رغم أنه لم تمض إلا 12 دورة من أول بطولة «احترافية» لكرة القدم، في الدوري المغربي، إلا أن الملاحظ أن الفاعلين الأساسيين في اللعبة، من مسيرين ولاعبين ومدربين، مازالوا متشبعين بفكر هاو يجر الكرة المغربية إلى الخلف، بدل أن يمضي بها إلى الأمام. الجامعة يبدو أنها تسير بسرعتين مختلفتين، فهناك قضايا وملفات يتم الحسم فيها بسرعة فائقة، بينما أخرى يتم إدخالها أدراج النسيان، كما هو حال مستحقات بعض اللاعبين العالقة في ذمة الفرق، وكما هو حال الكثير من الملفات التي تم فيها توزيع الاتهامات على هذا الطرف أو ذاك دون دليل، ووصل الأمر إلى اتهامات بالبيع والشراء. الجامعة أيضا تنشد «الاحتراف»، وتطبيق القانون، لكنها إلى اليوم لم تعقد جمعها العام، رغم أنها ألزمت الفرق باحترام دفتر التحملات حتى تحصل على رخصة المشاركة في أول بطولة «احترافية». مسيرو بعض الفرق باتوا يعتقدون أن الأخيرة باتت ملكا لهم، فعدد من الرؤساء يتصرفون بدون حسيب أو رقيب، فيهم الرئيس والإداري والمدرب، إنهم مفرد بصيغة الجمع، بل إن خيال البعض ذهب به إلى اتباع سياسة التوريث الكروي، دون أن يدركوا أن التوريث أطاح بأنطمة مبارك مصر وبن علي تونس وصالح اليمن، ففي الوداد لا يوجد الرئيس فقط على رأس هرم التسيير، بل إن ابنه هو المسؤول عن الفريق الأول، وله عضوية كاملة في المكتب المسير. في المغرب التطواني، لم يكتف الرئيس عبد المالك أبرون برئاسة الفريق فقط، بل إن اثنين من أبنائه وأحد أصهاره هم ضمن المكتب المسير، ليتحول المغرب التطواني إلى فريق للعائلة، بدل أن يكون فريقا لمدينة تطوان العريقة. في النادي القنيطري، يبدو التوريث الكروي حاضرا في شخص حكيم دومو. أما غريبة الغرائب، فهي حين يشهر بعض الرؤساء استقالاتهم، ويؤكدون رحيلهم، قبل أن يتبين في الغد أن»الاستقالة» لم تكن إلا تمديدا لمقامهم في الفريق، بدل أن تعجل برحيلهم. المدربون، يمارسون لعبة «الكراسي الموسيقية»، ينتقلون من فريق إلى آخر في لمح البصر، مما يؤكد أن هدف عدد منهم هو الحصول على راتب شهري، حتى لو غابت ظروف العمل، ولم تكن هناك أية استراتيجية أو أهداف مرسومة بدقة. يكفي الاطلاع على سبورة الترتيب ليتبين أن الفرق التي يتناوب عليها المدربون تحتل المراكز الأخيرة. اللاعبون بدل أن يتقيدوا بضوابط الاحتراف، ويقبلوا قرارات مدربيهم، فإنهم يسعون للعب بشكل أساسي، ضدا على اختيارات المدرب. في النهاية، «الاحتراف» ليس إلا نقطة انطلاق، أما الاحتراف الحقيقي فهو عندما تتغير العقليات التي تدير الكرة المغربية.