منذ أول ديربي في تاريخ الغريمين التقليديين الرجاء والوداد، بدأ الجمهور البيضاوي يتداول مخلفات المواجهة وينسج حكايات طريفة تخرج المباراة من دائرة النزاع الجاد الذي يختزل الديربي في معركتين سنويتين أو أكثر في أول مباراة بين الفريقين حدثت مفاجأة من العيار الثقيل، فقد انتهت المواجهة بفوز الرجاء بهدف لصفر، سجله اللاعب الوجدي ضد مجرى التوقعات في مرمى الحارس الدولي رفقي الملقب بالصوبيس، كناية على جبروته وسكوته، قبل أن ينهي حياته في فرقة أمنية تتعقب السياسيين. الغريب في أمر هذا الهدف أن مسجله الوجدي والحارس رفقي صديقان حميمان يقطنان في نفس الحي، أي درب الشرفا، وتقول الروايات إن رفقي والوجدي حلا سويا بملعب فيليب قبل المباراة، لكن الهدف فرق بينهما وجمد علاقتهما لمدة أسبوع كامل. كان مشهد المدربين في الديربي مثيرا للشفقة، حين يجلس كل منهما لوحده على دكة الاحتياط دون بدلاء لأن قوانين اللعبة حينها لم تكن تعترف بالاحتياطيين، بل إن الانتدابات كانت تهم الرسميين فقط، ولا تتقيد بميركاطو شتوي أو صيفي، أما خطط المدربين فتتم بإشارات من المدربين، فحين تميل قبعة المدرب الأب جيكو إلى الوراء يتراجع لاعبو الرجاء إلى الوراء استنادا إلى إشارة دفاعية متفق عليها سلفا. العلاقات الرجاوية الودادية ظلت حاضرة خاصة في أوساط اللاعبين، الذين تفرقهم المباريات وتجمعهم الجلسات المسائية، بل إن اللاعبين الأشد شعورا بالإحراج هم الذين يقطنون في معاقل خصومهم، كالرجاويين الذين يسكنون أحياء المدينة القديمة، أو الرجاويين القاطنين لأحياء درب السلطان، بل إن خسارة الفريق تجعل اللاعب ينتظر إسدال الليل لستائره كي يتسلل إلى بيته تفاديا لتعاليق الجيران. وشهدت أول عملية مقايضة بين الوداد والرجاء سنة 1973، والتي انتقل إثرها لاعب الوداد عبد العزيز أنيني إلى الرجاء مقابل ضم الوداد للاعب الوسط الرجاوي عزالدين عبد الرفيع بعد أن ظل هذا الأخير خارج حسابات المدرب الأب جيكو، مفارقة غريبة ذلك أن أول مباراة للوداد كانت ضد الراك، وتمكن خلالها عز الدين القادم من الرجاء تسجيل هدف جميل، في نفس الدورة كان الرجاء واجه شباب المحمدية في لقاء سجل فيه أنيني المنتقل من الوداد إلى الرجاء هدفا جميلا كان بمثابة شهادة حسن الأداء. ومن أكثر المواقف تعبيرا عن الانتماء، إصرار لاعب الرجاء البيضاوي بيتشو على تغيير ملابسه في مستودع ملابس الرجاء البيضاوي، وحين ينهي حصته التدريبية يركض صوب ملعب الخضر ليستحم بالماء البارد ويمتطي دراجته النارية ويعود إلى درب كرلوطي رفقة بينيني رفيق دربه الذي اعتزل الكرة بمجرد انضمام بيتشو للوداد. طرائف الديربي تجاوزت حدود المنطق في مدرجات الملعب، ووصلت إلى حد تشكيك مشجع ودادي يدعى الصولدا في نزاهة الأمن وحياده، إذ قال أثناء جلسة محاكمته في أحداث شغب أمام القاضي، «لقد اعترفت تحت الضرب واعترفت ببيع الشهب النارية لأن المحقق كان رجاويا حتى النخاع»، اهتزت قاعة المحكمة التي كانت ممتلئة بالرجاويين والوداديين، ولم يجد كاتب الضبط بدا من تدوين أقاويل أكبر مشجعي الوداد الذي خرج سالما من مقلب كاميرا خفية حاول معدها إغراءه بمبلغ مالي كبير مقابل ترديد عبارة «ديما رجا». لكن أشد المواقف طرافة هو تنوع الانتماءات داخل أسرة واحدة، كما هو شأن كثير من العائلات البيضاوية التي تضم في تشكيلتها فاعلين وداديين ورجاويين يتعايشون بصعوبة، أمثال أسرة الزاوي وبودريقة والزهواني، بل إن بعض اللاعبين ارتبطوا بعلاقات مصاهرة فيما بينهم دون أن تكون لآصرة القرابة القدرة على الحد من الصراع.