواليب وزارة الخارجية، يبرز اسم السفير محمد الوفا، الذي غاب لمدة 12 سنة عن الحزب كمرشح للاستوزار في حقيبة التعليم المدرسي، والوزير السابق عبد اللطيف معزوز، الذي شكل استوزاره في قطاع الجالية مفاجأة كبرى في الأوساط الاستقلالية، بالنظر إلى تواضع أدائه في التجربة الحكومية السابقة، وفؤاد الدويري، الذي فسحت له قرابته من القيادي الاستقلالي امحمد الدويري، المجال للإشراف على قطاع الطاقة والمعادن، ونزار البركة، صهر الفاسي، في المالية والاقتصاد. وفيما احتفظ عبد الصمد قيوح بحقيبة الصناعة التقليدية، «تكردع» حمدي ولد الرشيد، بعد أن أطاحت به تحفظات القصر. وخلفت اللائحة النهائية لمستوزري الاستقلال استياء داخل الحزب، إذ أبدت مصادر استقلالية حنقها من استوزار أسماء قالت إن ما يجمعها بالحزب هو «ريحة الشحمة في الشاقور»، في حين قال عبد الله البقالي، عضو اللجنة التنفيذية ل»المساء»:»سنفاجأ بأسماء لا تربطهم بالحزب إلا شعرة معاوية»، مؤكدا أن «التفويض يعني احترام المؤسسات والعودة إلى اللجنة التنفيذية لإطلاعها على نتائج المفاوضات مع رئيس الحكومة». إلى ذلك، يبدو أن ما تبقى من أشهر لولاية الفاسي على رأس الحزب لن تمر بردا وسلاما في ظل التداعيات المرتقبة لتدبيره الاستوزار على البيت الاستقلالي. وحسب قيادي من الحزب، فإن غضب الاستقلاليين يتزايد يوما بعد آخر، خاصة بعد أن خرج الأمين العام، الذي فوض له تدبير مفاوضات تشكيل الحكومة، بحقائب لا تناسب وزن الحزب الانتخابي والسياسي، وضياع وزارة التجهيز التي لم تخرج من يد الاستقلاليين منذ محمد الدويري، رغم أن الفاسي أًعلن خلال اجتماع اللجنة التنفيذية قبل نحو أسبوعين، بأنه سيتمسك بها ولن يقبل بوزارة الفلاحة والصيد البحري.