كان الخطيب حسب مقربيه، كثير الاستشارة مع مسؤولين كبار في الدولة حول قضية إدماج إسلاميي التوحيد والإصلاح في حزبه، ومنهم ابن أخته الجنرال حسني بن سليمان، والراحل مصطفى بن عثمان، المسؤول الكبير المتقاعد في الاستعلامات العامة. لكن في مقابل هذه الوساطات، كما يروي مصطفى الرميد، القيادي في حزب العدالة والتنمية، كيف أن الحسن الثاني كان يستعد لقبول فكرة إدماج الإسلاميين في الحياة السياسية. ففي سنة 1994 اتصل إدريس البصري، وزير الداخلية الراحل، بالرميد وأخبره بأنه يرغب في فهم تصورات ومواقف الحركة الإسلامية المغربية. كانت هناك إشارات، يقول الرميد، إلى أن الدولة مستعدة للنظر في صيغة ملائمة لعمل الحركة الإسلامية المعتدلة. وكان البصري يسأل عن مواقف الإسلاميين من النظام الملكي ومن الديمقراطية، وتوالت اللقاءات بين الطرفين إلى أن طلب البصري من الرميد أن يعد له تقريرا حول "مسار الحركة الإسلامية المغربية". وتولى الرميد تنسيق صياغة التقرير بالاتصال مع جميع الحركات الإسلامية التي وافقت باستثناء العدل والإحسان التي اعتبرت أن "كتابة أي تقرير في هذه المرحلة يعد بمثابة تفاوض مع الدولة"، إلا أن الجماعة أبلغت الرميد أن العدل والإحسان تثق فيه، وهو ما اعتبر بمثابة تفويض له. قدم الرميد التقرير إلى إدريس البصري، وفي نفس الوقت قام بنشره على صفحات جريدته "الصحوة". ويقول الرميد ل"المساء" إن ذلك التقرير كان عبارة عن "أفكار واضحة من أجل أن تفهم الدولة تصورات الحركة الإسلامية". وأضاف: "قمنا بنشر التقرير الذي هو عبارة عن مقالة علمية سياسية حتى يعلمه الجميع وحتى لا يقال إن لدينا وجهين، وجه ظاهر نخاطب به الناس وآخر خفي نخاطب به السلطة". وعندما تم إعفاء إدريس البصري من منصبه سنة 1999، التقى الرميد به فسأله عن خلفيات تلك اللقاءات التي عقدها معه وملابساتها، فأجاب البصري بأن الراحل الحسن الثاني هو الذي كلفه بأن يقدم إليه معطيات عن الحركات الإسلامية المغربية. وقال له البصري إنه عندما تحدث إلى الحسن الثاني حول مشاركة الإسلاميين، وجه الملك إليه سؤالا واحدا هو: "كم من المقاعد سيحصلون عليها في حالة مشاركتهم في الانتخابات؟"، فأجابه البصري بأنهم سيحصلون على "ما بين 10 و14 مقعدا"، فأذن له بمشاركة الإسلاميين. هذا المسار تزامن مع قبول الخطيب انخراط جماعة عبد الإله بن كيران في حزب الحركة الشعبية، فاعتبرت الدولة هذا مخرجا مناسبا، وطريقة مقبولة لحل إشكالية السماح للإسلاميين بالعمل السياسي. هكذا، مهدت الوساطات الطريق لقبول الخطيب لاندماج الإسلاميين في الحزب مشترطا عليهم الالتزام بثلاثة شروط: أولها الاعتراف بالملكية وإمارة المؤمنين، وثانيها الدفاع عن مغربية الصحراء، وثالثها نبذ العنف. كما اشترط حفظ مكانة الأعضاء القدماء في الحزب. وفي سنة 1996، عقد الحزب مؤتمرا استثنائيا لتمكين القيادات الإسلامية من العضوية في أمانته العامة، وفي هذه الفترة، كانت الحركة الإسلامية تدبر مشروعا اندماجيا بين فصيلين هما حركة الإصلاح والتجديد (كانت تصدر جريدة "الإصلاح" ثم "الراية") ورابطة المستقبل الإسلامي (كانت تصدر جريدة "الصحوة")، وقد توجت هذه الجهود بالإعلان عن تنظيم جديد يضم الفصيلين هو "حركة التوحيد والإصلاح" بقيادة الدكتور أحمد الريسوني. وهكذا انخرط معظم هؤلاء في تجربة الحزب الذي تم إحياؤه وتم تغيير اسمه إلى حزب العدالة والتنمية.