تفتح صحيفة، أو تستمتع لإذاعة، أو تتابع تصريحات صحفية متلفزة، فتشدك اللازمة التالية، «مروان بناني، رئيس المغرب الفاسي لكرة القدم يصرف على الفريق من ماله الخاص»، حينما تتردد هذه اللازمة، يكتفي بناني بالصمت، ثم يطلق ابتسامته. أما عندما «نستنطق» الواقع، فسنجد أن «الماص» الذي توج بلقبي الاتحاد الإفريقي وكأس العرش، ويرغب في المنافسة على لقب البطولة ويتأهب لخوض نهائي الكأس الممتازة أمام الترجي التونسي يعيش أزمة مادية خانقة، من أبرز عناوينها توصل بعض لاعبيه بشيكات بدون رصيد، أو بأخطاء في توقيع الشيكات، وعدم حصولهم على رواتبهم في الثلاثة أشهر الأخيرة، إضافة إلى منحتي الفوز بلقبي الكاف وكأس العرش. وعندما تتابع مسار الفريق عن قرب ستجد أن «الماص» قبل مباراته أمس أمام النادي المكناسي لم يجد ملعبا ليتدرب فوق أرضيته، وأن المدرب رشيد الطوسي اضطر إلى إلغاء الحصة والاكتفاء ببرمجة حصة للتدليك. ولقد كان مثيرا للانتباه أن عددا من مدعمي «الماص» أصروا على تسليم المكافآت المالية للاعبين مباشرة في الحفلات التي نظموها دون أن تمر عبر بوابة المكتب المسير، أليس في ذلك إشارة عدم ثقة من المدعمين لمسيري الفريق؟ يستحق لاعبو «الماص» تحية خاصة وإشادة بما قدموه، فرغم عدم توصلهم بمستحقاتهم المالية طيلة مشاركتهم في منافستي «الكاف» وكأس العرش، إلا أنا أيا منهم لم يطالب بمستحقاته المادية العالقة، بل حافظوا على تركيزهم وأبانوا عن احترافية عالية، توجتهم أبطالا لإفريقيا وسجلت اسمهم بمداد من ذهب في سجلات الكرة الإفريقية. ويحسب للمدرب الطوسي أنه نجح في الحفاظ على «لحمة» الفريق، وفي أن يحتضن جميع اللاعبين، لكن خلف هذه الصورة الجميلة التي تركها لاعبو «الماص» لدى المتتبعين، فإن جزءا كبير من المكتب المسير للماص، أظهر أن الحس الاحترافي الذي تمتع به اللاعبون كان مفتقدا لديهم، فقد كانوا يقدمون صورة مغلوطة عن وضعية الفريق المالية، بل ويقدمون الرئيس مروان بناني كما لو أنه المنقذ، ومبعوث العناية الإلهية الذي جاء ليخلص الماص، والذي لايمكن أن يخطئ ! ليس هناك رئيس لفريق لكرة القدم في المغرب، يصرف من ماله الخاص، هذه واحدة من المغالطات التي يتم ترويجها، ففرق البطولة «الاحترافية» تعطي للمسيرين السمعة وتسوق أسماءهم وتقربهم من الإعلام، وتسمح لهم بنسج شبكة علاقات قوية تساعدهم على إنشاء مشاريعهم الخاصة، ودعمها، بل إن البعض يخلط حسابات شركته مع الحسابات المالية للفريق. إذا كان هناك رئيس مستعد ليصرف من ماله الخاص، فليتولى رئاسة فريق من الهواة. ما يحدث في «الماص» هو دليل إضافي، على أن الكرة في المغرب، ليست إلا وسيلة لتلميع صورة بعض المسيرين.